الشرق الأوسط ثمة فنادق ودور ضيافة في مراكش تجر وراءها تاريخاً غنياً، يختصر جانباً من تاريخ “المدينة الحمراء” عاصمة السياحة في المغرب، منها فندق “المامونية” و”المنزل العربي”، على سبيل المثال. فالأول، حديقة تحولت إلى فندق تعلق به مشاهير العالم على امتداد القرن الماضي، قبل أن يدخل في عملية ترميم واسعة، مع بداية القرن الحالي. والثاني، دار عتيقة تحولت إلى دار ضيافة يسعد سياح المدينة وكثير من مشاهير العالم بالنزول في غرفها وأجنحتها، التي أخذت أسماء تبدو كما لو أنها خرجت من عوالم ألف وليلة وليلة، من قبيل “شمس” و”بدر”، مثلاً. وإلى جانب مثل هذه النماذج من الفنادق، هناك إقامات أخرى، جاءت لترافق تطور المدينة وتوسعها، نذكر، منها فنادق “المنصور الذهبي” و”أطلس مدينة” و”السعدي” و”غولف بالموري بالاس” و”سوفياتيل” و”كنزي”، في انتظار أن تفتح فنادق أخرى أبوابها، مثل “فور سيزون” و”جواهر”.

ولعل أجمل شيء في فنادق مراكش أن لكل واحد منها خاصية تميزه عن باقي الفنادق. ومن بين كل هذه الفنادق يبقى فندق “السعدي” خاصية التميز كفندق طور خدماته باستمرار، لكن، وفق تصور خاص، مختلف عن بعض الفنادق الأخرى. ويقع فندق “السعدي” في الحي الشتوي الراقي، الموجود في منطقة جمعت أفضل وأفخر فنادق المدينة، وهو يمتد على مساحة 8 هكتارات، على شكل فندق وقصر وإقامات ومطاعم ومسابح وكازينو. ويسعى “السعدي”، منذ سنوات، ليكون وفيا لتسميته “السعيدة”، ملبياً، بذلك، رغبات النزلاء، حيث الرهان على أن سعادة الإقامة هي أعز ما يطلب.

تاريخ عريق

وتقول إليزابيث بوشاي بوهلال، المديرة العامة لـ”السعدي”، في كلمتها على موقع الفندق: “كان والدي جون بوشاي هو من أنشأ الفندق، وفي عام 1966 توليت الإدارة. ومنذ ذلك الوقت سعيت لأن نشتغل بالروح نفسها، وأن نجعل من الفندق منزل أسرة كبيرة، مع تقديم خدمة جيدة، يكون خلالها نزلاؤنا ضيوفا، قبل أي شيء آخر، وأن نجعل من المكان واحة ملؤها الاسترخاء والهدوء والسكينة وراحة البال، ولذلك يعود ثلث زبائننا كل سنة”.

من جهتها، قالت أماندين لافيل، وهي مسؤولة قسم التسويق، لـ”الشرق الأوسط”، إن “الملك الراحل الحسن الثاني هو من اقترح إطلاق اسم (السعدي) على الفندق”، وأضافت: “(السعدي) يعني الحياة السعيدة، كما أنه يحيل على أسرة السعديين التي طبعت تاريخ المغرب ببناياتها الأثرية المتميزة بطابعها المعماري المتفرد”.

وأضافت لافيل أن “الفندق، بما يقترحه من أشكال إقامة وأكل وراحة، حاول أن يكون فريدا في نوعيته، حيث يجمع سحر الصين والهند والبلاد فارس والأندلس والمغرب في المكان نفسه، الشيء الذي يجعل منه عالما مصغرا، لا يمكن إلا أن ينال رضا النزلاء، مع الإشارة، إلى أن الأساس تمثل في إبراز مؤهلات المغرب الثقافية والحضارية، على مستوى الصناعة التقليدية، وما توفره الحرف التقليدية من جمال، يبرز، على الخصوص، الأزياء التقليدية والفنون الشعبية. وإضافة إلى الديكورات، الفندق مؤثث بأكثر من 400 لوحة لنحو 50 فنانا تشكيليا مغربيا، أمثال عبد الحي الملاخ ومحمد مرابطي وأحمد بن إسماعيل وتيباري كنتور وعبد الكريم الأزهر وماحي بنبين وفريد بلكاهية وعباس صلادي ووفاء مزوار ومحمد المليحي وعبد الرحمان رحول. كما أن هناك صورا فوتوغرافية فنية للفنان حسن نديم، فضلا عن أعمال السيراميك التي أنجزها الفنان كمال الحبابي، التي تزين بهو القصر، التابع للفندق”.

مشاهير في الفندق

و عن المشاهير و النجوم الذين حلوا ضيوفاً على الفندق، وجدت لافيل صعوبة في استحضار كل أسماء الذين نزلوا في “السعدي”، حتى إنها استغرقت وقتا طويلا وهي تستعرض أسماءهم، قائلة: “من بين مشاهير نزلائنا الممثل الأميركي ليوناردو دي كابريو، الذي اختار فيلا (مهاردجا)، والنجمة الفرنسية كاثرين دونوف، التي نزلت في الفيلا نفسها. ومن النجوم العرب الفنانة وردة الجزائرية، التي اختارت في المرة الأولى فيلا (مهاردجا)، وفي المرة الثانية، التي زارت فيها مراكش، اختارت جناحا بالقصر التابع للفندق. وهناك الممثل السوري سامر المصري، والممثل المصري يحيي الفخراني، ونجم الراي الجزائري فضيل. وكانت مجموعة (رولينغ ستون)، الشهيرة، سبق لها أن نزلت في الفندق لأسبوع كامل، وكان ذلك في عام 1968. وقد احتلت الطابق الخامس بالكامل، رغبة منها في عدم إزعاج النزلاء، لكن إدارة الفندق، اختارت بدورها أن تخلي الطابق الرابع لضمان المزيد في راحة الفرقة الشهيرة. كما نزل بقصر الفندق المخرج الأميركي أوليفر ستون، حين كان يصور فيلم (ألكسندر)، ولذلك صارت الغرفة التي خصصها لمتابعة سير أشغال التصوير، بقصر (السعدي)، تحمل اسم (غرفة ألكسندر). أيضا، نجد باربارة هندريكس، وشارل أزنافور، الذي غنى في “كازينو مراكش” في عام 1950، وجاد المالح، الذي استمتع بوجبة عشاء راقية في مطعم (ممر الأسود) التابع للقصر، وجاك بريل، الذي غنى بدوره في (كازينو مراكش)، وفورد كوبولا، وروبرتو كافالي، وجيرار كلين، ومارك لافوان، ومارتن سكورسيزي، وميلوس فورمان، والنجمة الأميركية سيغورني ويفر، والأميرة مارغريت، وغيرهم كثيرون”.

خيارات متنوعة

 

ويتنوع اقتراح الإقامة في فندق “السعدي” بين الغرف والأجنحة والإقامات، التي هي عبارة عن قصور صغيرة، متنوعة في تصميماتها وهندستها، حيث توجد فيلا “مهاردجا”، ذات الطابع الهندي، والفيلا “الأمازيغية”، التي تنقل بساطة وسحر الأطلس إلى وسط مدينة مراكش، والفيلا “الفارسية”، التي تتميز بسحر وثقافة بلاد فارس، وفيلا “ألف ليلة وليلة”، مع تثيره في خيال السائح من حكايات أسطورية، والفيلا “الرومانية”، ذات التصميم الموغل في الحضارة الرومانية، والفيلا “الأندلسية”، وفيلا “سلطان”، حيث نرى تصاميم مستوحاة من العمارة الأندلسية، إلى غيرها من البنايات والفيلات التي تتعدد في أشكالها، غير أنها تلتقي في منح المقيم لحظة إقامة ممتعة ومتنوعة تساير رغباته وميوله.كما يعمل مسبح الفندق صيفاً وشتاءً.

أما أسعار الإقامة لليلة الواحدة، فتدور حول 200 يورو للغرفة، وما بين 200 و400 يورو للجناح، وألف وألفي يورو

للإقامة الواحدة.

وكان فندق “السعدي” انطلق في البداية ككازينو، قبل أن يتوسع ليتضمن فندقا، وقصرا وفيلات. وهو، علاوة على خدمات الإقامة التي يقترحها، ينظم أنشطة ثقافية، تشمل معارض فنية وأنشطة استعراضية، ولعل آخر أهم نشاط احتضنه الفندق، كان تنظيم مباريات في لعبة الشطرنج، بداية هذه السنة، نشطها النجم العالمي جاري كاسباروف.

شارك برأيكإلغاء الرد