قد يكون هذا نوعاً جديداً من السياحة، نوع لا يعتمد على تحدي الطبيعة كركوب الأمواج أو تسلق الجبال، وأيضا لا يعتمد على الجلوس والتأمل في سحر الشواطئ أو الغابات، نوع من “السياحة في الماضي” وسط متاحف كانت يوماً منازل.
عند زيارة أيٍ من هذه المتاحف، التى كانت سابقاً منازل عاش فيها المشاهير وملأوا كل ركن منها بالفكر والإبداع، فان أول ما سيطرأ على ذهنك هو ترى فيما كان يفكر أينشتاين أثناء مروره من هنا؟ أو ماذا كان يصمم جاودى أثناء جلوسه على هذا المكتب؟ وأعتقد أنه لا مجال للإجابة عن هذه الأسئلة سوى من صاحب المنزل نفسه الذي رحل بلا رجعة! في السطور القادمة نصحبك مع خمسة منازل تحولت إلى متاحف لعظماء لن ينساهم التاريخ.
منزل سلفادور دالي
ولد سلفادور دالي في كاتالونيا بأسبانيا، قُرب الحدود الفرنسية، وهو واحد من أهم فناني القرن العشرين، وأحد أعلام المدرسة السريالية، وتميز بأعمال فنية وحياة تخلط بين الجنون والعبقرية، وأحياناً ما يُصدم المشاهد لأعماله الفنية بموضوعها وتشكيلاتها الغريبة، وكذلك بشخصيته وتعليقاته غير المألوفة.
ويُمكن الإطلاع على فن سلفادور دالي ليس فقط من خلال إبداعاته، ولكن أيضاً عن طريق إلقاء نظرة أكثر قرباً على الحياة اليومية له، عند زيارة منزله فى قادش بأسبانيا، وأول ما يلفت الانتباه ممشى “ليجات” والذى ظهر فى لوحات كثيرة لدالي.
شُيد المنزل حول كوخ صيد صغير، وهو نتاج 40 عاماً من جهود دالي وزوجته، وبُني بمواد عضوية من خامات الطبيعة. ويمكن ترتيب رحلة إلى قادش Cadaqués كيوم عطلة فى نهاية الأسبوع أو رحلة من برشلونة، التى لا تبعد عنها سوى نحو ساعتين ونصف الساعة.
شقة ألبرت اينشتاين في برن
في عام 1903 انتقل ألبرت أينشتاين، عالم الفيزياء النظرية الشهير والحائز على جائزة نوبل في الفيزياء، مع زوجته وطفله إلى شقة في الطابق الثاني من العقار رقم 49 فى شارع “كرامجاس”Kramgasse في العاصمة السويسرية برن.
ومعروف أن أينشتاين ألماني الأصل، وانتقل إلى سويسرا في عام 1895 للدراسة والحصول على وظيفة في مكتب براءات الاختراع في برن، وقد عاش في هذه الشقة لثلاثة سنوات فقط، ورغم ذلك استعادتها الحكومة السويسرية وحافظت عليها للأجيال القادمة، ولا تزال كما تركها أينشتاين عندما انتقل من برن لتولي منصب أستاذ في جامعة زيوريخ.
المعماري أنطونيو جاودي
يقع متحف انطونيو جاودي Antoni Gaudí في مدينة برشلونة الأسبانية، وقبل ذلك كان المتحف منزلاً له، وعاش فيه من عام 1906 حتى عام 1925 إلى ان انتقل بعد ذلك للعيش فى تحفته الخالدة كنيسة العائلة المقدسة La Sagrada Familia حتى يكون بجانب العمل ويستطيع إكمال إنجازه.
وانطونيو جاودى هو مهندس معمارى أسبانى شهير جداً عرف بتصميماته الغير تقليدية، والتي دائماً ما تثور على الكلاسيكية والأفكار القديمة المستهلكة وتأتى بأفكار غريبة ورائعة فى نفس الوقت، وعُرف أيضاً بالتصميم والإرادة حيث أنه كان مصاباً منذ صغره بالروماتيزم، وبالرغم من ذلك استطاع أن ينجح نجاحا باهرا فى حياته. ومن أهم أعمال جاودي كنيسة “العائلة المقدسة”، وحديقة جويل بارك في برشلونة، ويُذكر أن دخول جويل بارك مجاني، ولكن يتطلب دخول منزل جارودي دفع رسوم للزيارة.
شرلوك هولمز
هل تذكر تلك الشخصية الشهيرة لمفتش المباحث الذى يقضى وقته كله فى حل ألغاز وجرائم القتل والسرقات؟ حسناً أنت لست مخطئ عزيزى القارئ فهذه الشخصية بالفعل هى شخصية خيالية لمحقق من ابتكار الكاتب سير آرثر كونان دويل، ومع ذلك ترك لنا الكثير من آثاره فى العالم الحقيقي.
إذا كنت من محبي هذا المخبر الشهير فينبغى عليك أن تزور هذا العنوان 221 شارع بيكر، الذي يُوصف بأشهر عنوان في العالم، فهذا المتحف الصغير، مع تمثال في نفس الشارع رموز شرلوك هولمز فى لندن.
أيضاً محبي شيرلوك هولمز يمكنهم التوجه إلى شلالات رايشنباخ في سويسرا، في 4 مايو، عندما أطلق أفراد التجمع الدولي لهولمز فكرة الاحتفال بذكرى مقتله عندما اختار كونان دويل، مبتكر الشخصية، أن يُقتل المفتش الشهير فى ذلك المكان.
فريدا كاهلو
إذا كنت تريد أن تلقي نظرة على حياة الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو فعليك أن تزور “كوياكان” Coyoachan فى “مكسيكو سيتي”؛ حيث توجد بناية بلون أزرق مشرق وجاذب للأنظار، كانت منزل للفنانة الشهيرة نشأت وعاشت فيه مع زوجها دييغو ريفيرا.
بعد وفاتها في عام 1947، تحول المنزل إلى متحف للاحتفاء بحياة فريدا التي امتلات بالفن والصخب والأحداث المأساوية؛ فقد ولدت لعائلة ثرية، وأصيبت بشلل الأطفال خلال مرحلة الطفولة ، مما أدى إلى وجود ساق لها أقصر من الأخرى، وفي سن الثامنة عشر أصيبت فى حادث سير بإصابات بالغة في العمود الفقرى فاضطرت إلى التمدد على ظهرها من دون حراك لسنة كاملة، فوضعت والدتها سريراً متنقلاً ومرآة ضخمة في سقف الغرفة، فطلبت ريشة وألواناً وأوراقاً، وصارت تنقل صورتها يومياً واكتشفت حينها شغفها بالرسم.
ويُعرض فى المنزل الملابس الملونة لفريدا، وبعض اللمسات الغريبة مثل الهياكل العظمية والورق المعجن المتدلى من السقف، ومجموعة كبيرة من لوحاتها.