يستهويني السفر والتعرف الى الحضارات الاخرى، ولعل اهمها هي الحضارة الصينية نظرا لكونها احدى اربع اقدم حضارات في العالم الى جانب الحضارة البابلية و الحضارة الفرعونية والحضارة الهندية.
الحضارة الصينية، هذه الحضارة الموغلة في القدم والتي تعتبر من اقوى الثقافات في العالم وذات التاريخ العميق واللغة الصعبة، لطالما احتلت الصدارة في احلامي لما تركته من آثار وقصص جذابة.
لكن هذا الحلم يستوقفه عائق الماديات الذي حُل بواسطة ربحي في موقع binary uno والذي فتح لي الباب للسفر دون تردد و ضمن لي عائدا ماديا مكنني من تغطية كل نفقات السفر الى الصين.
شددت الرحال الى ينتشوان في نينغشيا، و هي منطقة ذات حكم ذاتي، اغلب سكانها مسلمون، لكن هذ لاينفي وجود المسيحيين و البوذيين و الكونفيوسيين و الملحدين و المؤمنين بديانة الحياة فقط. وهم يتعايشون في هدوء تام وسكينة واضحة، ويعود ذلك لثقافة الإختلاف التي يتشبع بها الصينيون.
ولكم انبهرت بالمناظر الطبيعية الخلابة هناك، ولعل ما شد انتباهي اكثر، هو صناعة السياحة في الصين عامة و ينتشوان خاصة.
كما اعجبت بقدرتهم على تثمين الارث الثقافي والتاريخي و الاثري الواضح من خلال قلعة زرناها.
كعادتها في كل مواقعها الاثرية والثقافية، تبقى الصين وفية لمعمارها الهندسي التقليدي المشهور، و الدرج العريض في المداخل، والتماثيل والمنحوتات التي تستوقفك بجمالها وعظمتها، ففي مدخل هذه القلعة المبنية على ضفاف النهر الأصفر، وُضع اثنا عشر تمثالا كبار الحجم عظاما شامخين، و في المدخل القريب من الباب الرئيسي، وُضعت ثلاث تماثيل اخرى.
ورغم حداثة هذا البناء الذي لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات و التابع لاحد دواوين السياحة في الصين، الا انه بني بسرعة خرافية و ينقسم الى ثمانية طوابق يختص كل طابق فيه بمدة زمنية معينة وقومية مرت في تاريخ النهر الاصفر الذي يبلغ طوله 5464 كلم.
ووقفت على قيمة التراث المادي واللامادي عندهم، فهم يسلطون الضوء على ابسط مكونات حضارتهم، و يضعون في واجهات زجاجية عملاقة مُنارة بشكل رائع ابسط مقوماتها.
وضعوا البسة القوميات التي مرت على ذلك المكان بكل امانة وفخر، لباس النساء على حدة و الرجال على حدة، ولباس الصياديين ومعداتهم وطريقة عيشهم. كما افتخروا بالشاي الصيني المعروف عالميا وانواعه و عائلاته و استخداماته الطبية و شبه الطبية، و طريقة طبخه و شربه والفلسفة المتعلقة به.
كما رأيت اواني الطبخ العادية و وسائل الطب القديمة و فن الاطعام و الجلوس الى المائدة عند الصينين القدامى و المعاصرين، و سبب اكل الصينين للطعام باستخدام العصي الرفيعة.
كما استوقفتني الوانهم و زخرفاتهم و نقوشهم الحائطية المصورة بعناية فائقة و دقة متناهية. هذا بالاضافة الى تغنيهم بالكتابة الصينية وتاريخ رموزها و تطورها، من خلال الحفريات التي وجدت على البرونز وجلود الحيوانات.
- مشاركة من الاخ ليث علي.