في الوقت الذي تحتفل فيه كندا بالذكرى 145 لتأسيسها، فإن هذه لحظة هامة ومناسبة لمعرفة كيف تستطيع تورنتو أن تحافظ على رونقها وجاذبيتها بالرغم من تغيير الكثير من مبانيها التراثية، لذلك فهذا الصيف مناسبة خاصة للاحتفال بالإبداع المتجدد والمستمر في الواجهة البحرية للمدينة والبلدة القديمة المتاخمة لها.
تقع تورنتو، أكبر مدن كندا وعاصمة مقاطعة أونتاريو في شمال غرب بحيرة أونتاريو، وتعتبر أكثر مدن كندا اكتظاظاً بالسكان، والخامسة في قارة أمريكا الشمالية بعد مكسيكو ونيويورك ولوس أنجلس وشيكاغو. وتضم تورنتو الكثير من المعالم ومراكز الجذب السياحي، وربما كان أشهرها برج “سي إن” أعلى بناء في أمريكا الشمالية.
ومن الجدير بالذكر أن أصل اسم “تورونتو” يعتقد أنه مشتق من كلمة في لغة قبيلة إيروكواز هي “تكارونتو”، والتي تعني “المكان الذي تنتصب فيه الأشجار في الماء”؛ حيث كانت قبائل الهورون السكان الأصليون للمدينة بزراعة الأشجار لاصطياد الأسماك بطريقتهم في بحيرة أونتاريو.
على مدى العشرين عام الماضية، حولت مدينة تورنتو بشكل مبدع الأرصفة الخراسانية المتماسكة والصوامع والمستودعات المهجورة المتهالكة من الواجهة البحرية الصناعية إلى أماكن عامة مبهرة ومؤهلة لقضاء أفضل الأوقات فيها، حيث يتمكن الزائرين والسكان المحليين في يوم صيف حار بالاستجمام فيها على طول الواجهة البحرية والاستمتاع بنسمات الهواء المنعشة حول البحيرة.
وعلى ضفاف بحيرة أونتاريو، تبدأ رحلتك السياحية في حديقة تورنتو الموسيقية، حيث تعزف أفضل السيمفونيات والحفلات الموسيقية الحرة تجري كل أسبوع مرتين طوال فصل الصيف، ثم انظر غرباً عبر حمام السباحة لتلمح شخصيات منحوتة تجلس تحت صوامع التخمير الهائلة، وتخلد هذه المنحوتات ذكرى 20 ألف مهاجر أيرلندي نزولوا في هذا المكان عام 1847، وعلى طول رصيف كوينز توجد ممر متموج الطوابق للمشاة كما تقدم فيها خدماتها لهواة الركض والموسيقيين المتجولين.
برغم أن تورنتو تعرضت في عام 1904 لما سميّ بحريق تورنتو الكبير، الذي دمر أجزاء هائلة في وسط المدينة، لكنها سرعان ما استعادت رونقها، وأعُيد بناء المدينة من جديد، حتى أصبحت تورنتو واحدة من البوابات الرئيسية التي تربط العالم بقارة أمريكا الشمالية وذلك بعد تطوير ميناء بحيرة أونتاريو، كما صارت مركزاً لصناعة الكحوليات في العالم.
من نافلة القول أن مدينة تورنتو تعتبر من المدن الضخمة التي تضم العديد من المناطق السياحية الرائعة، سواء المطاعم والنوادي الليلية فضلاً عن بحيرتها التي تتمتع فيها بالتجول والسير على الأقدام، وتعرف تورنتو، التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون، بأنها مرساة لمنطقة حدوة الحصان الذهبي الذي يلتف حول بحيرة أونتاريو من تورنتو إلى شلالات نياغارا.
في منتصف القرن الماضي، أصبحت تورنتو محوراً ثقافياً واقتصادياً لكندا، ويعزو ذلك إلى حد كبير إلى سياسات البلاد الليبرالية للهجرة المفتوحة والتي بدأت في الستينات، لذلك أصبحت تورنتو في العقود الأخيرة من الاقتصاديات القوية في المنطقة وتحولت إلى أحد المدن الأكثر تنوعا ثقافياً وعرقياً في العالم.
برغم أن مناخها يميل في مجمله إلى البرودة والظروف المتقلبة حيث أن متوسط درجة الحرارة 3.8 درجة مئوية في أوائل العام، إلا أن الأجزاء الشمالية من البلاد تشهد برودة شديدة لبضعة أيام متتالية، ويكون الشتاء ثلجي وعاصف وبه بعض الغيوم، أما في الصيف الحار والرطب فإن تورنتو تواجهه بحرارة معتدلة لا تزيد درجتها القصوى عن 27 درجة مئوية ولا تقل عن 18 درجة مئوية.
أما أفضل أوقات العام لزيارة المدينة فهي من أواخر الربيع ومع بداية الصيف والخريف، ويكون ذروة الموسم السياحي في منتصف الصيف، وتجتذب تورنتو الزوار والسياح حتى في فصل الشتاء، لكن العواصف الشديدة خلال فصل الشتاء تبطئ وسائل النقل والأنشطة في المدينة لمدة يوم أو يومين.
جدير بالذكر أن مدينة تورنتو كانت ست مدن دُمجت حتى تكون مدينة واحدة وذلك في عام 1998، وصارت مدينة ضخمة مكونة من أحياء متجاورة متنوعة وفريدة من نوعها في الوقت الراهن، حيث تمتد تورنتو لتغطي 600 كيلو متر مربع، منهم 32 على طول شواطئ بحيرة أونتاريو، بما يتضمنه من المناطق الحضرية الكثيفة والتي تحاط بالضواحي القديمة الداخلية.
وقد صممت تورنتو على نمط شبكة واضحة للغاية من الشوارع ونادراً ما تجد منها شارعاً خارج عن هذه الشبكة، فيما عدا تضاريس المدينة المتداخلة والمنحنية مثل وادي نهر دون Don River وبدرجة أقل في وديان هامبر وروج Humber and Rouge. وعلى النقيض توجد بعض الشوارع الرئيسية التي لا تتقاطع وخاصة في ستة مناطق: “تورنتو القديمة (قلب المناطق الحضرية)، ايتوبيكوك (وهي تتألف من المصانع والشركات الصناعية والمنازل الريفية)، يورك (المدينة السابقة) وسكاربور.
أما عن المعالم السياحية والبارزة في المدينة فهي كثيرة، ومنها متحف أونتاريو الملكي، أكبر متحف في كندا يضم أكثر من 6 ملايين مجسم، ومن أفضل المعارض التي يوفرها المتحف معرض الثقافة العالمية، ومعرض الطبيعة العالمي، كما يوجد بالمدينة متحف حذاء باتا، ويعرض أكثر من 10 آلاف قطعة تعود لعائلة الباتا.
كما يوجد بالمدينة كاتدرائية سانت جيمس ذات الأسلوب القوطي المدهش والتي تمتلك تاريخاً غنياً يعود إلى عام 1803، ويتميز بنوافذ زجاجه الملونة والمذهلة، ولا تنسى الذهاب إلى برج “سي إن” بارتفاعه البالغ 533.3 متر.
صور لمدينة تونتو الكندية: (لحجم أكبر اضغط على الصورة)
good canada