اليوم نأخذك عزيزي المسافر في جولة سياحية بمدينة تختلف عن كل سابقيها، ففيها ستشعر برائحة التاريخ تفوح من حولك، وستستنشق النسيم العليل الممزوج بعبق القرون الماضية، فهي مدينة تكاد تخلو من المنتجعات السياحية، ومراكز التسوق والمراكز التجارية، وذلك لأنها مدينة تروي حكاية من حكايات الزمن الغابر، وتنسج الخيال في أبهى صورة وكأنك تشاهد مشهدا من قصص ألف ليلة وليلة وهو يتجسد أمام ناظريك في “جايسلمر” الهندية.

جايسلمر أو كما يطلق عليها “المدينة الذهبية”

جايسلمر أو كما يطلق عليها “المدينة الذهبية”، هي مدينة في ولاية راجستان الهندية، تعرف بجمالها وبهاءها وبمناظرها الطبيعية الخلابة، هذا فضلا عما تشتهر به من قصور منحوتة ومعابد قديمة متراصة على سلسلة من تلال الحجر الرملي الأصفر وكأنها نجوم لامعة تتلألأ في ضوء الشمس الساطع، فما تشاهدها حتى تدرك لماذا لقبت تلك المدينة الجميلة بالذهبية.

وعلى الرغم من كونها مدينة في قلب الصحراء الهندية، إلا أنها تحولت إلى وجهة سياحية رئيسية في الهند، إذ يقصدها السائحون من كل أنحاء العالم وخاصة من محبي التاريخ والأصالة لمشاهدة هذا المزيج الحي من الجمال الذي يطل من بين أبنية قديمة وشمس دافئة ورمال ناعمة وصحراء شاسعة.

تشتهر المدينة بقصور منحوتة ومعابد قديمة متراصة ومنها حصن جايسلمر

الزائر إلى جايسلمر سيلفت انتباهه من اللحظة الأولى وجود هيكلا مهيمنا وسط الرمال يربو على 30 مترا، يقف في شموخ مرحبا بالزائرين، ولما لا فهو حصن المدينة الذهبي “حصن جايسلمر”، والمعروف محليا باسم “سونار كيلا”.

وتؤكد التقارير أن هذا الحصن بني في عام 1156 ، ويوجد بداخله حي مزدحم بالسكان، شوارعه ضيقة ومرصوفة بالأحجار الرملية، وتوجد خمسة قصور متصلة ببعضها ومعابد تعود إلى الفترة من القرن الثاني عشر إلى الخامس عشر بعد الميلاد، ومئات من الحصون أو القصور الخاصة فائقة الجمال التي تخص أرستقراطيين وتجارا سابقين.

قصر”باتوون هافيلي” الذي تعود ملكيته إلى تاجر ثري يدعى “غومان تشاند باتوا”.

وبجانب هذا الحصن تتراص القصور هي الأخرى في زهوا تحسد عليه، فرغم كونها عديدة، إلا أن أشهرها هو قصر “باتوون هافيلي” الذي تعود ملكيته إلى تاجر ثري يدعى “غومان تشاند باتوا”. ولمحبي الفن والعمارة سيكون هذا القصر مثالا حيا للروعة والاتقان، فالزخرفة والنقوش تروي حكايات عن الجمال، واللوحات الجدارية الرائعة تعطيك انطباعا بالانبهار حتى أنك ستتساءل للحظات.. هل هذا القصر حقيقي أم أنني أسير في عالم من درب الخيال والأحلام؟.

قصر ناثمالجي كي هافيلي

ولن يقتصر الأمر على هذا القصر الشهير ولكن هناك أيضا قصر “ناثمالجي كي هافيلي” الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر ويتسم بطراز معماري غاية في الدقة والجمال.

ويجمع هذا البيت بين الفن الإسلامي والراجستاني، وما أن تدخل الهافيلي حتى تستقبلك النقوش التي توجد على الحوائط المختلفة، والتي تنقلك وأنت في مكانك إلى أفخم القصور الهندية التي عرفها التاريخ.

وقد أنعم الله على جايسلمر بمزايا عديدة تجدها تتجلى في الفن والعمارة والثقافة والتقاليد، ولعل الزائر إلى هناك سيتأثر بأصوات الموسيقى الشعبية التي تصدر عن هذه المنطقة الصحراوية والتي تجعلك تعيش حياة الصحراء بكل ما فيها على أنغام كلاسيكية، وعلى الرغم من كونها حياة صعبة للغاية، فمن المثير للاهتمام أن ترى الناس هناك راضون وسعداء.

سفاري الجمال في جايسلمر

وهناك لا يفوتك عزيزي المسافر القيام برحلة من رحلات سفاري الجمال عبر الكثبان الرملية الشاسعة، فهذه التجربة الفريدة ستشعرك بجمال المدينة وكأنك أحد ملوكها العظماء. ويمر المرء في هذه الرحلات بالأنقاض القديمة، والقرى المهجورة، والمعالم الجميلة، والتي تعد أماكن رائعة للاستكشاف، كما أنها تتمتع بسحر رومانسي يصعب تجاهله.

كما يمكنك زيارة بحيرة Gadsisar التي يجتمع فيها كل من الطيور وعشاق المياه على حد سواء، ليشهدوا روعة وسكون المكان في صمت ينم عن إعجاب.

بحيرة غادسيسار التي يجتمع فيها كل من الطيور وعشاق المياه على حد سواء

تقدم المدينة مجموعة من الأماكن المناسبة للإقامة بما في ذلك الفنادق التي تعبر عن التراث الهندي الأصيل، وعادة ما تكون أسعارها معقولة، ولكن أفضل شيء هو الهروب من صخب المدن وفنادقها واستكمال هذه التجربة عبر محاولة البقاء في المخيمات الصحراوية، فلا تتردد فهو أمر شائع بين السائحين هناك.. فما أجمل الاستمتاع بليلة هادئة وسط النجوم اللامعة والصحراء التي تنشر بعظمتها عطر الهدوء والسكينة في الليل.

الإقامة في المدينة على النمط الهندي

وندعوك عزيزي المسافر زيارة مدينة جايسلمر قبل فوات الآوان، فالمدينة معرضة للزوال نظرا لسوء البنية التحتية وهو ما أدى سابقا إلى انهيار بعض القصور في 1993، فقد تكون هذه المدينة حقا قصة من قصص ألف ليلة وليلة فقط وليس لها وجود في عالمنا خلال السنوات المقبلة.

شارك برأيكإلغاء الرد