Booking.com

لا تزال كوريا مكانا مجهولا للسياح العرب وسكان العالم، أما الذين كان لهم الحظ بزيارتها فنصفهم لم تسنح لهم الفرصة للإطلاع على أكثر من العاصمة سيول، المدينة التي تعتبر واحدة من أكثر دول العالم تقدما في الناحية التقنية، فضلا عن كونها عاصمة تكسر كل التوقعات لتثبت نفسها كمدينة متجذرة في التاريخ، فتجد القصور من القرن الرابع عشر والحدائق الإمبراطورية والأسواق الشعبية المزدحمة وقاعات الشاي التقليدية أمورا تسحر الألباب حين تقع بين ناطحات السحاب ومراكز التسوق الحديثة.

في كوريا الجنوبية مناطق أبعد من مجرد الوصول إلى سيول..

في كوريا الجنوبية مناطق أبعد من مجرد الوصول إلى سيول، لكن أبعدها وأفضلها DMZ

من مدينة سيول إلى كامل التراب الكوري الجنوبي، كل شيء متاح في يوم واحد، ولكن أبعد وأفضل جولة يمكنك القيام بها، هي تلك المتوجهة نحو DMZ  أو المنطقة منزوعة السلاح، والتي تعد عبارة عن شريط يقسم شبه الجزيرة الكورية من الساحل إلى الساحل، ويفصل بين الكوريتين الشمالية والجنوبية.

يحيط بمدينة سيول إقليم جيونج جي، وهو عبارة عن منطقة لم تعد جميلة ومقبولة المنظر بفعل امتداد الطرق السريعة والسكك الحديدية التي تدخل إلى سيول من كل أنحاء كوريا الجنوبية، غير أن هناك مدينتين تستحقان الزيارة بكل تأكيد هما سوون وإنشيون.

وتضم مدينة سوون قلعة رائعة الجمال يرجع تاريخها إلى أواخر القرن الثامن عشر، وهي مصنفة في التراث العالمي من قبل اليونسكو، أما في مدينة انشيون فيمكن للزائر أن يختار ويستمتع بأجود ما يمكن أن يقدم من أغذية ومأكولات متنوعة في البلاد قبل التوجه إلى جزر البحر الغربي القريبة من هناك للإستمتاع بسحر المكان.

أسوار قلعة سووان ، كوريا الجنوبية

أسوار قلعة سووان ، كوريا الجنوبية

وعلى عكس جيونغ جي، فالمقاطعة المجاورة جانغ وون لا تزال سليمة من التشوه العمراني وشبكات الطرق، وهي مليئة بعوامل الجذب السياحي الطبيعي  إضافة إلى عدد من الحدائق المتنزهات الوطنية، وتعد سيوراكسان هي الحديقة الأكثر زيارة حيث يمكنك التوجه إلى الشواطئ و الكهوف الضخمة التي تحيط ببلدة صغيرة تسمى سامتشوك ، كما توفر لك الاطلاع من الداخل على سفينة حربية أمريكية شاركت في الحرب مع كوريا الشمال، وهي توجد بقرية جيونغ دونغ جين.

في حديقة كيوراسكان ، مسالك للراجلين في جبل صخري ضخم توصل إلى كهوف أيضا

في حديقة كيوراسكان ، مسالك للراجلين في جبل صخري ضخم توصل إلى كهوف أيضا

من مدينة جانج وون نتجه نحو البحر الجنوبي حيث نجد مقاطعات كيونغ سانغ التقليدية بكل ما تحمله الكلمة من معاني، وهي موطن لبعض مناطق الجذب الأكثر شعبية.

ومن بين تلك المناطق نجد جيونجو الجميلة التي كانت عاصمة السلالة الحاكمة شيلا التي حكمت لما يقرب فترة الألف سنة، ووفقا للقوانين التي كانت تحكم آنذاك، فإنهم يضعون علامة على القبور تحمل اسماء العديد من الملوك والملكات الذين حكموا هناك.

بدون أن ننسى ذكر نامسان ، تلك المنطقة الجبلية الصغيرة التي تتخللها الممرات والمسالك الضيقة والقبور وبعض تماثيل بوذا والزخارف المزينة بسخاء في معبد بولغوكسا وهو معلم آخر مصنف على قائمة التراث العالمي لليونسكو.

دونغ، ورغم أنها أقل جدراة بوصفها كمدينة، فهي هادئة تقريبا مثل جيونجو، ولكنها تظل نقطة كبيرة للانطلاق نحو دوسان سيوون الأكاديمية الكونفوشيوسية التي لا تبعد كثيرا.

وإلى قرية ساحرة ونائية تكثر فيها الأغبرة هي قرية هاهوي التي تعتبر معرضا في الهواء الطلق يعبر عن الحياة الكورية التقليدية، وعن السحر القروي في الحياة الطبيعية وأكثر من ذلك، ستجده قبالة جزيرة أولونغ دو التي تعصف بها الرياح في كل حين، و يهددها بركان خامد يرتفع من بحر الشرق، حيث تتشبث قرى صغيرة جدا بالمكان وبعاداتها التي ورثت عن الأجداد ولعل في مقدمتها صيد الأسماك.

بني هذا النصب عام 1792  حيث أعطيت الامتحانات الرسمية للأكاديمية الكونفوشيوسية، التي أنشئت في 1574

بني هذا النصب عام 1792 حيث أعطيت الامتحانات الرسمية للأكاديمية الكونفوشيوسية، التي أنشئت في 1574

كما لا يمكن للإثارة أن تتوقف بسهولة في شبه الجزيرة الكورية ، حيث يمكن أن يكون لها نكهة أخرى في المناطق الحضرية في بوسان ، ثاني أكبر مدينة في كوريا الجنوبية، والتي تتمتع بجو مختلف جدا عن العاصمة سيول، بوسان تحتوي على أفضل سوق للأسماك في البلاد وعدد مهم من الشواطئ الساحرة على حواشيها.

نواصل مع مقاطعات أخرى أكثر تميزا، هي مقاطعات جيولا التي تقع في الجنوب الغربي من شبه الجزيرة، والتي أصبحت بها مدينة غوانغجو تلعب دورا كبيرا في الفنون وروح الأعمال في كوريا، وعلى الرغم مما تلقته المقاطعة من أضرار وتهميش في السابق، ما جعل منها المتمردة الأولى على سياسة البلاد قي 1980، فإن جيونجو مليئة بالحياة في مساكن هانوك التقليدية والتي تشتهر بجمالها ولذة طعام سكانها. فيما تعتبر موكبو محور الرحلات البحرية المتجهة نحو عدد مذهل من الجزر في البحر الغربي، تتخللها قرى الصيد وعدد من المتنزهات الوطنية.

شارع الفنون بمدينة غوانغجو، حيث الأزمات تخلق الجمال

شارع الفنون بمدينة غوانغجو، حيث الأزمات تخلق الجمال

كثير من المسافرين يتجاوزون زيارة المحافظات الواقعة في تشانج تشونج بوسط البلاد، لكن للأسف بهذا قد فوتوا على أنفسهم الكثير للاستمتاع به، فهي تحتوي على العديد من المواقع الجميلة، حيث تتوفر عواصم الإمبراطوريات والممالك القديمة مثل بايك جي، جونجو و بويو ، والتي تعطي نظرة على السلالة الحاكمة التي امتدت عبر سنوات طوال.

من المناطق المذهلة التي لاينبغي تفويتها في تشانج تشونج الشاطئ الساحر دايشيون والذي يستضيف سنويا مهرجان الطين، مهرجان مليء بالحيوية وواحد من ألطف وأعجب المهرجانات في كوريا إضافة إلى عدد وافر من المعابد بالتماثيل الذهبية العملاقة لبوذا في بيوبجوسا التي يصل ارتفاعها إلى الألف متر، والتي سيستمتع الذاهب إليها أيضا بالمسارات المتعرجة والألوان الزاهية المفعمة بالحيوية في جينسا في المعبد الأكثر بهاءا وجذبا للأبصار في البلاد. إقرأ عن مهرجان الطين فى كوريا

مهرجان الوحل في كل عام يجذب الكثيرين إلى شاطئ دايشيون

مهرجان الوحل في كل عام يجذب الكثيرين إلى شاطئ دايشيون

نضيف في الأخير أن هناك كوريا الشمالية واحدة من أجمل المناطق التي يمكن زيارتها ولكن يصعب ذلك، فالزيارة ستكون إلى واحدة من أكثر البلدان المروعة والتي لم توضع على لائحة المسافرين في العالم، وبالتأكيد فإن من سيحظى بالفوز بهكذا رحلة في إطار رحلات منظمة من طرف حكومة كوريا الديمقراطية الشمالية، سيلقى عدم إمكانية الوصول إلى كافة مناطق البلاد التي تنص على مشاهد قليلة معتمدة رسميا.

إقرأ أيضا: “جامشيون” في كوريا الجنوبية.. قرية سياحية تطارد محبي الفن والجمال في العالم

شارك برأيك

التعليق