كينيا : محاربو “الماساي” يلعبون الكريكيت

فيما يبدو انه خروج على تقاليد وعادات قبيلة الماساي التاريخية الشهيرة ، فقد لاقت رياضة الكريكيت قبولاً وإعجاباً غير عاديين لدى الشباب من قبيلة الماساى ، وهم المشهورون بالصيد ورعى الحيوانات ، لكن ماهى القصة وراء فريق كريكيت الماساى ؟

فى مشهد جمع متناقضات شتي يبدو فريق كريكيت الماساى لوحة مثيرة للدهشة ، ما بين شباب يرتدون أزيائهم النصفية الحمراء الفضفاضة وحليهم المزركشة فيما يبدون بأجسادهم مفتولة العضلات كمحاربى الهنود الحمر القدماء ، إلا أن العجيب أنهم وبدلاً من الحراب وعصى الرعى يلبسون القفازات والواقيات الجلدية ويتوالون فى ضرب الكرات بمضارب الكريكيت الخشبية فى درجات متفاوتة من المهارة والاتقان , إنهم فريق كريكيت الماساي .

وترجع نشأة الكريكيت فى تلك المنطقة االنائية من كينيا إلى 6 سنوات مضت ، وذلك بفضل جهود وصبر سيدة من جنوب أفريقيا تدعى Aliya Bauer والتى كانت تقوم بإجراء مشروع بحثى يختص بفصائل القرود المحلية وتمركزت فى غابات كينيا الكثيفة.

ولما كانت من هواة رياضة الكريكيت فقد إشتاقت إليه ،ما قادها إلى فكرة نشره بين السكان المحليين من قبيلة الماساى البدائية العاملة بالصيد وأفرادها من محاربى الماساى الأقوياء ، فقامت بتدريبهم على اللعبة وكونت فريق الماساى الخرافى .

وقد قامت Bauer فى البداية بإحضار عدد من الكرات والمضارب الخشبية وذهبت إلى المدرسة المحلية لإلقاء أول محاضرة فى الكريكيت لأطفال المدرسة ، وكانت تلك البداية لأغرب فريق كريكيت فى العالم ، وخاصة بعد ان أعجب الطفال باللعبة وتفهموها وأقبلوا عليها .

وإنتشر خبر اللعبة الجديدة بين السكان ، وفى أحد الأيام مر بعض الرجال من قبيلة الماساى بالملعب فى طريقهم إلى أعمال الصيد والرعى وتوقفوا لمشاهدة اللعبة الجديدة بعد أن سمعوا عنها من أولادهم على موائد المساء ، وسرعان ما تحولت المشاهدة إلى رغبة فى المشاركة ، وكبر حجم الفريق ، وهو ما دفع باور لطلب المساعدة من الرابطة الدولية للكريكيت Cricket Without Boundaries. وذلك للحصول على بعض المعدات وأدوات التدريب الأساسية والكماليات ، وهو ما ساعد على زيادة مهارة الفريق إلى درجة مشاركة فريق الماساى رسميا فى مباريات ضد فرق منافسة من تنزانيا وما حولها .

ورغم بساطة الإمكانيات ووجود الكثير من المعوقات إلا أن عدد الفريق قد بلغ الآن 24 لاعبا من قرية Poleiبولى وEndana villageإندانا المجاورة لها .

ورغم المعوقات المادية فقد إستطاع الفريق جمع التبرعات المالية للسفر الى كيب تاون Cape Town للمشاركة فى الدورة العشرين للمنافسة الرياضية الطاحنة ““Last Man Stands، ورغم فشل الفريق فى الفوز فى أى من المسابقات ، إلا أن الفريق إستطاع هذا العام كسر تلك النتيجة بالفوز مرتين والوصول إلى قبل نهائى المجموعة فى ذلك الحدث الرياضى الذى تم فى الفترة من 26 اغسطس إلى 4 سبتمبر.

وقد ساعد على انتشار لعبة الكريكيت بين شباب القبيلة ضعف فرص العمل كمحاولة لخلق فرص عمل وتمضية للأوقات فى رياضة مفيدة ونشاط مجتمعى وهو ما ساعد على خلق الدعم من رجالات القبيلة للفريق الناشئ واللعبة المستحدثة ، خاصة بعد أن وجدوا ان اللعبة لا تتعارض مع النشاط الأساسى للقبيلة وهو رعى قطعان الماشية والصيد مع ملاحظة ان الأبرع فى رمى الرمح للصيد كان هو الابرع فى اللعبة وكابتن الفريق .

وبجهود منظمات إجتماعية تم تحويل اللعبة ولقاءاتها الرياضية إلى مناسبات لنشر الوعى الثقافى والصحى فى المجتمع المحلى فيما يختص بخطورة بعض الأمراض والممارسات كزواج الأطفال والصيد الجائر للحيوانات البرية ، فضلاً عن محاولة نشر السلم المجتمعى بين القبائل المتنافسة عن طريق ممارسة الرياضة كوسيلة لدعم الأواصر الإجتماعية .