Booking.com

منذ القدم الأرز ولبنان توأمان، بما يحمله هذا الأرز من أبعاد روحية وتاريخية عميقة، فلا يمكن أن نبتر لبنان عن الأرز وقد أكسبه نوعا من الجاذبية الفريدة، إذ ترتفع أشجار الأرز اللبناني نحو السماء حتى علو 40 متر، وقطرها يصل إلى 15 متر وإمتداد أغصانها يصل إلى حدود ال50 متر، كما تنمو أوراقها بإتجاه عمودي ويمكن أن تبقى لسنوات صامدة على أغصانها.

أشجار الأرز.. علامة محفورة في تاريخ وعلم لبنان

تزهر هذه الشجرة في فصل الربيع ولا تعطي ثمارها قبل بلوغ ال40 سنة

تزهر هذه الشجرة في فصل الربيع ولا تعطي ثمارها قبل بلوغ ال40 سنة وأحيانا لمدة أطول، وتبقى الشجرة بشموخ مستمر طيلة أول 50 سنة من عمرها الذي يمكن أن يصل إلى ثلاث آلاف سنة.

لقد فعل التاريخ فعله في أرز لبنان ولم يترك فيه إلا غابات صغيرة يمكن اعتبارها بمثابة ذخيرة متبقية من الغابات القديمة التي كانت تغطي كل الجبال اللبنانية، إذ تضم غابات أرز لبنان اليوم أشجار يتجاوز عمرها الثلاث آلاف سنة، إلى جانب عشرات الأشجار التي تجاوز عمر الواحدة منها ألف سنة، وأكثر من ثلاثمائة شجرة تقدر أعمارها بمئات السنوات. ومن خصائص هذه الأشجار أنها تنمو على ارتفاعات تتراوح بين 1500م و 2000م.

أشجار الأرز.. علامة محفورة في تاريخ وعلم لبنان

لعب الأرز دوراً بارزاً في ثقافة الشرق الأدنى القديم

لعب الأرز دوراً بارزاً في ثقافة الشرق الأدنى القديم، كما في تجارته وطقوسه الدينية، بحيث ورد ذكره في التوراة وفي نصوص قديمة أخرى. وقد بدأ استثمار أخشاب الأرز بشكل مكثّف منذ القدم، حيث جال الفينقيين في العالم ونشروا الحرف، ويعود الفضل الأكبر لهذا الإنجاز لجودة سفنهم التي قاومت الرياح والصعاب وصمدت نتيجة نوعيّة الخشب المصنوعة منه وهو خشب الأرز، ومثل الفينقيين، أدرك المصريون أيضا صلابة هذا النوع من الخشب، فاستقدموا منه كميات إلى منطقة الجيزة المكان الذي بنوا به السراديب، وكان اختيارهم صائب كون هذه السراديب لا تزال صامدة لليوم وعمرها أكثر من أربعة آلاف سنة.

وفي غضون القرن الثاني الميلادي عمد الامبراطور الروماني “هادريانوس” (117-138م.) إلى اتخاذ تدابير من شأنها حماية عدد من أصناف الأشجار التي كانت تنمو في جبال لبنان, وما تزال صخور جبال لبنان تحمل ما يزيد عن مئتي كتابة من تلك الكتابات المرموقة التي كانت بمثابة تذكير لحطابي تلك الأيام بواجباتهم.

بيد أن الاهتمام الذي أبداه “هادريانوس” بغابات لبنان لم يدم طويلاً، واستغلت الغابات استغلالاً واسع النطاق في غضون القرن التاسع عشر ميلاديا، وأصبحت في أثناء الحرب العالمية الأولى مصدراً رئيسياً للأخشاب اللازمة لمدّ خط سكة الحديد التي أنشأها الجيش البريطاني لوصل طرابلس بحيفا، فكان أرز لبنان “الغنيمة الفاخرة” المبتغاة، شرقاً وغرباً.

أشجار الأرز.. علامة محفورة في تاريخ وعلم لبنان

لم يعد لبنان يحتفظ إلا بعدد محدود من غابات الأرز

لم يعد لبنان يحتفظ إلا بعدد محدود من غابات الأرز، ومن بين تلك الغابات، محمية حرش إهدن الطبيعية ,حدث الجبة ,تنورين ,جاج, محمية أرز الباروك التي تضم غابتا أرز عين زحلتا ومعاصر الشوف، أما أعظم الغابات وأجملها على الإطلاق فتبقى غابة أرز الرب في بشري.

شارك برأيك