بالصور.. “الميدان الأحمر”.. علامة سياحية محفورة في تاريخ واحتفالات موسكو

لعلك قد سمعت يوماً عن الساحة الحمراء أو الميدان الأحمر وقد تداولت أخبارها كثيرا كواحدة من أشهر ساحات العالم.. ولا عجب في ذلك فهذه الساحة هي الأكثر تميزاً في روسيا وموسكو تحديداً، وقد شهدت العديد من الأحداث التاريخية والسياسية على مر العصور ما يؤهلها لتكون الأسطورة الروسية التي يقصدها كل سائح ومسافر إلى هذه البقعة من العالم ليشهد قلب موسكو النابض عبر أعين هذه الساحة التي تكاد تنطق لتفصح عما مرت به منذ تأسيسها وإلى اليوم.

تقع الساحة التي أدرجت في قائمة التراث العالمي لليونسكو الشهيرة عام 1990 في وسط مدينة موسكو على الجهة الشرقية للكرملين وفي شرقها متجر” غوم”  وحي “كيتاي غورود”  وفي شمالها يقع المتحف التاريخي وكاتدرائية “ايقونة عذراء قازان”، وفي جنوبها كاتدرائية ” بوكروفسكي”. ويقع بجوار جدار الكرملين ضريح الزعيم الشيوعي فلاديمير ايليتش اوليانوف «لينين» مؤسس الاتحاد السوفياتي السابق.

وهي على شكل مربع يفصل الكرملين “القلعة الملكيّة السّابقة” عن المقر الرسمي لرئيس روسيا حاليًّا، وعندما تقف فيها ستجد شوارع موسكو الرئيسية وكأنها تنظر إليك من جميع الاتجاهات، فالميدان الأحمر هو الميدان المركزي لموسكو وكلّ روسيا.

يعود تاريخ الساحة الى القرن الـ 15م عندما كان الموسكوفيون يتوافدون إلى باحة لشراء مأكلهم وحاجياتهم تعرف بمسمى «تورغ». ولكن عند أواخر القرن الـ 16 صارت في المكان ساحة أطلق عليها اسم «ساحة الثالوث» كانت عملياً المدخل لقلعة الكرملين. وعام 1650 أطلق عليها بالروسية اسم «كراسنيا بلوشاد» الذي يعني في آن معاً «الساحة الحمراء» أو «الساحة الجميلة».

وتعرف هذه الساحة بكونها أحد الفصول التاريخية الهامة لروسيا حيث مر بها الكثير من الأحداث الهامة، ففي عام 1780 بدأ ترميم الساحة الحمراء فأزيلت منها المنشآت الخشبية واعيد بناء واجهات المتاجر واضيفت اليها متاجر ذات طابقين. وبعد احاطتها بصفوف من المتاجر حصلت الساحة الحمراء على شكلها المستطيل وتم تبليطها في عام1804 بعد قيام ثورة اكتوبر اكتسبت الساحة الحمراء أهمية تذكارية جديدة. وتمت فيها مراسم دفن جنود الحرس الاحمر الذين استشهدوا في المعارك التي دارت في موسكو بشهر أكتوبر عام 1917 واصبحت الساحة الحمراء منذ عام 1918 مكاناً  لاقامة الاستعراضات العسكرية، والمسيرات الشعبية. .

ويرجح الباحثون أن أصل تسمية الساحة الحمراء بهذا الاسم لا تعود إلى اشتقاقها من لون الطوب الأحمر، ولا من الربط بين اللون الأحمر والشيوعية، بل يعتقدون أن التسمية تعود إلى كون الكلمة الروسية (كراسنيا) تعني أحمراً أو جميلاً (المعنى الثاني قديم)،

وإذا كنت من زائري هذه الساحة يوما ما فستكون أمام “سانت باسيل” وهي الكنيسة التاريخية التي تقف في صمود وكبرياء بقلب الساحة الحمراء لتعلن عن جمال لا يقاوم من الألوان والأشكال والتصميم المعماري الفريد بما في ذلك القباب، والأقواس والأبراج، التي يحمل كل يحمل منها نمط مميز، ولعل هذا ما جعل زائريها يفتنون بها منذ بنائها عام 1561 على يد المهندس المعماري بوستنك ياكفلوف وحتى الآن.

كما تضم هذه الساحة “ضريح لينين” المبنى الملتصق بالكرملين وهو المكان الذي يرقد فيه الزعيم السابق فلاديمير لينين حيث تم تحنيط جثمانه وهو مسجى في صندوق زجاجي، يمنع لمسه ومغطى بشرشف من أسفل بطنه حتى قدميه، جلد وجهه مشدود ويعتقد البعض أن أجزاء من جسده تم طلاؤها بالشمع أو أنها غير أصلية وتم إستبدالها بأجزاء صناعية لتبدو في حالة جيدة حتى الآن. وجرت عملية التحنيط مباشرة بعد وفاة لينين في الرابع والعشرين من يناير1924م ، وفي نفس ذاك العام جرى تشييد الضريح الأول من الخشب، وفي عام 1930م تم الإنتهاء من بناء الضريح المشيد من الرخام الفاخر المائل للإحمرار.

وفي الجانب الشرقي بأكمله من الساحة الحمراء، ستكون أمام أشهر مراكز التسوق العالمي “GUM” ، والذي بني في مطلع القرن 19 ، ويتألف من ثلاثة أروقة تتمحور حول نافورة مسقوفة بواسطة سقف زجاجي رائع، ويمكنك بسهولة تفقد المتاجر الرئيسية به مثل كريستيان ديور، هوغو بوس وبوما للحصول على ما تريد.

في الطرف الشمالي من الساحة سوف تجد “متحف تاريخ الدولة” مع مجموعة ضخمة من القطع الأثرية التي تجسد ماضي روسيا. وبه العديد من التماثيل والمجسمات التي تتخذ من زواياه مكاناً كتمثال برونزي لكزما مينين ودميتري بوزهارسكاي الذي ساعد في تطهير موسكو من الغزاة البولنديين في 1612، وضريح الجندي المجهول.

في مايو 2008، أجرت روسيا عرض يوم النصر السنوي الخاص بها، الذي يوافق الذكرى السّنوية لهزيمة ألمانيا النازية ال63 في الحرب العالميّة الثّانية. وللمرة الأولى منذ انهيار الإتحاد السوفياتي في عام 1991 استعرضت المركبات العسكرية الروسية خلال الميدان.

واعتادت هذه الساحة أن تشهد احتفالية من نوع خاص، ويتدفق إليها الناس من كل حدب وصوب ويمارسون تقاليدهم وألوان فرحتهم تبعاً للعاداتهم، وربما تكون ليلة رأس السنة فرصة للقاء أكبر عدد ممكن من الناس في تلك الساحة أو لحضور المراسم وأشكال عامة من الاحتفالات كالرقص وتبادل التهاني والتمتع بمشاهدة الألعاب النارية والعروض الفنية وغيرها.