كوب الشاي، باختلاف أنواعه وطرق صنعه، ليس مجرد مشروب بل جزء من الحياة اليومية للملايين حول العالم، وعنصر أساسي في الضيافة ولقاءات العائلة والأصدقاء، ويعتبر الشاي أكثر المشروبات قبولاً في العالم؛ فالبعض يفضله لمذاقه اللذيذ أو لفوائده العلاجية، وآخرون يجدون فيه منبه للذهن ومنشط للجسم، وفي النهاية يحتفظ بسحر خاص يدفعه إلى المقدمة بين كافة المشروبات الأخرى باعتباره جزءاً من تاريخ وثقافة كثير من الشعوب.

ويعد الشاي المشروب الثاني الأكثر استهلاكاً على الأرض بعد الماء، حتى أنه يجد شهرة في كثير من الثقافات وفي العديد من المناسبات الاجتماعية المختلفة، وقد وصل الأمر إلى ظهور ما يسمى (بحفلات الشاي) وخاصة في الصين واليابان وفيها يتم التفنن في إظهار أنواع الشاي وطرق إعداده الحديثة، وفي الشرق الأوسط الذي يلعب فيه الشاي دوراً رائداً في اللقاءات الاجتماعية.

سريلانكا من أكبر الدول المنتجة للشاي

يقع الموطن الأصلي للشاي في شرقي آسيا، وتذكر الروايات الصينية بأن الملك شينوق Shennong هو من أدخل استعمال نقيع الشاي الساخن كمشروب إلى الصين بعد أن اكتشف بالصدفة تأثير أوراق الشاي على الماء الساخن، ومن الصين انتقل الشاي إلى اليابان والهند ثم إلى تركيا التي أسهمت في انتشاره الواسع في المشرق. وأهم الدول المنتجة له الهند، الصين، سيلان، أندونيسيا، واليابان. وأهم الدول المستوردة بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، أستراليا، وروسيا.

وتأتي تركيا في مقدمة الدول الأكثر استهلاكاً للشاي حتى عام 2010 بمعدل 2.5 كيلو جرام للشخص، وتليها المملكة المتحدة بمعدل 2.1 كيلو، ثم أيرلندا 1.5 كيلو، والمغرب 1.4 كيلو، وتأتي إيران في المرتبة الخامسة بمعدل 1.2 كيلو، تليها مصر1.1 كيلو، ثم نيوزيلندا، اليابان، هولندا، أستراليا.

من حقول الشاي في اليابان

أسود وأخضر وأنواع أخرى

رغم أن نبات الشاي واحد لكن تختلف أنواعه؛ فالشاي الأخضر يجفف سريعاً بالبخار فيحتفظ بخصائصه ولذلك هو أكثر فائدة من الشاي الأسود، بينما الأسود تفرم الأوراق وتعجن وتتخمر ثم تجفف. وكلا النوعين بهما كافيين طبيعي يعمل على تنشيط الجهاز العصبي بصورة سلبية عبر تعطيل مستقبلات عصبية في المخ، ورغم أن الشاي منبه لوجود الكافيين إلا يمكن أن يسبب لبعض متناوليه شعوراً بالضعف. أما الشاي الأبيض فيتميز بنكهة خفيفة، وهو من أندر أنواع الشاي، ويتطلب إنتاجه قطف البراعم والأوراق الصغيرة فقط ويتم تجفيفها بعناية.

فنجان من شاي إيرل جراي

ومن بين أنواع الشاي نوع معروف باسم الألونج، وهو شاي صيني يعني اسمه التنين الأسود، ويتعرض لعملية أكسدة خفيفة ولـيست كاملة مثل الشاي الأسود، ويكتسب خصائص معتدلة ما بين الأخضر والأسود. وتتنوع نكهاته المختلفة ما بين التوابل والمشمش.

ومن الأنواع الحديثة نسبياً “الإيرل جراي” ويُنسب إلى رئيس الوزراء البريطاني تشارلز جراي عام 1830، وهو شاي أسود معطر ذو طعم فريد يخلط بالبرتقال وهو ما يعطيه الرائحة والنكهه الطيبة.

جولة بين عادات الشاي حول العالم

يختلف تناول الشاي من دولة إلى أخرى، بل ومن مكان إلى آخر داخل الدولة الواحدة؛ فكما يتناوله شعب التبت بعد خلطه جيداً بالملح والزبدة تتناوله شعوب أخرى بإضافة السكر والنعناع والليمون. وهنا نتعرف على طرق بعض الشعوب في إعداد الشاي:

الصين: يشرب الصينيون شاي الياسمين بدون إضافة سكر على الإطلاق، ويمتاز بنكهة ورائحة عطرية تغري بشرب أكبر قدر منه.

الشاي المثلج من المشروبات الشعبية في تايلاند

تايلاند: يحب الشعب التايلاندي الشاي المثلج، وعادةً يقتصر شرب الشاي الساخن على الضيوف الأجانب.

الهند: الشاي واحد من أهم المشروبات الساخنة الأكثر شعبية في الهند، ويستهلك يومياً في جميع المنازل تقريباً مع إضافة الكثير من الحليب، ومع أو بدون التوابل.

سيرلانكا: هي من أشهر الدول في زراعة وصناعة وتصدير الشاي، وفي العاصمة كولومبو توجد أكبر الشركات العالمية التي تتحكم في تحديد مستوى وسعر الشاي عالمياً. ويتناول شعب سيرلانكا الشاي مر المذاق ويستمتعون به.

فنجان شاي بريطاني مع السكر والحليب

بريطانيا: يمكن وصف الشاي بأنه المشروب الوطني في بريطانيا، وبدأت استيراده منذ عام 1660، واسم الشاي هناك لا يشير فقط إلى المشروب بل إلى الوجبة الخفيفة التي يتناولنها بعد الظهر. ويفضل الانجليز شرب الشاي الأسود والإيرل جراي وشاي الياسمين الصيني، وانتشر مؤخراً الشاي الأخضر الياباني، ويضيفون السكر أو الحليب أو الليمون. ويكثر شرب الشاي في أوقات محددة مثل “شاي الفراش” في السادسة صباحاً، وشاي الحادية عشر صباحاً، وآخر في وقت متأخر من اليوم.

منغوليا: يفضل المغول لبنة الشاي الاساسية ولذا يقومون بطحنها إلى مسحوق، ويضيفونها إلى الماء حتى الغليان، ثم يضيفون حليب الماعز إليه.

في التيت وبعض أجزاء الصين يُضاف الزبد والملح إلى الشاي (Lonely Planet)

التبت: يشرب أهالي التبت الشاي بعد خلطه جيداً بالملح والزبدة، ويحصل أهالي التبت على الشاي من الصين في صورة قوالب مضغوطة يقطعون من القالب قطعة مناسبة، ويضعونها في وعاء به ماء بارد، ثم يغلونه حتى يصبح المنقوع أسود داكن اللون، بعد ذلك يضيفون إليه قليلاً من الملح يعقبه قطعة من الزبد.

موريشيوس: للشاي دور هام في ثقافة الجزيرة؛ حيث يُقدم في جميع المناسبات الاجتماعية وأماكن العمل خاصة بعد اعتماد العاملين عليه كوسيلة لزيادة انتباهم وإنخراطهم في أشغالهم، ويشرب شعب موريشيوس الشاي الأسودمع الحليب والسكر.

نيوزيلندا: يعشق الشعب النيوزيلندي تناول الشاي حتى أنه خصص أوقاتا محددة لذلك وقد انتشرت العديد من المقاهي التي تقدمه.

كندا: يقوم الشعب الكندي بغلي إبريق من الماء ثم يضيف إليه أوراق الشاي لبضع دقائق، ثم يُفرغ في إبريق آخر ليكون جاهزاً الى التناول وعادة ما يضيفون الجبن والسكر إلى الشاي.

أيرلندا: ظلت أيرلندا لفترة طويلة واحدة من أكبر مستهلكي الشاي في العالم بمعدل أربعة كؤوس للشخص في اليوم الواحد، إلا ان المعدل قد يصل إلى ستة أكواب أو أكثر.

شاي على طريقة بدو سيناء في مصر

مصر: يعتبر الشاي المشروب الأول في مصر بمعدل 5.5 مليار لتر شاي سنوياً، ويختلف تناوله ما بين المناطق المختلفة فالبعض يفضله ثقيل والأخر خفيف، كما يتناوله البعض مع الحليب أو بالسكر الزائد. ويعد تقديم الشاي إلى الزائر واجب الضيافة الأول في مصر.

شمال أفريقيا: في دول الشمال الأفريقي عموماً يشتهر الشاي الأخضر بالنعناع الطازج والسكر، ويعد تكرار تقديم أكواب الشاي للضيف من سمات الكرم في هذه الدول.

مالي: يعتبر تناول الشاي بعد الوجبات عادة من عادات الشعب المالي الذي يفضل غليان مسحوق الشاي مع الماء في فرن من الطين ثم إضافة السكر، ويحرص هذا الشعب على أن يكون الانتهاء من إعداد الشاي مع انتهائهم من تناول الطعام ليتم التناوب ما بين تناول الطعام والشراب في وقت واحد.

الشاي بالنعناع الأخضر والسكر.. تقليد مغربي شهير

المغرب:    

أصبح تناول الشاي في المغرب عادة شائعة على نطاق واسع بعد كل وجبة تقريباً، ويقدم عادة مع أوراق النعناع الطازجة الخضراء، والسكر البني. ومما يلفت الانتباه في إعداد الشاي على الطريقة المغربية جمال الادوات المستعملة لتحضيره وتقديمه؛ فالصينية والبراد (الإبريق) مصنوعان من الفضة اللامعة المزينة بنقوش يدوية دقيقة.

تركيا:

الأتراك يحبون شرب الشاي وخاصةً الأسود وهو من تقاليدهم العريقة، وتننتشر عادة تناول الشاي وتبادل الأحاديث في المحلات المخصصة،  ونظراً لإمكانية زراعة الشاي على الضفة الجنوبية من مناطق البحر الأسود بدأ الأتراك تدريجياً في الاعتماد على أنفسهم في زراعته.

وفي العادة يدعو الأتراك ضيوفهم لتناول الشاي، ومنه الشاي التركي الذي يتميز بمرارة قوية ولا يستسغيه كثيرون، ونوع آخر أكثر شعبية يُعرف باسم شاي التفاح التركي ويتميز بتركيبته القوية وطعمه الحلو والحامض في آنٍ واحد.

تتم عملية إعداد وتقديم الشاي في اليابان وفق تقاليد عريقة

اليابان: يرتبط تناول الشاي بطقوس تنبع من التقاليد اليابانية، ويجري تحضير الشاي وفق طقوس معينة تتم وفق ترتيب وتلقين في معاهد متخصصة تقوم بالتعريف باحتفالات تقديم الشاي. وعند صب الشاي يجب الحرص دائما على استقامة الذراع وملء الكوب الأول إلى الربع، والثاني إلى النصف والثالث إلى ثلاثة أرباع، ثم يعاد الصب لملء الأقداح بمنسوب واحد لضمان أن يكون الشاي في جميع الأكواب بلون واحد وقوة واحدة.

ويصاحب تلك الدقة في طقوس تقديم الشاي الياباني الحرص على استخدام أفضل أنواع الشاي وأكثر الأقداح أناقة، وتُعرف طقوس تقديم الشاي أو حفل الشاي باللغة اليابانية باسم “سادو”.

السمارو الروسي التقليدي من أدوات إعداد الشاي في روسيا

روسيا:

كان الروس أول من استورد الشاي من الصين عبر منغوليا، حتى وُجد ما عُرف بطريق الشاي وبقى حتى افتتاح القطاع الأول من الخط الحديدي العابر لسيبيريا في عام 1880، وحينها بدأ كذلك نقل الشاي من الهند وسيلان.

ويفضل الروس الشاي الخفيف، ويقدم الشاي ثقيلاً في إبريق، ويخففونه في الفناجين مباشرة بماء غال من “السماور”، ويعود تطور وجود الشاي بروسيا إلى إنتاج السماورات في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. ويتناول الروس الشاي مع أنواع مختلفة من المقبلات والفطائر والحلوى والفاكهة. ويشكل تبادل الأحاديث جزء من جلسات الشاي التي تتكرر على مدار اليوم.

وأخيراً، هل تحب الشاي؟ وكيف تعد؟ وهل جربت مذاقات مختلفة في سفرك؟ شاركنا

شارك برأيكإلغاء الرد

تعليقات

  • الشاي مشروبي رقم ١
    كوب الشاي يرافقني للدوام وما ابدا اي عمل الا بعد ما اشربه واروق
    لازم يكون معه كوكيز او سناك
    كنت احبه خفيف لكن لاحظت اني صرت احبه اثقل و يكون شاي اسود
    غالبا يمفيني لباقي اليوم لكن شرب كوب ثاني اخر الدوام مايمنع