لو تساءلت يوماً عن طبيعة الحياة خلف قضبان السجن فربما يقدم هذا الفندق الجديد الذي يحمل اسم سجن أمريكي شهير بعض الإجابات، لكنه بالطبع مجرد محاكاة لبعض ما يحدث في السجون وربما أهون ما فيها؛ فالنزلاء أحرار بإمكانهم مغادرة الفندق في أي وقت، وبالطبع لن تمتد عليهم يد حارس أو نزيل آخر بالضرب، كما يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم في تجربة أو نزهة للتغيير.
افتتح في لندن الأسبوع الماضي فندق صغير يضم أربع غرف يحمل اسم ألكتراز، وهو اسم أحد أشهر السجون الأمريكية والمعروف بشدة تأمينه، واستضافته لمجموعة من أشهر المجرمين خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي كزعيم المافيا آل كابوني. ويتزامن افتتاح الفندق بالتزامن مع عرض مسلسل تلفزيوني على قناة “ووتش” البريطانية.
يحمل الفندق، الواقع في منطقة كينجز كروس وسط لندن، من السجن اسمه وشكل الزنزانات ونمط مختلف من الضيافة؛ فالغرف صُممت لتحاكي زنزانات سجن ألكتراز بمساحة خمسة في تسعة أقدام، وتحتوي على سرير صغير للنوم، وحوض ومرحاض على غرار ما كان موجوداً في السجن الأمريكي.
ويبدأ استقبال الضيوف بالتقاط صور لهم حاملين رقمهم الخاص من زوايا مختلفة، واستلام الزي الرسمي للسجن، كما يتم تحديد ثلاث دقائق لتغيير الملابس، ودقيقة واحدة لطلب العشاء وعشرين دقيقة لتناوله، ويأتي الطعام إلى الغرف في صواني معدنية وأكواب بلاستيكية، وربما الطعام والشراب المتاح ببضع اختيارات هو من مظاهر الرفاهية القليلة داخل الفندق السجن. كما يجري تكليف الضيوف ببعض المهام كالخياطة وممارسة الرياضة البدنية لتقريب شكل الحياة التي عاشها سجناء ألكتراز.
أما موظفي الفندق فقد تم تدريبهم على خلاف الفنادق الأخرى من دوام الابتسام والحديث بلطف للعمل كحراس لسجن، ويتفقدوا النزلاء في غرفهم في السادسة مساءً، كما تُطفأ أضواء الغرف في الساعة الحادية عشر وخمس وأربعين دقيقة مساء كل ليلة.
أما “ألكتزار” Alcatraz الأصلي الذي يحمل الفندق اسمه فهو سجن فيدرالي أمريكي يقع فوق جزيرة بخليج سان فرانسيسكو تبعد 2.4 كيلومتر عن ساحل سان فرانسيسكو غرب الولايات المتحدة الأمريكية، وتُعرف بجزيرة الصخرة، وكانت بداية استخدام الجزيرة حينما أقيم بها عام 1854 منارة، وفى نفس الفترة تقريباً استخدمها الجيش كحصن ثم كسجن حربى، وتحول فى عام 1934 من وزارة الدفاع إلى وزارة العدل لتصبح الجزيرة بمبانيها لمدة تسعة وعشرين عاماً سجناً اشتهر بالحراسة المشددة والانضباط.
وساعد في تدعيم مكانة “ألكتراز” كسجن مشدد موقعه على اتفاع شاهق في جزيرة وسط المياه، بجانب حراس على مدار الساعة يحيطون بالسجن، ويراقبون محيطه من خلال أبراج مرتفعة. واستمر السجن في العمل حتى إغلاقه عام 1963 بسبب تصاعد تكاليف إدارته، ومن ناحية أخرى نمو اتجاهات جديدة تنادي بأن يكون هدف السجن التأهيل وليس تشديد العقوبة، وتحول الآن إلى مزار سياحي يقصده السائحون عبر المعديات ليتجولوا في الجزيرة وبين مباني السجن الرهيب وزنازينه التي زاد من شهرته إنتاج عدة أفلام أمريكية تتناول السجن ومحاولات الهروب القليلة.