منذ ما يقرب من 500 عام وفي فصل الربيع، تحتفل مدينة مانيسا التركية بمهرجانها السنوي، مهرجان المسير أو “مسير معجون”، ويُقام هذا العام من 12 إلى 25 مارس يتخلله فعاليات تراثية وفنية وعروض موسيقية تعكس تاريخ المدينة وثقافتها وحكايتها التي صارت أحد أسباب شهرتها.
وتعود حكاية مهرجان مانيسا السنوي إلى فترة الدولة العثمانية حيث مرض الأمير سليمان، أحد الذين تم تدريبهم على الحكم في مانيسا والذي أصبح فيما بعد أحد أشهر سلاطين الدولة العثمانية، وعجز الأطباء عن علاجه، حتى وصل لعلم أمه السلطانة حفصة زوجة السلطان سليم الأول بن بايزيد الثاني ان معجونا سحريا لديه القدرة على شفاء الأمراض المستعصية.
وأرسلت السلطانة حفصة في طلب بمخترع المعجون وهو مصلح الدين مركز أفندي وجعلته يعجنه لابنها، ويتكون “المعجون السحري” من 41 نوعاً من البهارات مخلوطة مع العسل ويتميز بطعم حلو. وبعد أن شُفي الأمير نذرت السلطانة أن توزع المعجون على الناس في مانيسا سنويا من خلال حفل تقوم فيه بنثره في الساحة المقابلة لجامع السلطان المبني في عام 1522.
وفيما بعد أصبح أحد أبطال القصة، الأمير سليمان واحد من أشهر سلاطين الدولة العثمانية، وعُرف باسم السلطان سليمان القانوني أو سليمان العظيم، وكان صاحب أطول فترة حكم بين السلاطين العثمانيين؛ إذ وصلت فترة حكمه إلى 48 عاما شهدت اتساعا جغرافياً للدولة حتى وصل إلى حدود فيينا.
وتسعى المدينة منذ سنوات للارتقاء بمهرجان المسير ونشره عالمياً كواحد من أقدم مهرجانات تركيا استمر لما يقرب من خمسة قرون متتالية، وتشارك بعض الدول باستعراضات فنية، وكذلك يشهد مشاركة من كبار المسئولين في الحكومة التركية مثل الرئيس التركي الذي شارك في دورة عام 2010 من مهرجان المسير. (شاهد تقرير قناة الجزيرة عن مهرجان المسير في تركيا 2010)
وتقع مانيسا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 341 ألف نسمة، في قلب منطقة بحر (ايجه) بغربي تركيا، واحتضنت كثير من الحضارات القديمة يمتد عمرها لأكثر من ثلاثة آلاف سنة من الحثيثية والاغريقية والرومانية – البيزنطية ودولة السلاجقة. حملت في الماضي اسم “ماغنيسيا” قبل الفتح الإسلامي، وتغير الاسم إلى مانيسا في عام 1313 بعدما خضعت لسلطان ساروهان بيه وأصبحت فيما بعد عاصمة لسلالة ساروهان الحاكمة.
ازدهرت مانيسا خلال حكم العثمانيين فاهتموا ببناء المساجد وخزانات المياه والجسور والمدارس إضافة إلى العديد من المرافق والمباني والقصور. وفي القرن السادس عشر أصبحت من أهم مدن السلطنة العثمانية من الناحية الاقتصادية والإدارية والاجتماعية كونها كانت مركزا لتدريب أبناء السلاطين وأولياء العهود على الحكم والإدارة.
وتضم مانيسا متحفاً كان في الأصل مدرسة لتخريج الأئمة ليتحول بعد نشوء الجمهورية التركية في عام 1923 إلى متحف يضم تحفا من العصور المتعاقبة التي مرت على المدينة، كما أن مانيسا كانت مهد الحركة الصوفية (المولوية) في القرن الخامس عشر على يد مؤسسها جلال الدين الرومي. كما يوجد فيها ما تُسمى شجرة (التمني) يفد إليها الناس من المدينة وخارجها على أمل تغير حياتهم للأفضل، ويقوم الزائر لهذه الشجرة بربط قطعة قماش او أي شي تطوله يده باحد اغصان الشجرة والتمني بصوت خافت.