لا تتوقف الأماكن عن سرد التاريخ، وإن كانت المعابد والمقابر الأثرية هى اللاعب الأساسى فى مضمار التاريخ، فلربما كان لعجلات المياه وسواقيها فى ذلك رأى آخر، وليس أشهر من عجلة الماء فى لاكسي، فهناك كان للتاريخ وقفة .

وتعد عجلة المياه فى لاكسي الأكبر والأشهر من نوعها فى العالم

وتعد عجلة المياه فى لاكسي الأكبر والأشهر من نوعها فى العالم ، فتقع الساقية الشهيرة سياحياً ، وذات الشعبية الجارفة تاريخياً ، فى قرية لاكسي فى جزيرة مان Isle of Man ، تلك الجزيرة الصغيرة الضيقة التى يكتنفها البحر الأيرلندى من جميع الجهات ، وتقع بين جزر بريطانيا العظمى islands of Great Britain وأيرلندا Ireland.

وتعد العجلة التاريخية من أضخم سواقى المياه فى العالم ، فيبلغ قطرها 22.1 متراً فضلاً عن عرض عجلتها الدوارة الذى يبلغ 1.83 متراً، وهى أكبر عجلة مياه باقية قيد الإستعمال على وجه الأرض .

العصر الفيكتورى (الفترة التى تمتد من العام 1837 إلى 1901) وهى فترة حكم الملكة فيكتوريا أعظم ملكات بريطانيا العظمى

ويرجع تاريخ إنشائها إلى العصر الفيكتورى (الفترة التى تمتد من العام 1837 إلى 1901) وهى فترة حكم الملكة فيكتوريا أعظم ملكات بريطانيا العظمى ، عندما قام المهندس الشهير روبرت كيسمنت Robert Casement بتصميمها وبنائها فى العام 1854 لضخ الماء من قنوات وممرات المناجم المغمورة بالمياه .

ففى بدايات القرن التاسع عشر، كانت قرية لاكس من أغنى المناطق بالمعادن والثروات المعدنية خاصة الرصاص والزنك وغيرها ، وهى من أهم الموارد للإمبراطوريات ذات الأطماع الإستعمارية فى تلك الحقبة التاريخية التى اتصفت بالجشع الإستعمارى ، لكن لم يخلو الأمر من بعض العوائق التى وقفت حائلاً أمام أنشطة التعدين بالمنطقة ، والتى كان أبرزها تدفقات مائية مستمرة من مياه الينابيع القريبة والتى تزداد باستمرار كلما مورست أنشطة التعدين .

ولقد نشأت الحاجة الماسة إلى وسيلة للتخلص من الماء الزائد للوصول إلى الطبقات المعدنية المستهدفة ، وببلوغ النهضة الصناعية أوج حركتها فى ذلك الوقت ، طرحت مقترحات تتلخص فى إستعمال مضخات رفع تعمل بالفحم كوقود ، وهو ما يتعذر على جزيرة مان التى يندر الفحم بها وتعلو تكلفة إستيراده من خارجها ، فى الوقت الذى تزداد فيه مستويات الماء المتدفق فى المناجم .

قناة مائلة تنقل الماء ليسقط على العجلة الضخمة لتستقبله الجرار الخشبية العديدة التى تحيط محيط العجلة

ولقد وردت الفكرة لمهندسٍ مغمور تحمل على عاتقه مغبة إيجاد الحل الناجع ،الذى تمثل فى بناء نظام من القنوات التى عكست إتجاه الماء المتدفق من ينابيع جانبية فى تلال الجزيرة بالإضافة إلى مياه النهر المحلى على الجزيرة لتتجمع فى جب واسع يقع أعلى عجلة الماء ، يخرج منه قناة مائلة تنقل الماء ليسقط على العجلة الضخمة لتستقبله الجرار الخشبية العديدة التى تحيط محيط العجلة ، والتى يؤدى ثقل الماء فيها إلى دورانها حول محورها فى عكس اتجاه عقارب الساعة .

ويؤدى دوران العجلة حول نفسها إلى تحريك قضيب معدنى ضخم يولد قوة آلية كبيرة كافية لدوران مضخات ضخمة تقوم بدورها برفع الماء من البئر الرئيسى

وتدور العجلة بمعدل ثلاث دورات فى الدقيقة بدافع ثقل قوة المياه التى تملأ الجرار ، ويؤدى دوران العجلة حول نفسها إلى تحريك قضيب معدنى ضخم يولد قوة آلية كبيرة كافية لدوران مضخات ضخمة تقوم بدورها برفع الماء من البئر الرئيسى ، الذى يصل عمقه إلى 1500 قدم ، إلى السطح ليجرى فى مجارٍ طولية ليصب فى النهاية فى نهر لاكسي المحلى ، وتقدر كمية المياه المرفوعة بحوالى 250 جالون فى الدقيقة الواحدة .

وجد التصميم البارع والمنمق طريقه إلى قلوب أهل الجزيرة وزائريها ما خلق لها بين العامة شعبية وإعجاباً إزداد على مر العصور

ولقد وجد التصميم البارع والمنمق طريقه إلى قلوب أهل الجزيرة وزائريها ما خلق لها بين العامة شعبية وإعجاباً إزداد على مر العصور ، ما جعلها أهم وأبرز المقاصد السياحية بالجزيرة لما يزيد على 150 عاماً، ولا تزال من أهم مقاصد الزيارة .

وقد أطلق على الساقية العديد من الأسماء كان أبرزها إسم ( ليدى إيزابيلا ) تيمناً باسم زوجة الحاكم العسكرى للجزيرة فى ذلك الوقت اللوتنت تشارلز هوب Charles Hope.

وبالرغم من توقفها عن رفع المياه إلا أنها لا تزال تدور لإمتاع الزائرين ولشرح ميكانيزمية حركتها

وبالرغم من توقفها عن رفع المياه إلا أنها لا تزال تدور لإمتاع الزائرين ولشرح ميكانيزمية حركتها ، وذلك قبل الصعود لقمتها ليطالعوا ما يأخذ الألباب ويحبس الأنفاس من الجمال اللامتناهى لوادى جلين مور Glen Mooar Valley. المتدثر بثوب زاهٍ وفضفاضٍ من الخضرة والنضارة .

 

 

 

 

 

شارك برأيكإلغاء الرد