لا تتوقف الطبيعة عن مغازلة الأعين بكل جديد ونادر ، فما بين طبيعة ساحرة وعيون تتوق للجمال وتبحث عنه ، اتخذ الجمال أهبته وأعد العدة لصفحة جديدة من كتاب العجائب والأساطير ، أعجوبة أزاح الجمال عنها الستار فى صورة كهف جليدى بديع بل وفتان، إنه كهف جزيرة كاماشتاكا الروسية .
يقع تحفة الكهوف وأسطورتها فى عالم الجمال الأخاذ ، على شبه الجزيرة الروسية التى تدعى كامشتاكا ، والتى كانت حتى العام 1989 تابعة للكيان السياسى الضخم الذى كان يعرف باسم الإتحاد السوفيتى .
وترجع قصة إكتشاف الكهف إلى العام 2012 عندما تم إكتشاف الكهف صدفة من قبل مجموعة من المصورين ذوى الأعين البحاثة ، والذين كانوا فى جولة إستكشافية تفقدية لجمال كامتشاكا النادر ، عندما لاحظوا ينبوعا من الماء الساخن الذى يجرى من تحت الطبقات الجليدية من قلب فوهة مستديرة قادتهم إلى إكتشاف ذلك الجمال المتنكر فى صورة كهف .وقد أدى الينبوع الساخن إلى خلق قناة طولية تبلغ ما يقرب من الكيلومتر فى الطول والتى نحتها الينبوع ، الذى ينبع من منطقة مجاورة لبركان موتنوفسكى القريب، أحد براكين الجزيرة المتعددة ، ويقع البركان فى قلب جزيرة كامشاتكا الروسية ويعتبر من أشهر براكينها .
والكهف لوحة فنية مرهفة الحس والشعور خلفتها القدرة إلهية، فحنيات الكتل الجليدية الصغيرة الخلابة وتناسقها البديع جعل من الكهف متحفاً للجمال والرقة ، ما يفسر طول مقام المصورين به متأملين، ذلك فضلاً عن إفتتان كل زائر له بجماله الخلاب .
وتبلغ مساحة جزيرة كامشتاكا 270,000 كيلومتر مربع ، يتواجد السكان الروس فيها بأغلبية ظاهرة بينما توجد بعض الأقليات الأخرى أبرزها المواطنون من الكروات والصرب ، وهى جزيرة بركانية شهيرة وتقع معظم براكينها تحت رعاية اليونسكو كمواقع للتراث الطبيعى العالمى .
وشبه الجزيرة وللعجب حديثة العهد بالزيارة والاستكشاف من قبل السائحين ، وذلك لتحريم دخولها على الأجانب من غير ذوى الأصول الروسية لأسباب سياسية حتى العام 1990 ، ولكن كان لذلك جوانبه الإيجابية، فقد أدى ذلك إلى عدم تعرضها لنشاط بشرى مكثف ، ما حافظ على مكنوناتها من النباتات والحيوانات فى حالة ممتازة من الحفظ والبكارة .
ويوجد بالجزيرة 160 بركاناً معظمها من النوع الخامل ولا ينشط منها الا تسعة وعشرين بركاناً ، ويقع مركز الجزيرة فى المدينة الرئيسية فى كامتشاكا وهى العاصمة بتروبافلوفسك-كامتشاسكى Petropavlovsk-Kamchatsky والتى تقع على الساحل الجنوبى الشرقى لشبه الجزيرة ، وتدور شوارع المدينة وتتفرع حول القمم البركانية الخاملة حيث لا يزال السكان من القبائل يعيشون على رعى القطعان وجمع وزراعة عيش الغراب والتوت البرى ، والمدينة مركز مهم للصناعة والعلوم ومؤخرا لسياحة المغامرات .وقد بدأت الطبقات الجليدية فى الذوبان مؤخراً ، خاصة بسبب إرتفاع درجة حرارة الأرض عموما ً، ويبدو ذلك جليا على الطبقات السطحية للسقف وللحوائط الجانبية للكهف التى أصبحت أكثر رقة وأقل سمكاً، ما يجعل ضوء الشمس يخترقها فى بعض المناطق ، وهو وإن كان يشكل خطراً ، إلا أنه يخلف منظرا إبداعيا جميلا .
وتعد جزيرة كامشاتكا التى تقع فى الشرق البعيد من روسيا، منطقة ذات جمال طبيعى أخاذ ببراكينها الضخمة الرائعة وبحيراتها الواسعة وانهارها الساكنة وسواحلها الجميلة .