Booking.com

ربما لا يتمتع تمثال باسكينو في إيطاليا بشهرة برج بيزا المائل ولا بجمال الأعمال الفنية الأخرى، وليس له شعبية كبيرة لدى السائحين كباقي معالم العاصمة روما، لكن الأمر مختلف لدى الإيطاليين.. إنه تمثال “باسكينو” Pasquino أو ما يُمكن أن يُسمى تويتر القرن السادس عشر الميلادي!

Pasquino تمثال باسكينو في روما

حمل باسكينو شكاوى الشعب الإيطالي لقرون

“باسكينو” هو الاسم الذي أطلقه الرومان علي التمثال الذي يعود تاريخ نحته إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وتم اكتشافه واستخراجه من ضاحية “باريوني” في روما خلال القرن الخامس عشر، ولكن شهرة التمثال الحقيقية بدأت عندما قرر الكاردينال “أوليفر كارافا” أن يُغلف التمثال بسترة من الرخام، وذلك أثناء الاحتفال بعيد “القديس مارك”.

التمثال عبارة عن جذع إنسان موضوع علي قاعدة من الرخام، وموجود في زقاق ضيق قبالة ساحة “نافونا”، ومن الصعب علي السياح العثور عليه بمفردهم لمكانه المختفي عن الأضواء نوعاً ما؛ فبينما ينشغل السُياح بالبحث عن المقاهى والمطاعم غير واعين بوجوده، يُقدر أهل المدينة قيمة “باسكينو” جيداً، ويُمثل لهم رمزاً لحرية التعبير عن الرأى وله معهم قصة.

ارتبط التمثال عند الإيطاليين بعادة طريفة؛ حيث كانوا يستخدمونه في التعبير عن آرائهم، وكان المارة يلصقون بقاعدة التمثال قصاصات تضم انتقادات ساخرة لاذعة تحكي معاناتهم اليومية مع السلطة مثل غياب العدل والمساواة والظلم الذي كان يقع عليهم من رجال الكنيسة آنذاك، وكانوا يكتبونها باللغة اللاتينية أو الإيطالية فأتى اسمها pasquinate، أو pasquinades باللغة الانجليزية.

وكانت تلك الكتابات الساخرة تنتشر في كل أرجاء روما، وجمع “جياكومو مازوكى” تلك الكتابات ونشرها في كتاب حتى ذاعت شهرتها في جميع أنحاء أوروبا، ونظراً لأن هذا التمثال أصبح الملاذ الوحيد للشكوي بالنسبة لهم أطلقوا عليه “التمثال الناطق” لأنه مثل بالنسبة لهم لساناً ناطقاً يحمل مشاكلهم ومعاناتهم اليومية، والطريف أن التمثال تبادل الحوار، على لسان الناس، مع أكثر من تمثال في روما منها “مارفوريو” والموجود حالياً بأحد متاحف كابيتولين في روما. وبعد ذلك نُقل التمثال إلى مدينة بازل السويسرية، وليُطلق عليها اسم مدينة الحرية نظراً لوجود التمثال بها.

والآن بعد الثورة الكبيرة في عالم الاتصالات والشبكات الاجتماعية والتي أصبحت بالفعل تربط العالم ببعضه، وصارت ملاذاً لمنتقدي السياسات الحكومية للعالم أجمع يعود ذكر باسكينو الذي يشبه تويتر؛ فيمكنك ببساطة الدخول بحسابك الحقيقي أو بحساب مزيف وترك تعليقاتك على الأحداث واكتساب متابعين كُثر.

Pasquino تمثال باسكينو في روما

نماذج من كتابات الإيطاليين على تمثال باسكينو

ويملك الكثير من مستخدمي تويتر حسابات بأسماء مستعارة لكبار السياسيين والشخصيات التاريخية والأدبية المشهورة، ومن أشهرها في العالم العربي حساب ساخر يحمل اسم الرئيس الأمريكي أوباما، بجانب حسابات تُغرد بأقوال شعراء وأدباء عاشوا قبل قرون. وفي إيطاليا بدأت مدونة تحمل اسم pasquinate.it جمع ما يكتب على التمثال إلى الآن، كما ظهرت تغريداتها على تويتر هذا الشهر بحساب يحمل اسم باسكينو نفسه pasquinateblog@، كما استخدم العديد من المدونين الإيطاليين هذا الاسم ليصبح اسماً لمدوناتهم التي تحمل انتقادات للساسة، وبالطبع فإن نصيب الأسد من هذه الانتقادات يكون دائماً من نصيب رئيس الوزراء الإيطالي الذي استقال مؤخراً سلفيو بيرلسكوني.

باختصار فإن “باسكينو” ظل يغرد بالانتقادات في وجه كل أصحاب السلطة منذ أكثر من 500 عام، وحتي مع الثورة الهائلة في الاتصالات فإن الشعب الايطالى لم ينس فضل “باسكينو” عليه وظل متيمناً باسمه حتى اليوم في كل مواقع التواصل الاجتماعى، لذلك فهو يستحق لقب تويتر القرن السادس عشر.

المصادر: 1، 2

[ad#Ghada648x60]

شارك برأيك