قد تكون سمعت الاسم ذات مرة وقد تكون قرأت عنه أو تردد أمامك سريعاً، ولكن الكولسيوم بالفعل هو أحد أشهر التحف المعمارية في العالم، وأحد أجمل ما أنجزته الهندسة المعمارية الرومانية في تاريخها؛ فشكله البيضاوي المميز الجذاب والمنتظم وتصميمه الفريد وارتفاعه الشاهق الذي يعطي إحساساً بالهيبة والعظمة من سماته الفريدة.
وعلى الرغم من أنه كان من أكثر المناطق دموية في التاريخ، حيث كان يستخدم في صراعات عنيفة بين البشر وبعضهم أو بين البشر والحيوانات كانت تنتهى بمقتل أحد الأطراف، ألا أن تصميمه الفريد تغلب على دمويته وأصبح معلماً تاريخياً وسياحياً مميزاً في قلب العاصمة الإيطالية روما.
الكولوسيوم Colosseum أو ما يسمى بالأصل “المدرج الفلافي” بالاتينية Amphitheatrum Flavium هو مدرج رومانى عملاق يقع في وسط مدينة روما، ويسع من 45000-50000 مشاهد، ويبلغ طول محيطه 527 متراً، وارتفاعه 50 متراً، وكان الناس يقصدونه لمشاهدة أكثر العروض إثارة، كمطاردة الحيوانات المفترسة، واسُتخدمت ساحته في قتال المصارعين (الجلادياتورز) والمسابقات الجماهيرية.
تم البدء في بناءه ما بين عامي 70 و 72 بعد الميلاد تحت حكم الامبراطور فيسباسيان، وتم الانتهاء منه بشكل أساسي سنه 80 في عهد الامبراطور تيتوس، ثم أجريت عليه بعض التعديلات في عهد الامبراطور دوميتيان. ومنذ تاريخ البدء في البناء وحتى الوقت الحاضر مر الكولوسيوم بالعديد من التطورات المعمارية؛ فقد كان يعتقد أن الساحة كانت مغطاة بقبة سماوية كبيرة.
يُعد المبنى أشهر مثال للمسارح الرومانية على هذه الشاكلة، والتى تتميز بكونها كاملة الاستدارة أو بيضاوية تماماً، وظل المبنى مستخدما لمده تقرب من 500 عام وسجلت أخر ألعاب أقيمت فيه في القرن السادس الميلادي، بعد التاريخ الذي يعتقد سقوط روما فيه وهو عام 476 م.
أما عن وصف الكولسيوم فهو مبنى بيضاوي الشكل يصل ارتفاعه الى أكثر من 48 متر كما أشرنا، ويمكن دخول المبنى من خلال ما لا يقل عن 80 مدخل، وللمبنى أربعة طوابق فوق سطح الأرض، وأعلى طابق كان مخصصاً لجلوس الطبقات الدنيا من عامة الشعب والنساء، أما أقرب طابق إلى الساحة فخُصص للمواطنين البارزين والشخصيات الهامة.
وكانت الساحة نفسها يبلغ طولها 83 متراً وعرضها 48 متراً، وهى عبارة عن أرضية خشبية تغطيها الرمال التى كانت أحيانا تُصبغ باللون الأحمر حتى لا تظهر بها آثار للدماء، أما الطابق الموجود تحت الأرض فكان مخصصاً لأقفاص الحيوانات المفترسة ويتم رفع الأقفاص حتى تظهر هذه الحيوانات في وسط الساحة، وهناك دلائل وبقايا ورسومات قديمة تدل على وجود كميات كبيرة من الآلات وأثار المصاعد والبكرات والدعائم، والتى كانت تستخدم لرفع الحيوانات في قفص إلى السطح لإطلاق سراحها وسط الساحة.
وتمت تغطية الكولوسيوم بمظلة هائلة معروفة باسم “فيلاريم” velarium لحماية المتفرجين من أشعة الشمس وهى مثبتة في أركانه الاربعة من أعلى ويتم فردها بواسطة الحبال القوية، وكان يقوم بمهمة فرد المظلة فريق كبير به أكثر من 1000 رجل يتولون هذه المهمة.
واستخدم الأباطرة الكولوسيوم للترفيه عن الجمهور، وكانت تلك الألعاب رمزا للهيبة والقوة ووسيلة الأباطرة لزيادة شعبيتهم، وكانت المباريات تجرى ليوم كامل أو حتى لعدة أيام متوالية تبدأ مع الأعمال الكوميدية وبعدها عرض لبعض من الحيوانات النادرة والغريبة، وتختتم بالمعارك بين الحيوانات والمصارعين، أو بين المصارعين بعضهم، والتي كانت تنتهي بمقتل أحد المتبارين، وكان هؤلاء المقاتلين عادة العبيد وأسرى الحرب أو المجرمين.
وعلى الرغم من أن الكولسيوم دمر جزئياً في القرن الثاني عشر بسبب الأضرار الناجمة عن الزلازل المدمرة واللصوص الذين سرقوا الحجارة، إلا أنه رمز من رموز روما بل والإمبراطورية الرومانية كلها، وواحد من اشهر مناطق الجذب السياحي في إيطاليا.
والوصول إلى الكولسيوم سهل جداً فكل ما عليك فعله هو أن تستقل مترو أنفاق روما لتنزل في محطة الكولسيوم، وهى قريبة جداً من المبنى لذلك فلن تستغرق وقتاً في الذهاب إلى هناك.
والدخول للزوار تحت 18 سنة وأكبر من 65 سنة من مواطني الاتحاد الأوروبى مجاناً، أما لما هو غير ذلك فتتراوح التذكرة بين 10 و50 يورو للفرد. وافتتحت في ضيف 2010 شبكة من الممرات تحت الارض والتي كانت تستخدم لنقل الحيوانات البرية والمصارعين إلى داخل الحلبة بعد إجراء بعض الترميمات عليها.