ما أكثر الذين يزورون المملكة المتحدة كل عام للسياحة، والدراسة، والعلاج، وتثقيف البصر، والتسكع تحت رذاذ المطر، والتمتع بمختلف أوجه الحضارة هناك. ومهما كان نوع الرحلة أو الغرض منها؛ تبقى المطاعم وجهات لا بد منها للزائر في أي مكان. لكن المطاعم البريطانية ووجهات الطعام العريقة هناك على اختلافها تحرص على أن يقدم الطعام للفئات “الذواقة” من الناس، أي الذين ينتقون ما يريدون تناوله بعناية ورغبة حقيقية، لا أولئك الذين ينحصر اهتمامهم بملء بطونهم كيفما اتفق، وبأي طعام كان. وهو ما يجعل وجهات الطعام المتميزة في بريطانيا تحرض على تغذية عيون قاصديها بالأشكال الأنيقة للطعام وطريقة تقديمه الراقية قبل تغذية ألسنتهم بمذاقه وبطونهم به.
أيام مع الطعام
“موسوعة المسافر” رافقت الرحلة السياحية التي أعدتها مؤسسة ” VisitBritain ” البريطانية لزيارة بعض من أشهر مقاصد الطعام من مطاعم و مراكز أغذية تجارية مختلفة. بدأت الرحلة من العاصمة “لندن”، حيث أقام الوفد الصحفي في فندق ” Royal Garden Hotel ” ذي النجوم الخمس، والذي تنطق كل تفاصيله بفخامة ورفاهية تدعو كل سائح يطمح بتدليل نفسه لاختياره مكانا لإقامته، وزيارة مطعمه المتميز.
كانت الزيارة التالية لمطعم ومقهى ” ولزلي Wolseley ” اللندني لتناول وجبة الإفطار، وهو من المقاهي والمطاعم التقليدية الشهيرة في “بيكاديللي”.. يفتح المطعم أبوابه منذ السابعة صباحا بتوقيت لندن من الإثنين حتى الجمعة، وفي الثامنة يومي السبت والأحد.. تجدر الإشارة إلى أن اسم “ولزلي ” جاء من اسم سيارة نالت شهرة واسعة في هذه المنطقة عام 1921م!!
انطلقنا بعد تناول الإفطار للتجول في بعض شوارع لندن العليا وبيكاديللي سكوير لزيارة بعض المتاجر الغذائية ذات الأسماء العريقة، ومحلات بقالة أخرى أصغر حجمًا وأكثر شبابًا من حيث تاريخ ميلادها الناشئ. استهللنا تلك الجولة بمتجر “فورتنام و ميسون Fortnum and Mason ” الذي يُعتبر من أجمل متاجر لندن العتيقة التي تقدم لزبائنها مختلف أنواع الحلوى، البسكويت، العسل، الشاي، وأغذية لذيذة أخرى ما لا يستحق التذوق منها فهو يستحق النظر لجمال تغليفه وحسن تنسيقه بكل تأكيد.
وتجدر الإشارة إلى أن ثقافة تسويق الطعام في بريطانيا ترى وراء كل وجبة يختارها الإنسان حكاية تقرأ مشاعره، وأبعادا فلسفية تترجم أحاسيسه، لذا تهتم متاجر “فورتنام وميسون” بأشكال الحلوى التي يتم اختيارها للإهداء والتقديم في مناسبات خاصة كي تعبر بصمت عما يود الإنسان قوله.
أما محل “باكستون و وتفيلد Paxton and Whitfield ” الذي كان محطة زيارتنا التالية فيعتبر فردوس عشاق تذوق أصناف الأجبان على اختلافها، حيث يمكن للزائر أن يلتقي بنماذج أجبان لم يسبق له تذوق مثلها أو حتى السماع بأسمائها من قبل!
الشوكولا.. بين الطفولة والأناقة!
“روكوكو شوكليت Rococo Chocolates” من متاجر الحلوى الصغيرة التي تجذب الصغار وتغري شهية الكبار بألوانه المبهجة، وبساطة تصميمه الأنيق، وأجوائه المريحة، وتعدد نكهات منتجاته اللذيذة.
أبق أحزانك في الخارج قبل اختيار إحدى المناضد الصغيرة التي ترتدي وشاحا زهريا أو سماويًا محببًا كي تستعد لتجربة تذوق فريدة، فمذاق الشوكولا الاستثنائي هنا وأشكالها يصعب أن تقاوم!
قسم الطعام في متاجر “هارودز Harrods” الشهيرة كان وجهتنا التالية. والدخول إلى “هارودز” أشبه بولوج إمبراطورية تجارية ممتدة أفقيا وعموديًا وربما في اتجاهات غير مرئية أيضًا! إذ وراء ما يراه الزائر من أقسام للسلع الاستهلاكية الفخمة والبسيطة يُعتبر جناح الطعام الهائل جزءًا صغيرًا منها، هناك سبعة طوابق أخرى تحت أرض المتجر للتخزين وإتمام المزيد من الأعمال الضرورية لتحريك عجلة العمل لهذه العلامة التجارية الكبيرة!
في “هارودز” ثمة طعام يلائم جميع الأذواق والجنسيات والديانات، ثمة طعام شرقي عربي وآخر للقادمين من شرق آسيا، وغير ذلك كثير.
ومع كل هذه الأطعمة الشهية لم تنته رحلتنا في عالم الطعام على الأراضي البريطانية بعد.. مازال هناك المزيد بانتظار شغفكم لمعرفته عن الجزء الثاني من الرحلة بإذن الله.