بعد قضاء وقت شهي وممتع في رحلتنا حول مطاعم لندن ونخبة من مقاصد الطعام التي أشرنا إليها في الجزء الأول من هذا التقرير، حان وقت الانطلاق إلى منطقة “دوكلاندز” بعد الظهر لتناول وجبة غداء شهية على إحدى موائد “مطعم البندقية” الذي يجمع بين الرقي والبساطة في الوقت ذاته. مثلما يمتاز بموقعه الفريد المطل على واجهة نهرية تملأ النفس شهورا بالهدوء، والراحة، والسلام.

مدخل مطعم “البندقية”.. واجهة بسيطة تخفي مذاقات أنيقة

لا شك أن عشاق الصيد، والقنص، وجمع البنادق في الجزيرة العربية بوجه خاص سيبتهجون بمشاهدة تلك المجموعة الفريدة من البنادق المعلقة على جدران المطعم الصغير بهندسة فنية توحي بالأصالة والجمال، مؤكدة أن هذا المطعم يقوم على فلسفة تاريخية متميزة قبل أن يكون مجرد مشروع تجاري.

مجموعة فريدة من البنادق المعلقة على جدران المطعم..

تناولنا وجبة غداء نهرية مكونة من السمك والبطاطا المقلية، رافقتها نماذج سخية ومتنوعة من الخبز والزبدة البريطانية الشهية أثناء تبادلنا أطراف حديث أشهى مع صاحب المطعم الذي بدا أنه يتمتع بثقافة واسعة واستثنائية في مجال الطعام، ومجالات معرفية وتجارية أخرى. ويبدو أن ثقافته الموسوعية تلك؛ وإيمانه الشديد بمشروعه منذ بداياته الأولى هما السر الحقيقي في صمود مطعمه وتقدمه على مطاعم أخرى في المنطقة ذاتها.

توابل الهند بأناقة أوروبية!

العشاء كان تجربة استثنائية جديدة في مطعم يجمع بين عراقة الشرق وحداثة الغرب، فمطعم “بيناريس” الذي يقع في “مايفير” لندن، وتحديدا في “بيركلي سكوير” لا يبخل على زواره بتلك الأجواء الدافئة الساحرة المعجونة بمذاق حكايات ألف ليلة في قالب أوروبي ينطق بالسهولة والحداثة.

مذاق هندي بأناقة إنجليزية!

أضواء المطعم مزيج غريب يجمع بين الصخب والهدوء! أما أطعمته فهي مبتكرة، شهية، غنية بالتوابل الهندية، لكنها تقدم بكميات قليلة وبأشكال أنيقة يتم قياسها بعناية فائقة، لأن شكل الطعام يجب أن يواكب في جاذبيته جودة الطعم والطعام، قبل أن تحتضنها أطباق أوروبية برّاقة.

يقدم الطعام في مطعم “بيناريس” بكميات قليلة وبأشكال أنيقة مبتكرة..

التجربة الأكثر تفردا كانت السماح لنا بتناول العشاء على مائدة غرفة تمكننا من مراقبة الطباخين أثناء إعدادهم الطعام للزبائن. ومن النافذة الزجاجية الشفافة المطلة على المطبخ يمكن للناظر أن يكتشف كم أن إعداد الطعام في مطعم يحترم ذوق زبائنه ليس بالأمر الهيّن، إذ يُرى رئيس الطباخين وهو يركض من قدر إلى آخر ومن طبق إلى غيره بين مجموعة من العاملين المجتهدين إلى حد كبير.. حتى خطوة الإعداد للتقديم لا تُترك للصدفة؛ بل يتم ترتيب الأطباق بعناية تحت مجموعة من الأضواء الساطعة على طاولة خاصة ليتم التعامل مع كل طبق كلوحة فنية منفردة بذاتها، لا يجوز أن يشذ فيها لون أو خط صغير!

طباخو “بيناريس” يعملون باجتهاد وراء النافذة الزجاجية..

وبزيارتنا لهذا المطعم كانت نهاية نهارنا الحافل، ليكون بانتظارنا نهار آخر مفعم بالزيارات لمطاعم ومقاهي ستقرؤون المزيد عنها في الجزء الثالث من تقرير “موسوعة المسافر” عن هذه الرحلة.. انتظرونا….

شارك برأيكإلغاء الرد