هو شهر رمضان المبارك بنكهته الخاصة، ومذاقه المختلف، وأجوائه المدهشة، والتي لن تشعر بها حتى تجرب تناول إفطارك الشعبي في أجواء تراثية، تتنشق فيها عبير ذلك الزمن الأصيل والمميز لحي الحسين العتيق، ثم تمشي على مهل في شارع المعز في جولة يصاحبك فيها صوت الشيخ محمد رفعت، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، وتواشيح الشيخ النقشبندي، وأدعية الشيخ محمد متولي الشعراوي، ليصل صداها إلي كل مكان في مصر، حتى تصل إلي بيت السحيمي حيث البرنامج لا يخلو من احتفالية روحانية ساحرة ، وفي ختام جولتك لاتنسى ارتشاف كوب من الشاي بالنعناع المنعش على مقهى الفيشاوي الشهير، ثم سارع لأداء صلاة التراويح في المسجد الأشهر …. مسجد الحسين، بعدها فقط ستتأكد من أنها هنا تجربة رمضانية لاتوصف … تجربة رمضان في مصر.
الفانوس من أهم مظاهر الاحتفال
في هذا الشهر تتزين الشوارع وترتدي القاهرة ثوباً جديداً لاستقباله، وتكتسي البيوت بالفرحة، ويحرص المصريون على إضفاء أجواء من الفرحة والسرور قبيل موعد شهر رمضان بحيث لا يخلو شارع ولا بيت من مظاهر الاحتفال بشهر الصوم بتعليق الزينات والأضواء المبهرة بأشكالها المختلفة، كما تحرص المحال التجارية والمقاهي على تزيين واجهاتها بفانوس رمضان بأشكاله وأحجامه المختلفة والمميزة.
ويعد فانوس رمضان من أهم مظاهر الاحتفال ومن العلامات المميزة لهذا الشهر في مصر، حيث يقبل الأطفال على شرائه مع حلول الشهر الكريم إحياءاً للياليه الساهرة والممتدة إلي مطلع الفجر .
ما أن تعلن هيئة الإفتاء المصرية ثبوت وظهور هلال شهر رمضان المبارك، حتي تطغى فرحة عارمة يشعر بها الجميع في أنحاء البلاد، ويبدأ الناس في تهنئة بعضهم البعض، وسرعان ماتزدحم الشوارع بالباعة والمحلات التجارية التي تصطف على رفوفها أصنافا مختلفة من ياميش رمضان والمكسرات المختلفة كالبندق واللوز وأصناف التمور المختلفة والتي يُطلِق عليها التجار كل عام أسماءً مميزة تحمل سمة هذا العام سواء سياسية أو فنية.
موائد لا تخلو من أطايب الأكل والشراب
وبانطلاق مدفع الإفطار -الذي يرجع تاريخه إلى عهد محمد علي- تلتف الأسرة على المائده الرمضانية العامرة، والمزدانة بمختلف الأصناف التي تتفنن في إعدادها الأمهات على مدار اليوم، كالمحاشي بأنواعها والكفتة والبط والجلاش والممبار والكوارع ، وتتنافس النساء مع بعضهن في تحضير الإفطار وتبادل العزومات والولائم مع الأهل والاقارب طوال هذا الشهر الكريم والذي يعد مناسبة هامة للتزاور وصلة الأرحام.
يطغي الفولكلور على رمضانفي مصر، فيهتم المصريون بالحلوى التي تحتل مكانة خاصة على المائدة المصرية، وفي التراث الشعبي والعربي كالكنافة والقطائف والخشاف، والبقلاوة، وأم علي، والمهلبيه، والجلاش الحلو.
ولاتخلو مائدة مصرية كذلك من تلك المشروبات الشعبية التي تميز السفرة المصرية، كالكركديه، والخروب، والعرقسوس، والسوبيا وعصير قمر الدين، ومشروب “الخشاف”، وقد يحلو للبعض أن يشرب العصيرات الطازجة كالبرتقال أو المانجو أوالشمام، والتهام البطيخ.
أما السحور فيتربع طبق الفول المدمس اللذيذ على المائدة ، وكذلك الزبادي ، والبيض ، والمخللات بأنواعها.
يتزاحم المصريون من مختلف الطبقات على المشاركة في أعمال الخير ، فينشط عمل الجمعيات الخيرية العديدة ، والمنتشرة في مختلف المحافظات ويتم توزيع شنط رمضان على الفقراء والمحتاجين وتوزيع الصدقات عبر هذه المنافذ الخيرية ، كما تنتشر موائد الرحمن التي يقيمها الأغنياء في كل شوارع البلاد في مظهر تكافلي رائع قلما تجده في بلاد أخرى.
المسحراتي.. نداءات قبل الفجر
ولا يمكن أن يمر رمضان بدون طبلة المسحراتي ونداءته قبل الفجر على سكان الأحياء حتى يستيقظوا للسحور ، وعلى الرغم من أن المسحراتي عادة فاطمية قديمة إلا أن وجوده أهم ما يميز شهر رمضان .
يسير المصلون إلى المساجد الكثيرة والمنتشرة في أرجاء البلاد، إلا أن المواطن المصري المجاور لأل البيت، يحظى ببركة كبيرة ، ونعمة لاتضاهيها نعمة؛فهم يعتقدون أن البركات والرحمات تتنزل في هذه الأماكن أكثر من غيرها، ويبقى لرمضان نكهته الخاصة في حي الحسين العتيق بين التواشيح والأدعية في حضرة حفيد رسول الله، والإستمتاع بنسمات الصيف في محيط مسجده، لكل وجهته وبابٍ يلج فيه إلى جلال وجمال هذا الشهر الكريم. وفي حضرة الحسين مصريون، وعرب، وأجانب يختلفون في كل شئ وتجمعهم ليالي رمضان.
وحول مسجد السيدة نفيسة، والسيدة زينب في رمضان تقام الليالي الرمضانية التي تجعل القلب أكثر صفاء، وتعلقا بالله عز وجل، فتقام صلاة التراويح وحلقات الذكر وقراءة القرآن المستمرة حتى مطلع الفجر .
وأهم مايميز شهر رمضان أنه في ليلة السابع والعشرين منه ، يقام في مصر احتفالا كبيرا لليلة القدر، برعاية الدولة وتعقد فيه مسابقة كبيرة لتكريم حفظة القرآن الكريم وتوزيع الجوائز عليهم .
إقرأ أيضا: أشهر عادات المسلمين في استقبال رمضان
مدخل المقال فقط، تجربة حقيقة جميلة لرمضان في مصر