هل سألت نفسك يوماً كيف كان الفراعنة يعيشون قبل آلاف السنين؟ وهل راودتك أسئلة عن مظاهر حياتهم وأسرار التحنيط وطقوس ديانتهم؟ هل تخيلت نفسك يوماً تغوص في كتاب التاريخ لتختار عالم الفراعنة فتعيش فيه ولو ليومِ واحد فتتجادل مع أخناتون أو تساعد في بناء الأهرامات؟ هل تجرؤ على دخول غرفة التحنيط مع كبار الكهنة ليعلموك أسرارهم وليأخذوك معهم إلى عالم ساحر غريب يبهر العيون ويُحيِّر العقول؟
القرية الفرعونية
كلها تساؤلات يمكن أن تجد إجابة على بعضها بزيارة القرية الفرعونية على ضفاف النيل في مصر، فهناك أنت مدعو لقضاء يوم فرعوني يبعد عن عالمنا نحو سبعة آلاف عام.
صياد عجوز
بعيداً عن صخب الحياة وإيقاعها السريع وبمنأى عن ضجيج السيارات وتلوث الهواء، وفي قلب جزيرة في النيل بمدينة الجيزة المصرية يحيط بها أكثر من خمسة آلاف شجرة صفصاف، يعيش سكان القرية الفرعونية في هدوء يمارسون مظاهر حياتهم التاريخية وينتظرون ضيوفهم ليعيشوا معهم تفاصيل يوم لن ينسوه.
تبدأ الجولة في قارب قديم صُمم على الطراز الفرعوني يقوده صياد عجوز بلباسه التقليدي ويسير به في قلب النيل بمحاذاة أشجار البردي، التي تتحول إلى أوراق البردي والتي استخدمها المصرى القديم في الكتابة والرسم، وفي هذه الرحلة يمر المركب بعدة تماثيل ترمز لأشهر آلهة الفراعنة مثل “بس” إله الضحك، و”أوزوريس” وابنه “حورس”.
يقف القارب في أول محطاته، ولا تندهش حينما تجد نفسك في قلب مسرحية تمثيلية وترى مشاهد لولادة الطفل “موسى” والذى سيصير نبياً، وتشاهد أمه وهي تلقيه في النيل ليصل ليد زوجة فرعون ونرى رفض الطفل للمرضعات، وهنا تدخل أخته لتقنع الملكة بضرورة استئجار امرأة من بني إسرائيل وهي أمه لتقوم بإرضاعه، تشاهد في هذه المسرحية ممثلين على أرض الطبيعة يرتدون ملابس فرعونية تؤرخ لتلك الفترة التي عاش فيها نبي الله موسى عليه السلام.
ثم ينتقل المركب إلى محطة أخرى فيتوقف أمام فلاح مصري بثياب قديمة يزرع أرضه باستخدام أدوات قديمة الصنع تساعده حيواناته النشيطة، أما زوجته فنراها بملابسها البسيطة تعد له طعام الغداء، فتطحن القمح باستخدام الرحى القديمة، ثم تخبزه في فرن بدائي بعد وضع القش لإشعاله، وهنا يمكنك الاستمتاع بتناول وجبة شهية من المأكولات الريفية كالعسل والقشدة والفطير المشلتت.
في غرفة التحنيط
وتستمر الجولة فنشاهد مشاهد تمثيلية للكاهن الأكبر والمسئول عن حفظ الأسرار الملكية وتحنيط الموتى، نجده داخل قدس الأقداس الذى يرقد فيه تابوت الملك محمولاً على القارب المقدس، وفي غرفة التحنيط يقوم الكاهن بانتزاع أحشاء المتوفي وتحنيطه ويتم الاحتفاظ بهذه الأحشاء داخل أربعة أوعية مقدسة ليحرسها أربعة تماثيل يطلق عليهم أبناء “حورس”.
بيت النبيل وزوجته
ينطلق الزورق إلى مساحة واسعة تحفها أشجار الفاكهة ويتوسطها منزل جميل يجلس أمام بابه رجلٌ وسيم يرتدي ملابس فاخرة وأمامه أصناف من الطعام والفواكه، ونتعرف من شرح المرشد أن هذا الرجل هو النبيل يجلس في انتظار عائلته لتشاركه الطعام مستمتعين بالمناظر الجميلة لغروب الشمس، والتي اعتز بها المصريون القدماء واعتبروها من رموزهم المقدسة.
وإذا ترجلت من المركب لتزور بيت النبيل تستقبلك وصيفات الزوجة والتي نراها منهمكة أمام طاولة الزينة تمشط شعرها المضمخ بتركيبات فرعونية، كما تشاهد سريراً مريحاً تتكئ عليه للراحة أو للقراءة.
متاحف القرية الفرعونية
تعرض غرفة مغلقة لنماذج مختلفة لفرضيات عن كيفية بناء الأهرام. كما يوجد نموذج لمقبرة توت عنخ أمون التي اكتشفها عالم الأثار الإنجليزي هوارد كارتر عام 1922، وتشبه المقبرة الأصلية إلى حد كبير؛ فالزائر يتجول عبر ممرات لرؤية محتويات الغرفة من خلال فتحات تطل على مومياء الملك الشاب وكنوزه.
كما تحتضن القرية الفرعونية ثلاثة عشر متحفاً ثقافياً؛ منها متحف كليوباترا الذي يروي تاريخ مدينة الأسكندرية القديمة والإسكندر الأكبر والبطالمة، ويعرض نموذج لمدينة الاسكندرية ومكتبتها القديمة ومنارة فاروس. كما يمكن مشاهدة مراكب الشمس الفرعونية الشهيرة وهي إحدى المراكب الجنائزية في متحف المراكب المصرية القديمة، ومنه إلى متحف الفنون والعقائد الذى يؤرخ للعديد من مظاهر وجوانب الحياة المصرية القديمة كالآلات الموسيقية وأدوات الطعام والشراب والتجميل والمجوهرات والحلي القديمة.
أما إذا أردت التعرف على صور من الحياة المصرية فيمكن الذهاب إلى متحف التراث بالقرية، والذى جمع ثلاثين مهنة تقليدية كصانع الطرابيش والمِنجد (صانع الوسائد) والمسحراتي، وفيه يمكن أن تشاهد (كوشة) العروسين بأزهارها وشموعها، وبائع مشروب العرقسوس، والسقا أو بائع الماء.
ويمكنك أيضاً المرور على متاحف شخصيات شهيرة مثل متحف الرئيس جمال عبدالناصر، ومتحف أنور السادات، وكذلك متحف الفن القبطي، ومتحف التاريخ والفن الإسلامي. وإذا أردت مشاهدة نموذج لحجر رشيد، الذي ساهم في فك رموز الكتابة المصرية القديمة، فيمكنك التوجه إلى متحف نابليون والحملة الفرنسية.
الأنشطة الترفيهية في القرية
من المعروف أن الفراعنة مارسوا العديد من الألعاب الرياضية، وفي جولتنا نشاهد اسكتشات لبعض هذه الألعاب والمواد الترفيهية والتمثيل، وفي الصيف نشاهد تنويعات من العروض الشعبيه الراقصة التي تنتمي لمناطق مختلفة كالعروض الأسكندرانية والصعيدية والنوبية التي تجذب المشاهدين خصوصاً الأطفال، كما يمكن للأطفال اللعب في منطقة الحدائق والألعاب وزيارة مركز الفنون لتعلم فنون عمل الفخار والتلوين على البردي وغيرها.
وإلى الجزيرة ننطلق مرة أخرى ونعود إلى الصياد العجوز لنلتقى بشاب يحترف تشكيل الطين وتحويله إلى أواني فخارية جميلة، فبلمح البصر يستحيل التراب الممزوج بالماء إلى أباريق جميلة، بجانب عدد من النحاتين والرسامين والمصورين الفوتوغرافيين لالتقاط صور تذكارية بالملابس الفرعونية، وكذلك باعة المنتجات اليدوية التقليدية.
المزيد من الاخبار و “السياحة في مصر“
شاهد صور لأجزاء مختلفة من القرية الفرعونية: (لحجم أكبر اضغط على الصورة)