Booking.com

تمتد حدود أذربيجان، وهي إحدى جمهوريات آسيا الوسطى التي يبلغ عدد سكانها قرابة الثمانية ملايين نسمة، ما بين قارة آسيا وشرق أوروبا وتحدها جورجيا وإيران وروسيا وأرمينيا وبحر قزوين، بيد أن هذه الدولة تطمح في أن تكون جزءا من الأسرة الأوروبية. ولذا، فإن ما قد يعتبره البعض فنا ترفيهيا هابطا قدمه مطربون أذربيجانيون في مسابقة أغنية اليوروفيجن التي فاز فيها اثنان من هؤلاء المطربين ربما يكون قد مر دونما أن يلحظه أو يهتم به أحد لم يسمع شيئا من قبل عن هذه الدولة، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى حك رؤوسهم متسائلين: “اين تقع أذربيجان؟”

أذربيجان.. "أرض النار" وسياحة الأحلام المجهولة

منظر عام للمدينة القديمة

الإجابة على هذا السؤال تكمن ببساطة في أن هذا البلد المنتج للنفط صنع حظوظا كبيرة للحائزين على جوائز نوبل، وذلك من أمثال “روبرت نوبل” الذي كان غنيا منغمسا في الأعمال الخيرية، وعائلة روتشيلد من القرن التاسع عشر، وقد كانت الوفرة النفطية سببا رئيسيا لدفع لينين لغزو هذا البلد في عام 1920.

والحقيقة أن استقلال أذربيجان عن المنظومة الشيوعية حدث في عام 1991 وبحلول نهاية عام 2007 فإن الاحتياطيات الهائلة من النفط في الحقول الواقعة قبالة بحر قزوين كانت تعني أن باستطاعة أذربيجان إعادة تجميل وتجديد شباب العاصمة باكو في وقت قياسي سمح لها باستضافة مسابقة اليوروفيجن للأغنية في مايو من عام 2012.

أذربيجان.. "أرض النار" وسياحة الأحلام المجهولة

ساحة النافورة في وسط العاصمة باكو

إن قاعة كريستال الخلابة التي تأخذ الشكل البلوري قد شيدت لاستضافة ذلك الحدث الغنائي، حيث تقع تلك القاعة على تلة صغيرة تطل على بحر قزوين وتسطع نهارا بفعل أشعة الشمس كما ترسل أضواء الليزر في السماء ليلا. وتعتبر القاعة قريبة من ميدان العلم الوطني، والذي يعد موطنا لأحد أكبر الأعلام في العالم، وبالتأكيد الأكبر في أوروبا حيث يرفرف هذا العلم على على سارية يبلغ ارتفاعها 162 مترا فيما يبلغ طول العلم 70 مترا وعرضه 35 مترا. أما أفق السماء بالمدينة، فيحتضن نسبة كبيرة من ناطحات السحاب التي بني معظمها في غضون السنوات العشر الماضية، بيد أن أشهر المعالم السياحية في العاصمة باكو يتمثل في الأبراج الثلاثية التي شيدت مؤخرا والتي تعرف باسم “أبراج الشعلة” وهي ترتفع بنحو 235 مترا فوق المدينة. فضلا عن ذلك، تبدو هذه الأبراج براقة ولامعة أثناء النهار ومذهلة خلال الليل، لاسيما عندما تضاء حوالي عشرة آلاف من المصابيح الملونة والتي ترسم أنماطا هندسية من الأضواء والنيران الراقصة. ويشار هنا إلى أن كلمة آذربيجان تعني ” أرض النار ” وقد عرفت بهذا الاسم لأن حقول الغاز فيها تنفث النار من الأرض عند خروجها إذ تمتلك البلاد احتياطيا كبيرا من البترول والغاز.

وهنالك جادة جذابة جديدة تطوق البحر فعندما يبزغ ضوء القمر يخرج الشباب إلى الشوارع ويتوجهون إلى المطاعم والمقاهي العصرية لتناول الطعام والشراب في جميع أنحاء المجمع الساحلي الضخم الذي يضم العديد من هذه المطاعم والمقاهي الأنيقة. وفي أوقات أخرى يتسوقون هؤلاء الشباب في المتاجر التي تقع في ساحة النافورة ذات الطراز الهندسي المعماري الرائع، ناهيك عن المتاجر الشهيرة الأخرى وممرات المشاة الواسعة المصممة وفقا للنمط الأوروبي، ووسط هذه الخلفية من الحداثة، ربما كان الأمر مسليا لمشاهدة السيارات روسية الصنع من طراز لادا، وهي السيارات التي يطلق عليها هنا وصف “ملوك الطرق” والتي لم تلق رواجا كبيرا في أسواق المملكة المتحدة منذ 20 عاما، ولكنها هنا صارت جزءا من الحياة اليومية في المدينة حيث يصل عددها إلى ألف سيارة أجرة تم شراؤها أثناء الاستعداد لاستضافة مسابقة اليوروفيجن الغنائية.

أذربيجان.. "أرض النار" وسياحة الأحلام المجهولة

لقطة لبرج ميدين

غير أن أهم المعالم السياحية بالعاصمة هو ” برج ميدين” الذي يعشقه السكان مثلما يعشق الباريسيون برج ايفل، وكان هذا البرج فيما مضى معبدا ثم أصبح برجا للمراقبة ثم فنارة لإرشاد السفن في البحر. واليوم، يستطيع الزائر تسلقه على ارتفاع 28 مترا للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الساحرة من قمة البرج.

ومن أبرز المعالم السياحية في باكو، إضافة إلى ما سبق مزارا تاريخيا يعرف باسم حليف الشهداء الذي يضم مقابر رخامية تضم رفات هؤلاء الذين قتلوا أثناء “يناير الأسود” في عام 1990 في مجازر الإبادة الأرمينية. إن التاريخ القديم لباكو لايزال محفوظ بين جدران البلدة القديمة التي صنفتها منظمة اليونيسكو ضمن قائمة التراث العالمي، وتزخر باكو بعدد ضخم من أماكن الترفيه والأسواق التقليدية والحديثة حيث يمكن للزائر تذوق الطعم الشهي للخبز المحلي المعروف باسم “تندير” والذي يخبر في أفران طينية ويقدم معه جبن البقر المالح والقشدة، فضلا عن الشاي الأسود الذي تقدم معه الحلوى والمربى. ولا يمكن للزائر أن يغادر باكو دون أن يمر على متجر بالسوق لشراء الزي الأربيجاني التقليدي “جارب” أو السجاد اليدوي الشهير، والمجوهرات وهناك كذلك الخانات المقوسة حيث يمكن أن يقيم المسافرون على الطريق.

أذربيجان.. "أرض النار" وسياحة الأحلام المجهولة

قصر شيرفانشاكس أحد أبرز المعالم السياحية

ولا يفوت الزائر أيضا مشاهدة قصر شيرفانشاكس الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس عشر حين كان حصنا أو قلعة منيعة للدفاع عن المدينة، وأخيرا، هنالك ذلك المتحف الغريب الذي يضم تحفا فنية ونماذج مصغرة للعديد من الكتب والمؤلفات العالمية الشهيرة بالإضافة إلى أعمال وروائع مشاهير الكتاب من أمثال وليام شكسبير والروائي المسرحي الروسي الكساندر بوشكين.

شارك برأيك