Booking.com

مر على قلعة جبيل الأثرية ١٩ حضارة على مدار العصور، فأول شعب سكن فيها كان الشعب النيوليتي منذ الألف السادس قبل الميلاد، ثم أتى الكنعانيون، ثم الفينيقيون وبعد ذلك حصل التلاقي مع الحضارة المصرية وحضارة ما بين النهرين ثم أتت الحضارات الرومانية واليونانية والفتوحات الاسلامية ثم المماليك والأتراك، وهو ما دفعني للقيام برحلة إليها لتتعرف عليها عن كثب وذلك في إطار زيارة إلى مدينة جبيل التي حازت مؤخرا على لقب مدينة السياحة العربية لسنة 2013، وقد خططت لذلك بصحبة دليل سياحي كان يردد على مسمعنا بالانكليزية مع لكنة فرنسية واضحة :”أنا فينيقي،أنا جبيلي”.

معبد المسلات من أشهر معالم منطقة جبيل

“نحن اخترعنا الأبجدية ،وناووس احيرام تم انتشاله من هذا المكان” كانت هذه الكلمات المليئة بعبق التاريخ والإنتماء تسعدني كثيراً وتجعلني ابتسم كل الوقت عندما يرددها الدليل السياحي على مسامع الزوار والسائحين.

وبعد جولة في القلعة اصطحبنا الدليل السياحي إلى المنزل اللبناني،”منزل ال حسامي” ،أشهر المنازل اللبنانية ويعود ذلك إلى موقعه داخل سوار القلعة التاريخية وإلى هندسته اللبنانية التقليدية، فهو الشاهد الوحيد الباقي على البيوت التي كانت توجد حول قلعة جبيل حتى أواخر عشرينات القرن الماضي والذي هدم بالكامل لصالح الحفريات الأثرية وقد كان هذا الحي  أكبر أحياء المدينة القديمة داخل السور.
لا أعلم تحديداً ماذا يجذبني بهذا المنزل، فلا أتردد في كل مرة أزور جبيل عن التقاط مئات الصور في محاولة لاكتشاف سر جماله.

 

اكملنا جولتنا السياحية في مدينة جبيل، وكان دليلنا يحيي المارة واصحاب المحلات  ويقول لهم :”مبروك لجبيل”. بدا لي أنه يعرف كل سكان جبيل منذ ٦٠٠٠ سنة حتى يومنا هذا.
وقفنا أمام أحدى المحلات في أسواق جبيل القديمة وبدأ السواح بشراء التذكارات، أنا بكل بساطة اشتريت مظلة لأن المطر أصبح غزيراً.

متحف الأسماك المتحجرة

وصلنا إلى متحف الأسماك المتحجرة ،أسماك يبلغ عمرها ألاف السنوات، إذ يعود ثراء لبنان بالأسماك المتحجرة  إلى براكين وزلازل ضربت لبنان منذ 100 مليون سنة، أدت الى صعود طبقات من باطن البحر الى أعالي الجبال حاملة معها ملايين الأسماك والحيونات البحرية إلى ارتفاع 700 متر عن سطح البحر اليوم، فانطبعت صورها بين ثنايا الصخور في شكل واضح “هكذا شرح لنا  الدليل السياحي عن هذه الأسماك ،وقال لنا إنه بإمكاننا التوجه إلى المقالع من أجل البحث عن هذه المتحجرات في بلدتي حجولا وحاقل. ومعظم هذه الأسماك المتحجرة هي من النوع المنقرض نظراً للتطور الجيولوجي الكبير الذي عرفته المنطقة.

اكملنا جولتنا السياحية بزيارة الكنائس والمساجد ،ودخلنا إلى باحة إحدى البيوت التي جذبتنا بجمالها فما كان من سيدة المنزل إلا أن استقبلنا وقدمت لنا القهوة اللبنانية … أعتقد أن جبيل حصلت على لقبها كأفضل مدينة للسياحة العربية ،ليس فقط لتاريخها الغني ،بل أيضاً لكرم شعبها.
ما يميز جبيل أيضاً هو إمكانية زيارتها سيراً على الأقدام لأن أغلبية الأثار التاريخية موجودة داخل سوار المدينة القديمة ،وقد وضعت البلدية بتصرف السواح سيارات كهربائية تقوم بالتجوال في كل جبيل مجاناً .أما الدخول إلى كافة معالمها التاريخية فهي مجانية أو رسم دخول لا يتعدى ال ٧  دولار أمريكي .

المرفأ التاريخي

أخيراً قررنا التوجه إلى المرفأ التاريخي وتحديداً إلى مطعم “بيبي عبد ” لتناول السمك وعند وصولنا إلى مرفأها التاريخي ، عادت بي الذاكرة إلى صيف جبيل الحافل بمهرجانها الدولي الذي يستقبل أشهر الفنانين العالمين والعرب على حد سواء، والصور المعلقة على جدران المطعم هي خير دليل على تاريخ سياحي عريق بعراقة مدينة جبيل. وفجأة يوقظني صوت صاحب المطعم قائلاً: “سمك مقلي صيد اليوم، مع مازات لبنانية ،أهلاً وسهلاً بك سيدتي إلى مدينة جبيل ،مدينة السياحة العربية لسنة ٢٠١٣ “

شارك برأيك

التعليق