منذ أن بدأ اتجاه الحكومة السعوديّة لتشجيع الاستثمار في “جزر فرسان” على أمل تحويلها إلى وجهة سياحيّة مُستقبليّة؛ وسواحلها الغنيّة بمصائد اللؤلؤ والأسماك تتهيأ لاستقبال المُهتمّين بالسياحة الطبيعيّة والتاريخيّة على حدٍ سواء. إذ تتنوّع الحياة المرجانيّة والأحياء المائيّة من رخويّات وأسماك وقواقع، إلى جانب “العنبر الخام” الذي يُعتبر مصدرًا ثمينًا من مصادر الرّزق لبعض سكّانهاالذين يسعون وراءه في موسم الشتاء البارد، لا سيّما بعد اعتبارها منطقة محميّة بغرض المُحافظة على التنوّع الطبيعي للطيور والأشجار والكائنات الحيّة النادرة فيها.

تمتاج جُزر فرسان بمشاهد طبيعيّة خلابة

جزر فرسان

تبعد تلك الجُزُر حوالى 50  كيلومترًا عن مدينة جازان السعوديّة، وتضمّ حزمة جزر يصل عددها إلى 84 جزيرة تقريبًا، وطول شواطئها حوالي 216 كيلومترًا. وتزخر تلك الجزر بمقوّمات سياحيّة تجعلها وجهة مُفضّلة لكثير من الزوّار، منها تكوينات الشعب المرجانيّة، والشقوق الغريبة ذات المياه العذبة، والقواقع والسلاحف والكائنات البحريّة المُتحجّرة وغيرها.

تُعد “فرسان الكُبرى” هي أكبر جزر فرسان مساحة وسُكّانًا، وتليها “فرسان الصغرى” المعروفة بـ “السقيد”. كما يُعتبر ساحل “العشّة” الممتد على جنوبها من أجمل سواحلها الطبيعيّة، وقد نال تلك المكانة لصفاء مائه ونظافة رماله، وإلى جانبه ساحل “الفقوة” الذي يرتاده سكّان الجزيرة من حين لآخر بغرض صيد الأسماك والتمتع بالمناظر الطبيعيّة الخلاّبة. ومثله ساحل “عبرة” الذي يشكّل الوجهة المُفضّلة لقاصدي الجزر بغرض الصيد والاستجمام. أمّا خليج “جنابة” الذي يُد من أكبر خلجان جزر فرسان وأكثرها وفرة بالأحياء المائيّة، فيقصده مُحبّي تلك الأماكن لمزاولة هواية استخراج اللؤلؤ إضافة إلى كونه منطقة ملائمة للراحة وإقامة المخيّمات خلال فترات العطلات.

وإلى شمال جزر فرسان تقع منطقة “القندل”؛ ورغم أن الطريق إليها يبدو وعرًا، يحتاج إلى دليل طريق، إلا أن هواة هذا النوع من السياحة ينسون ما قد تكابده أقدامهم من عناء للوصول إليها فور رؤيتهم أشجار الشورى والقندل التي تتخللها الممرات المائيّة، فتضفي على جمالها مزيدًا من السحر. تتباين شواطئ الجزر بين كثبان بيضاء ناعمة ورمال خشنة، وتعتبر الجُزُر بوجهٍ عام من أغنى المناطق بغابات أشجار المانجروف الساحلية، و تختبئ في مياهها مجموعة من الشعاب المرجانية النادرة عدا عن ثرائها بتجمعات الطحالب والحشائش البحرية، ونماذج أخرى من الأحياء الطبيعيّة كالسلاحف، والغزلان، وطيور متنوّعة كطيور الفلامنجو، والعقاب النساري، والغرنوق الأسود، وأبو ملعقة، و مالك الحزين، والنورس أبيض العين، والقطقاط آكل السرطان، والبجع وردي الظهر.

تحتضن جزر فرسان نماذج متنوّعة ومُختلفة من الطيور والكائنات البريّة والبحريّة

ومن معالم “جزر فرسان” الأثريّة “وادي مطر”، حيث توجد أطلال ذات صخور هائلة عليها كتابات يُقال أنها كتابات “حميريّة” تعود إلى عصور ما قبل الإسلام، والغريب في تلك الصخور هو ضخامة حجمها الذي يجعل إنسان العصر الحديث يتساءل عن الكفيّة التي استطاع بها أولئك البشر القدامى نقلها إلى هذا المكان لبناء تلك المباني الخالِدة! ولا يمكن لزائر الجُزر ألاّ يتشرّف بدخول “المسجد النجدي” الذي شيّده تاجر اللؤلؤ “إبراهيم التميمي” عام 1347هـ،ويمتاز بنقوش وزخارف إسلاميّة بديعة تكاد تشبه تلك الموجودة في قصر الحمراء بالأندلس، أو إشباع البصر بمرأى “بيت الرّفاعي” الذي يُعد تُحفة حقيقيّة في مجال الفن المعماري القديم، عاكسًا لنا صورة الثراء والترف لتاجر اللؤلؤ الذي كان يمتلكه أيّام ازدهار تجارة اللؤلؤ. بينما تقع “قلعة لقمان” على يسار الطريق المتجه إلى قرية “المحرق” في السعودية،  وتتشكّل من مرتفع تجمّعات صخريّة مُربّعة الشكل تدل على أنها أنقاض قلعة موغلة في العتق.

بيت الرّفاعي.. تُحفة حقيقيّة في مجال الفن المعماري القديم

 أمّا “القلعة العثمانيّة”، والتي تُعدّ من أهم المباني الأثريّة هناك، فهي تقع شمالاً بالقرب من قرية المسيلة، على مُرتفعٍ يمنحها موقعا استراتيجيًا بإطلالته على عموم بلدة فرسان، وهي مبنية من الحجارة والجص، وسقفها مصنوع من جريد النخل المثبت على قضبان حديديّة قويّة. ويُرجع المؤرّخون وخبراء الآثار تاريخ جزر فرسان إلى ثلاثة ملايين عامٍ تقريبًا.

الوصول إلى جزر فرسان والإقامة فيها:

يُمكن الوصول إلى جزر فرسان من مُحافظة جازان بإحدى طريقتين: الأولى عن طريق العبّارة المائيّة الرّسميّة، وتستغرق الرحلة بها ساعة ونصف من الوقت على وجه التقريب، وتنطلق العبّارة ثلاث مرّات يوميًا من وإلى جزر فرسان في رحلات مجّانيّة بلا مُقابل. أمّا الطريقة الثانية فهي الانتقال بواسطة القارب، وتستغرق الرّحلة بها حوالي ساعة من الزّمن، وتتحرّك كلّما توفر سبعة مسافرين على ظهرها، علمًا بأنها تتسع لـ 15 مُسافرًا، وتكلّف الرّحلة على متنها 50 ريالاً سعوديًا للرّاكب الواحد.

التخييم على الشواطئ شائع جدًا في جزر فرسان، لكنّ الفنادق والمنتجعات فيها قليلة، منها “منتجع كورال فرسان” الواقع على شاطئ “جِنابة”، وتقيّم خدمته بـ خمس نجوم. يضم هذا المُنتجع أجنحة فاخرة، ومقهى إنترنت، ومطاعم سعوديّة وعربيّة، ونادٍ صحّي. وينظّم هذا المنتجع رحلات بحريّة وبريّة للسيّاح المُغامرين.

منتجع كورال فرسان.. من أجمل منتجعات الجزيرة

 و “فندق فرسان” المُقيّم بـ ثلاث نجوم، ويقع في وسط جزر فرسان الرئيسيّة. يضم هذا الفندق 20 غرفة للنزلاء شاملة مختلف الخدمات الرئيسيّة كالتكييف، والتلفاز، والإنترنت، ومطعم واحد. هذا عدا عن نُزُل “ساسو سويت للأجنحة الفندقيّة”، و شقق مفروشة في أماكن أخرى لا يتجاوز عددها أربع شقق في الوقت الرّاهن. علمًا بأنّ الجزيرة مازالت – حتى اليوم- تخلو من شركات تأجير السيّارات، ومن سيّارات الأجرة الرّسميّة.

إقرأ المزيد عن “السياحة في السعودية

شارك برأيكإلغاء الرد

تعليقات