غابات استوائيّة شاسعة، شواطئ مرجانيّة خلابة، ضفاف أنهار جذابة، ومحميات طبيعيّة وممرات مُظللة ترتدي أجمل حللها الطبيعيّة للسيّاح في أرض ” بروناي ” التي يسمّيها بعض أهلها “دار السلام”، و بعضهم الآخر “بُندقيّة الشرق”، لتمكّنها من الجمع بين طيبة سكّانها المُسالمين، وجمالها الفريد من نوعه، لذا فإن مُحبّي الطبيعة من مختلف بقاع الأرض يُدللون حواسهم بزيارة أراضيها الخضراء، وهوائها النقي، وطبيعتها التي يصونها أهلها بعدم صيد الحيوانات البريّة، وعدم حرق الغابات التي تمتد على نحو 70 بالمائة من البلاد لأغراض زراعيّة.
تزدحم عاصمتها “بندر سري بغوان”؛ والتي تعتبر إحدى أجمل عواصم بلدان شرق آسيا، بالمواقع السياحيّة التي يمكن الوصول إليها بسهولة كالمتاحف والحدائق ومراكز التسوق التجاري، كما تمتاز “بروناي” بأنها البلد الوحيد الذي يتمتع بقرى مائيّة عائمة، الأمر الذي تمخضت عنه تسمية الرحالة الأوروربيون الأولون باسم “بندقيّة الشرق”. وترسو القرية المائية التي تعتبر أكبر قرية سكنية تطفو على سطح الماء في العالم بأسره على ضفتي نهر بروني بعدد سكانها الذي يبلغ عشرين ألف نسمة تقريبا، في الوقت الذي يمتد فيه تاريخها العريق لقرونٍ مضت حتى اليوم. ويفضل أولئك السكّان العيش على سطح البحر في بيوت تبنى على البحر، تسندها أعمدة في البحر! وتتمتع تلك القرى المائية بكامل الخدمات الضرورية من مستشفيات، ومدارس، ومساجد، ومراكز شرطة وإطفاء، بينما يتم التنقل في هذه القرية بواسطة القوارب. وقد يكون الأكثر غرابة معرفة أن بين هؤلاء السكان المقيمين على الماء لا يجيدون السباحة مُطلقًا!
تصرّ تلك الدولة الصغيرة التي يعتنق حوالي 60 بالمائة من سكانها الديانة الإسلاميّة على تطبيق مبادئ شريعة الدين الإسلامي، الأمر الذي لا يحتاج معه السيّاح المسلمين من القلق بشأن ما يتناولونه في المطاعم، كما لا تسمح بتداول الكحول بين ربوعها رغم إدراكها بمدى علاقة بعض السيّاح بالمشروبات الرّوحيّة ورغبتهم بها، وليس ثمّة نوادٍ ليلية أو مراقص تجاريّة. وتحتضن “بروناي” 200 مسجد وجامع فقط، قد يكون أشهرها “مسجد السلطان حسن بلقسة” في العاصمة، والذي يُعتبر أحد أكبر المساجد في شرق آسيا و أعلاها تكلفة. ومن أشهر المعالم في بروناي كذلك “قصر السلطان” الذي يُعد أكبر قصر في العالم حتى الآن ببنائه الذي شيّد على 200 ألف متر مُربّع ويضم 1788 غرفة كافية ليعيش السلطان وأطفاله الـ 12، ثم أحفاده في هذا القصر لأكثر من جيل.
ومن غرائب هذه الدولة الصغيرة قلة عدد سيارات الأجرة التي لا يتجاوز عددها 40 سيّارة، وقلة عدد حافلات النقل العام التي لا تتجاوز العشرين حافلة! كما لا يتجاوز عدد غرف الفنادق فيها 2000 غرفة. ومعظم سيّاحها من الصينيين الذين يهربون من الأجواء المكتظة إلى طقس جارتها “بروناي” الجميل، وإلى ما تمتاز به من هدوء وسرعة حياة أكثر رزانة وأقل ضجيجا، لكن هيئة السياحة في بروناي تسعى إلى توفير أفضل المستلزمات السياحيّة لاستقطاب سيّاح منطقة الشرق الأوسط التي تربطها بهم علاقات دينيّة، وتاريخيّة، فضلا عن رغبتها في فتح أبوابها للمستثمرين الذين بوسعهم التعرف على أفضل قطاعات الاستثمار في “بروناي” من خلال السياحة، وجمع المزيد من المعلومات عن تلك البلدة التي لم تتأثر من قبل بالأزمة المالية العالمية، ولم تتعرض إلى زلازل أو فيضانات، فيما يؤكد خبراء الجيولوجيا أن كثافة الغابات الممتدة على حدودها البحرية من جميع الجهات تساهم في صد أي تسونامي بحري أو فيضانات نهرية، إلى جانب وجودها الآمن بعيدا عن خطوط التماس للزلازل.