مع كُلّ إطلالة شمس يتفتّق الذّهن التّركي عن أفكارٍ جديدةٍ ومبتكرة لتسويق اسمها السّياحي في مُختلف بقاع الأرض، وضمن برامجها السّياحيّة المُتنوّعة تسعى تُركيا مؤخرًا إلى ابتكار برامج سياحيّة غير مألوفة تستقطب من خلالها سوّاح ذوي توجّهات واهتمامات مُغايرة للمُعتاد، ومن هذا المُنطلق فقد تمّ التّخطيط لخلق “برامج سياحيّة خضراء” ضمن التوجّه الحديث للتعريف بالمُنتج الزراعي التركي، وحدائق تُركيا ونباتاتها المُختلفة، إلى جانب عمليّة الإكثار الزراعي في تلك المنطقة، من خلال برامج سياحيّة تجمع بين الظّرافة المُتعة والتعلّم معًا.

“برامج سياحيّة خضراء” ضمن التوجّه الحديث للتعريف بالمُنتج الزراعي التركي

اكتشفت تُركيا أنّ طبيعتها الزّراعيّة قادرة على دغدغة مشاعر الإنسان، وإثارة اهتمام روحه، ومُغازلة صحّته بنباتاتها الخلابة وهوائها النّقي. وليس ثمّة أجمل أو أحبّ إلى النّفس والعافية من قضاء يومٍ سياحي وسط الزّهور الخلابة والنباتات البديعة في في بيئتها الطبيعيّة بكافّة مُكوّناتها الحيويّة. ويتضمّن البرنامج التّركي السياحي في هذا الإطار زيارة أكثر من حديقة تختلف كلّ واحدةٍ عن أختها في المنتج والحجم وأسلوب العمل، الأمر الذي يُضفي حيويّة و مزيدًا من التنوّع على البرنامج، في حين يُفصح الكرم التركي الأصيل عن نفسه حين يُقدّم أصحاب المكان المأكولات والمشروبات مشفوعة بمودّة ترتدي ثوب الرّد على أي سؤال أو استفسار من استفسارات السائح، ويُلاحظ أنّ أكثر هذه المشاريع تقوم على أساسٍ عائلي يدعمه الشغف بالهواية وعشق العمل أكثر من كونها شركات تجاريّة بحتة، إلا أنّها تشهد – رغم ذلك- تطورًا تنظيميًا سريعًا.

تشتهر الأراضي التّركيّة بتاريخٍ يعشق الزّهور..

يتضمّن البرنامج التّركي السياحي زيارة أكثر من حديقة

يحظى السائح المهتم بهذا النّوع من الرحلات بفرصة زيارة أراضي  زراعة القطن و زراعة الخضروات و الفواكه، و مشاريع البيوت الزجاجية و تربية الماشية، والتي يتم تصدير أكثرها فيما بعد إلى دول الخليج وأوروبا. كما يتضمّن البرنامج السّياحي في تلك الخطّة زيارة  لعدد من المشاتل والحدائق المُهتمّة بتنمية الزّهور والنّباتات التي يتم تصديرها إلى الخارج، والتي تُعدّ صناعة حديثة في تاريخ المدينة، لا يزيد عمر أقدمها عن 20 عامًا، إلا أنّها حققت – مع هذا- نجاحًا واسعًا حوّلها إلى صِناعة قائمة بذاتها ولها مؤسساتها المُتخصصة التي تضمّ عددًا كبيرًا من العاملين في مجالٍ يكبُر يومًا بعد آخر تحت مظلّة ما يُسمّى بـ “جمعيّة المُصدّرين للنّباتات والزّهور”، وتُمثّل أوروبا السوق الأوّل لهذا المُنتج، بينما يأتي السّوق العربي في المرتبة الثّانية إلى جانب أفريقيا، إذ إنّ السّوق التّركي يشهد تطوّرًا ونموًا كبيرًا على قدرٍ هائلٍ  من الأهميّة في مجال التصدير للخارج في مُختلف القطاعات الصناعيّة والإنتاجيّة التي تُعتبر الزّراعة من أبرزها.

تنتشر المزارع والمشاتل السياحيّة في عددٍ  كبيرٍ من المناطق التركيّة، أهمّها الرّيف الشّمالي، ومنطقتي أنطاكيا، وأنطاليا، و تجدر الإشارة إلى أنّ مُعظمها تُعتبر مُلكيّات خاصّة للأسر والمؤسسات القائمة عليها وإن كانت الحكومة تُنظّم عملها. أمّا الحدائق الوطنيّة العامّة ذات الطّابع السّياحي فلها نصيبٌ كبيرٌ من مساحات المدن الكُبرى مثل اسطنبول، يالوا، ومارمريس. نذكُرُ منها “حديقة بلدية فلوريا” في قلب اسطنبول، و “حديقة جنة الطيور والحديقة النباتية” التي 38 كم عن اسطنبول، و تحتضن انواعا عديدة من الطيور والنباتات من مختلف انحاء العالم، إلى جانب متنزهات خاصّة للمشاة. و “حديقة امرغان” التي تقع في منطقة إمرغان  المطلة على مضيق البسفور وهي أكبر الحدائق في تركيا وأجملها. و “حديقة أولوس” في منطقة أورطاكوي.

جانب من حديقة “بلديّة فلوريا” في اسطنبول

وتمتاز تُركيا بمحميّات زراعيّة طبيعيّة فريدة من نوعٍ لا يتكرّر في أيّ بقعةٍ أخرى من بقاع الأرض، نذكُر منها: “آقداغ” غي  محافظة “آفيون”، ” شلالة قورشونلو” في ” أنطاليا “، “بافا كولو” في ” آيدين”، “آيفاليك آدالري” في ” باليك أسير”،  “أوزون كول” في “ترابزون”، “آبانت كولو” في “بولو”، “جاتاك” في “جوروم”، “آرتابل كوللري” في ” كوموشهانه”، “يازيلي قانيون” و “كولجوك” في “إسبارطة”، “بولونز كوي” و “توركمن باشي” في “إسطنبول”، وأخيرًا “قدراك” في مُحافظة “موغلا”.

شارك برأيكإلغاء الرد