Booking.com

أوغندا…. بلد يختلف شكله في نهاره عن ليله، بالنهار تشعر وكأنك في مراعي استراليا ونيوزيلندا، وفي الليل ظلام دامس..
لأفريقيا وجوه كثيرة منها الجميل والخلاب الذي يأسر القلوب ومنها الوجه البشع الذي يحدثك عن الحروب والمجاعات.. ولكن رحلتي هذه المرة إلى أوغندا حملتني معها لمشاهدة الوجه المشرق لبلاد الشمس الحارقة وأصحاب البشرة السمراء..

المناظر الخلابة على بحيرة فيكتوريا

المناظر الخلابة على بحيرة فيكتوريا أحد أشهر المعالم السياحية في أوغندا

فترة تواجدي في هذا البلد لم تكن كبيرة ولم تتجاوز 36 ساعة لمهمة عمل صحفية، لم أذق فيها طعم النوم، و بالكاد استطعت أن التقط بعض الصور التذكارية على بحيرة فيكتوريا ( أحد منابع نهر النيل) والقيام بجولة حرة في العاصمة كامبالا لأكون انطباعاتي عن هذا البلد.. وللوهلة الأولى يتبين لمن يسير منا في شوارع العاصمة كامبالا مدى النعيم الذي تعيش فيه بلدان أخرى مثل مصر والهند والصين؛ فالزحام المروري هناك يشكل أزمة يومية للمواطن الأوغندي والزائر على السواء، ويكفي القول بانني استغرقت حوالي أربعة ساعات لقطع مسافة قدرها 12 كيلو متراً تسببت في تأخري عن اللحاق بطائرة العودة إلى القاهرة.

النساء والمرور

تنظيم المرور مسئولية الجنس اللطيف في أوغندا

تنظيم المرور مسئولية الجنس اللطيف في أوغندا

يرجع ذلك إلى عدم وجود بنية أساسية للطرق فلا توجد كباري أو أنفاق علاوة على ضيق عرض الشوارع التي لا تتجاوز الأربعة امتار على أحسن تقدير ولكن الميزة الوحيدة لهذا الزحام على حسب رأي المواطنين هو انعدام الحوادث المرورية والسير أو قلة نسبتها. والطريف أن البعض يرجع أسباب هذه الأزمةالمرورية إلى سيطرة العنصر النسائي على تسيير المرور اللاتي لا يستطعن من وجهة نظرهم ردع المخالفين من الرجال.

الدراجات البخارية للهروب من زحام كامبالا

الدراجات البخارية للهروب من زحام كامبالا

هذه الأزمة المرورية أوجدت سوقا رائجة “للموتوسيكل التاكسي” الذي باتت له أماكن تجمع ثابتة بسبب اظهاره مرونة كبيرة في التعامل مع زحام الشوارع وتكون أجرتها ضعف أجرة التاكسي وميكروباصات النقل الجماعية.

هنا أوغندا

تبلغ مساحة أوغندا 243 ألف كم مربع، وتغطي المياه العذبة حوالي خمسة عشر بالمائة من مساحتها، وتعتبر أرضها من أجمل بقاع شرق ووسط أفريقيا بسبب وفرة الكساء الأخضر من حشائش السافانا البستانية.

يبلغ عدد سكان هذا البلد حوالي 30 مليون نسمة يمثل المسيحيون أغلبية السكان بنسبة 52% والمسلمون 40% والنسبة الباقية ديانات وعقائد مختلفة بعضها سماوي والبعض الآخر وثني، ويتكون سكان أوغندا من عدة قبائل تزيد على عشرين قبيلة وينتمون إلى زنوج البانتو والنيليين الحاميين وهناك بعض الأقزام في مناطق العزلة بالغابات و بعض قبائل سيرياتل.

ويعاني هذا البلد من التضخم فتبلغ قيمة الدولار الأمريكي ما يساوي 1680 شيلينغ وهي العملة المحلية هناك، فأصبح التعامل بالآلاف والملايين شيئاً عادياً، فمثلاً قمت بتغيير مبلغ 20 $ فقط فبلغ ما يساويها بالعملة المحلية 33 ألف و 600 شلن!

قصة مسجد

يوجد في أوغندا ثاني أكبر مسجد في أفريقيا بعد مسجد الملك الحسن الثاني في المغرب، وهو مسجد العقيد الليبي المطارد معمر القذافي، ولهذا المسجد قصة … فقد استغرقت رحلة بنائه حوالي 30 سنة؛ حيث كان أول من بدأ في إنشائه الرئيس الأوغندي الأسبق عيدي أمين في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، ولكن توقف البناء بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح به ونشوب الحرب الأهلية هناك بين القوات الحكومية والمتمردين من جيش الرب في الشمال بقيادة جوزيف كوني والتي استمرت حوالي العشرين عاما حتى عام 2005.. حينها أراد القذافي استكمال بناء هذا المسجد وأطلق اسمه عليه، ومن المنتظر أن يرفع اسمه من على المسجد خلال أيام.

مسجد القذافي، أوغندا

ثاني أكبر مساجد أفريقيا واستغرق بناؤه 30 عاماً

وصل الإسلام هذا البلد عن طريق التجار العرب، والشعب الأوغندي والمسلمون على وجه الخصوص قلوبهم رقيقة جداً ولذلك فدخولهم الإسلام سهل جداً ولكن ينقصهم معرفة الدين؛ حيث تسيطر عليهم وخاصة في المزارع بعض المعتقدات القبلية فعلى سبيل المثال يصعب عليهم عبور نهر أو بحيرة لخوفهم من المجهول هناك على حد تعبيرهم وخاصة الجزر في قلب البحيرات.

بلد بوجهين

يختلف شكل هذا البلد نهاراً عنه في الليل فمع وضح النهار تستطيع أن تستمتع بمناظره الطبيعية الخلابة والبيوت المنتشرة على تلاله المكسوة بالخضرة، أما في الليل ونظراً لأن الطرق غير مزودة بإضاءة ليلية فإن الزائر لن يستطيع الاستمتاع بتلك المناظر الخلابة, لدرجة أنني لما أعلن قائد الطائرة التي أقلتنا إلى مطار عنتيبي هناك أننا دخلنا أجواء هذه المدينة نظرت من نافذة الطائرة ولاحظت تجمعات صغيرة جداً مضيئة.

مازال الأوغنديون يخشون عبور المياه إلى الجزر خوفا من المجهول حسب معتقداتهم

مازال الأوغنديون يخشون عبور المياه إلى الجزر خوفا من المجهول حسب معتقداتهم

الغريب في هذا البلد أن الشعب الأوغندي بالرغم من وجود أكبر منبع للنيل عندهم وعدد من روافده فإنهم لا يستفيدون منه على الإطلاق فلا يوجد كورنيش أو متنزهات أو أندية ترفيهية أو حتى دور سينيما فقط قصر ثقافة ….حتى الغابات المفتوحة المنتشرة في الغرب فالرحلات إليها مرتفعة التكلفة وتتجاوز 300 دولار للساعة الواحدة، لكنها رحلة تستحق المغامرة وما تنفقه فيها من أموال حينما تتجول في سيارات الأفقاص الحديدة وسط الحيوانات في الغابات المنتشرة هناك على الحدود الكينية، لتكون هذه المناظر الطبيعية الخلابة والغابات الاستوائية المفتوحة هي أبرز المعالم السياحية الذي يقصدها المهووسين بالحياة البرية من كل حدب وصوب.

مع نهاية زيارتي لها، التي كان مقدراً لها 24 ساعة فقط وامتدت لتصل إلى حوالي 36 ساعة، كم تمنيت أن أبقى المزيد من الوقت في أحضان هذه القلوب البيضاء بداخل الأجساد السمراء، خاصة عندما لوحوا لي بأيديهم قائلين “باي باي موزينجو” أي وداعا أيها الرجل الأبيض.

شارك برأيك

تعليقات