Booking.com

عادة سنوية يقوم بها سكان مالي الأصليون أو ما يعرفون بشعب دوجون Dogon، وهي الهجوم بشكل جماعي على بحيرة أنتوجو Antogo Lake التي تتمتع بمكانة مقدسة لديهم وتوجد شمال البلاد.

يمسك كل واحد منهم بأداة صيد بدائية ويحاول اصطياد أكبر كمية من السمك وهو في ذروة نشاطه وحماسه، وخلال دقيقة واحدة يكون جميع سمك البحيرة انتقل من الماء إلى أيدي الصيادين بشكل كامل، وبعد هذه اللحظة يُمنع صيد السمك في البحيرة بقية أيام السنة حتى يأتي موعد احتفال أنتوجو من جديد في السنة المقبلة، وهو الموعد الذي يحدده كبار رجالهم، وفي الغالب يكون بداية شهور الصيف عندما يكون الجفاف في بدايته.

تجمع شعب دوجون حول بحيرة أنتوجو قبل بدء المهرجان
تجمع شعب دوجون حول بحيرة أنتوجو قبل بدء المهرجان

هذه المنطقة من أكثر المناطق جذباً للسياح في مالي وفي غرب أفريقيا بشكل عام، وقد ساهم ذلك في تغيير كبير لسلوك شعب دوجون الذي كان منعزلاً وله تقاليده التي لم تتغير على مدار ألف سنة، وهم مجموعة عرقية تعيش في منطقة الهضبة الوسطى من مالي، يبلغ تعدادهم  800 ألف نسمة، ومعروفون بتقاليدهم الدينية ورقصاتهم الإفريقية بالإضافة للنحت والهندسة المعمارية الخشبية، يقيمون في قراهم المتجاورة المنحوتة في الصخور أو مبنية بطرق رائعة رغم بدائتها، وكادت أن تنضم قراهم لقائمة مواقع التراث العالمي (اليونسكو) سنة 1989م.

لحظات الإنتظار قبل إطلاق صافرة البداية
لحظات الانتظار قبل إطلاق صافرة البداية

للوصول إلى هناك بأسهل الطرق يلزمك سيارة بالسائق وتكلفك في اليوم الواحد 50 ألف CFA وهو ما يعادل 100 دولار فقط، وأبرز ما يجب زيارته هناك هي المدن التي تتميز بثقافة شعب دوجون وهي Bandiagara و Bankass و Douentza

لا تتمتع مالي بالكثير من الموارد المائية من أنهار أو بحيرات، فوجود مثل هذه البحيرة بها يعتبر ظاهرة نادرة في بلد تشكل الصحراء والوديان الجافة فيه أكبر نسبة من أرضه، وعلى الرغم من قدسية بحيرة أنتوجو إلا أنها صغيرة الحجم ومائها غير نقي وإنما يميل إلى اللون الرمادي أو البني، ويجعلها موسم الجفاف الذي يصيب مالي سنوياً بيئة سهلة جداً للصيد حيث ينخفض مستوى الماء بها مما يسهل على شعب دوجون مهمتهم الجماعية السريعة.

انتظار آلاف السكان المحليين للإنطلاق
انتظار آلاف السكان المحليين للإنطلاق

تخضع هذه العادة لطقوس وقوانين شرعها أسلافهم السابقون مستمدة من ثقافتهم، أهمها هو حظر مشاركة النساء في تلك العادة السنوية، والعجيب أن من اكتشف تلك البحيرة في الصحراء هي إحدى نساء شعب دوجون كما يقولون.

يبدأ اليوم بتجمع مئات من شعب دوجون أمام بحيرة أنتوجو المقدسة في انتظار صافرة البداية للانطلاق، يتجمعون على ثلاث مجموعات، كل واحدة تضم عدداً معينا من سكان القرى المتجاورة، يقومون بالصلاة خلال فترة انتظارهم حتى يعم الهدوء أرجاء المكان ولا يقطعه سوى أصوات الأطفال، ومع انطلاق الصافرة ينطلقون بشكل عشوائي على البحيرة بحيث لا ترى الماء بها، كل منهم يحاول صيد أكبر كمية من السمك بأي طريقة ممكنة، باستخدام السلة أو اليد أو الفم، وخلال دقائق معدودة ينتهي الأمر وقد امتلأت سلالهم بالسمك، وفي النهاية يجمعون السمك في أكياس جلدية ويتم تغطية وجوههم وأجسادهم بالطين ليؤدوا رقصتهم المحلية احتفالاً بما أنجزوه.

وبعد ثلاثين دقيقة يتم إطلاق عيارات نارية إعلاناً لانتهاء الإحتفال، ويأخذ أحد حكماء دوجون كل السمك ليقوم بتوزيعه بالعدل على جميع سكان القرية.

هجوم جماعي على البحيرة
هجوم جماعي على البحيرة

في الماضي كانت هذه المنطقة تغطيها الغابات الخضراء وفي وسطها تلك البحيرة، وساد اعتقاد بأن البحيرة تسكنها أرواح طيبة تزودها بأطنان السمك الذي يكفي لسد حاجة القرية كلها طوال العام، ومع مرور الوقت حلت بالمنطقة مواسم جفاف متعاقبة وارتفعت درجة الحرارة تدريجياً لتصل إلى خمسين درجة مئوية في منتصف الصيف، تحولت الأرض الخضراء إلى أرض صخرية جافة وقاحلة، وقاومت بحيرة أنتوجو وحدها هذا التغير في المناخ وبقيت كما هي، ولهذا أسبغت عليها صفة التقديس.

طلاء الوجه بالطين بعد نهاية المهرجان
طلاء الوجه بالطين بعد نهاية المهرجان

لشعب دوجون عادات أخرى عديدة يلفها الغموض والسحر، إلا أنه شعب يرمز للسلام والتلاحم وغياب الصراعات بينهم وتبادل الطعام والهدايا القادمة للصالح العام.

 الفيديو التالي يوضح عملية الصيد الجماعي بالتفصيل:

[vsw id=”_Tc6ywqoL6o” source=”youtube” width=”640″ height=”360″ autoplay=”no”]

شارك برأيك