أحياناً يصل السائح إلى قناعة بأنه استقر على جدول سفر مثالي أعده مسبقاً وبدأ يستعد نفسياً له، ولكن بمجرد أن تقع عينه على مزرعة “بابلون ستورين” في جنوب أفريقيا أو تصل إليه أخبارها فبالتأكيد سيراجع نفسه ليضم هذا المكان إلى جدوله السابق.

على بعد ستين كيلومتر شرق مدينة كيب تاون، وبالقرب من مدينة بارل Paarl توجد مزرعة ريفية على الطراز الهولندي يُطلق عليها “بابلون ستورين” أو Babylonstoren أقيمت منذ ما يزيد عن 300 عام، وعلى الرغم من أن تاريخ إنشاءها يعود إلى سنة 1690م إلا أن برج الحمام ومخزن القمح والغلال والبوابة القديمة وبيت الطيور والسور المزخرف الذي يحيط بالمزرعة مازالت على حالتها القديمة شاهدة على تاريخ المكان، ولاستعادة مجد هذه المزرعة واستغلالها سياحياً فقد تم إنشاء فندق فخم داخلها يحمل نفس اسم Babylonstoren الذي يوحي بأنه مشتق من كلمة Babylon وهي حدائق بابل المعلقة.

بيت الطيور في مزرعة بابلون ستيرون

بدأت فكرة المزرعة منذ 1652م حينما أقامت إحدى الشركات الهندية محطة لحفظ الطعام بهذه المنطقة وذلك بهدف تطوير التجارة، فكانت السفن التجارية تقف عند الميناء وتتزود بالماء العذب والمنتجات الزراعية والحيوانية من المزرعة، حيث كانوا يعتبرون هذه المنطقة في منتصف المسافة بين آسيا وأوروبا، وبمرور الوقت بدأت تظهر في المزرعة بيوت مبنية من الطين ذات أسقف سميكة لتجنب حرارة الصيف. وبعد ذلك بيعت المزرعة في مزاد علني سنة 1732م، والآن تم تخصيص ثلاثة أفدنة من المزرعة لتحويلها إلى حديقة وفندق، أما المساحة الباقية فهي تنقسم إلى 15 مجموعة بها 300 نوعاً من النباتات الصالحة للأكل، بالإضافة لبيت ريفي وسط أشجار الفواكه مخصص لاحتساء الشاي والقهوة ليلاً.

غرفة المعيشة داخل الفندق تطل على مزرعة “بابلون ستروين”

بعد بناء هذا الفندق أصبحت المزرعة الهولندية التي تحمل أجواء القرن السابع عشر الميلادي تحمل في ذات الوقت أجواء فندق 5 نجوم يوفر الرفاهية لزواره، يضم داخله 14 جناحاً مؤثثة بشكل بين الحديث والقديم، فكل قطع الأثاث فخمة وحديثة ولكن لم ينسَ القائمون على الفندق تطعيم الأثاث بتحف قديمة ولمسات أنيقة تضفي جواً مناسباً للمكان، كما أن أرضيات الغرف عبارة عن ألواح كبيرة من خشب البلوط التي تعطي شعوراً ريفياً يميل إلى الهدوء والدفء، وقد أشرفت مهندسة الديكور الجنوب أفريقية كارين روس Karen Roos على تصميم الغرف، وما يزيد المنظر جمالاً هي تلك الجبال التي تحيط بالمزرعة والتي تبدو من نوافذ الفندق.

بيت الشاي في مزرعة “بابلون ستورين” في جنوب أفريقيا

بمجرد الوصول إلى بوابة مزرعة “بابلون ستورين” ستجد طاقماً في استقبالك ومعهم عربة ريفية تشبه إلى حد بعيد عربة الـ golf buggy لحملك وحمل أمتعتك عبر المزرعة حتى باب الفندق، في هذه الجولة التي تستغرق عدة دقائق تشاهد خلالها أشجار القرع البرتقالي العملاق، وبساتين الجريب فروت، والتوت البري بلونه المميز وبجانبه الأعشاب الحيوية بلونها الأخضر الزاهي، وأشجار المانجو والموز والعنب والزيتون والتين وغيرها.

تجد يومياً بيض طازج داخل بيت الطيور

أكثر ما يميز فندق “بابلون ستورين” هي الأنشطة الغير تقليدية المتاحة للسائح والتي يمكن ممارستها على مدار اليوم، فهناك أنشطة تناسب من يرغبون في اكتشاف الذوق الريفي كالتنزه وسط 500 فداناً من الأرض الخضراء، واختيار ما يحلو لك من أجل إعداده في مطعم بابل وهو المطعم الوحيد في الفندق، أو دخول بيت الطيور الذي يمتليء بعشرات الأنواع المختلفة واختيار ما يحلو له ليراه مشوياً بعد ذلك في المطعم، فضلاً على أنشطة الإثارة كالغوص في بحيرات المزرعة، ومراقبة الطيور في مكان مُعد لذلك، بالإضافة لأنشطة جماعية كالمشاركة في الحصاد وجمع الثمار والأعشاب والمكسرات والتوابل والخضروات، وهناك أنشطة ممتعة أخرى مثل ركوب الزوارق والتجول بين بساتين العنب.

إقرأ المزيد عن “السياحة في جنوب أفريقيا

مزيد من صور مزرعة “بابلون ستورين” الريفية القريبة من كيب تاون: (لحجم أكبر اضغط على الصورة)

شارك برأيكإلغاء الرد

التعليق

  • لقد أتيحت لي زيارة جنوب أفريقيا مرتين مرة في العام 2005 والاخرى عام 2009/2010 وأقول الحق أنني زرت العديد من دول العالم في حياتي فلم تؤثر بي وبأحاسيسي بلاد مثل جنوب أفريقيا ، فقد عشقتها من اللف الى الياء و تمنيت لو أنني أقضي بقية عمري فيها لجمال أخلاق أهلها وطبيعنهم السمحة واللطف الغير متوقع في بلد ذو طابع أوروبي بالكامل، كل شيثء كان جميلاً الناس والطبيعة الخلابة التي تأسر القلوب والحداثةالراقية الغير مبتذلة و عفوية التعامل بكل راحة مع الناس والامور هناك. أقول الحق…جنوب أفريقيا بلاد تستحق كل احترام واعتبار وتقدير وهي بكل أمانة من أرقى ما تحب أن ترى في بلد سياحي ومضياف.