Booking.com

ظهر مؤخراً مصطلح جديد طبقته حديثاً بعض الدول الأوروبية؛ وهو الجسور المائية أو القنوات الصالحة للملاحة وهي ما تعرف بـ Navigable aqueducts وهي باختصار عبارة عن قنوات مائية تعبر أعلى الأنهار أو أعلى الوديان أو الطرق السريعة أو حتى أعلى السكك الحديدية، وقد كان هذا المفهوم موجوداً في عهد الإمبراطورية الرومانية لكنه لم يطبق عملياً بشكل صحيح سوى بعد القرن السابع عشر الميلادي، ومن أشهر تلك القنوات المائية في العالم تلك الموجودة في هولندا وتدعى قناة رينجفارت.

قناة رينجفارت تعلو الطرق السريعة لتكمل طريقها الدائري

قناة رينجفارت تعلو الطرق السريعة لتكمل طريقها الدائري

قناة “رينجفارت” Ringvaart والتي يعني اسمها باللغة الهولندية “الحلقة – أو الدائرة” جذبت أنظار العالم إليها، توجد بإحدى المقاطعات شمال هولندا، وكما يوحي اسمها بالفعل فهي دائرية الشكل تحيط بحدود بلدة هارليميرمير Haarlemmermeer وبمعنى آخر فهي تشكل حدودها، الغريب في هذه القناة والتي جعلها الأكثر شهرة في العالم، بل ومزاراً سياحياً تتميز به هذه المقاطعة الهولندية، هو أن قناة رينجفارت تقطع الطريق السريع في إحدى النقاط، مما سبَّب مشكلة للقائمين على بناء هذا الطريق المؤدي إلى بلدة Roelofarendsveen ، وتم التغلب على تلك المشكلة بحفر أنفاق تحت القناة بحيث تمر السيارات أسفلها، أما الماء فهو مستمر في الإندفاع في طريقه أعلى النفق.

أحد الأماكن الريفية القريبة من القناة

أحد الأماكن الريفية القريبة من القناة

يعود تاريخ قناة رينجفارت لأكثر من 150 عاماً، حيث بدأ العمال في حفرها ابتداءً من عام 1839م حتى 1845م بغرض استصلاح الأراضي المجاورة لها وجعلها صالحة للزراعة، إلا أن القناة بشكلها الحديث بُني سنة 1961م مما يجعلها الأقدم في هولندا، لكنها لم تكن بهذه الشهرة إلا بعد عام 2009م حينما تم الإنتهاء من بناء نقطتين جديدتين على القناة، النقطة الأول على الناحية الشمالية من الطريق، والأخرى في الغرب باتجاه السكة الحديدية، وكعادة أي مشروع أوروبي فقد الجرى التفكير في استغلاله في اكثر من مجال، فبالإضافة لكونها مشهداً رائعاً على الطريق يتم استغلال هذه القناة في التحكم بمياه الفيضان الذي كان يدمر أجزاء من البلدة، كما تم استغلالها سياحياً عن طريق تدشين عشرات القوارب السياحية فيها.

لا تقتصر السياحة على هذا الجزء المعلق من قناة رينجفارت، وإنما يكتمل النشاط السياحي على محيط القناة الدائرية كلها الذي يبلع طوله 60 كيلو متراً، وبالتحديد منطقة تاريخية تُدعى هارليم Haarlem ولا تبعد عن العاصمة أمستردام سوى 20 كيلو متراً فقط، وقد اكتشفتها السياحة الدوة حديثاً وبدأ عدد السياح الوافدين إليها في التزايد سنوياً، ولا عجب في ذلك فهي موطن الجمال والفن الهولندي، إذ كان يقيم بها جميع رسامي هولندا المشهورين، كما أن تلك المدينة فازت بلقل أفضل مدينة هولندية للتسوق عدة مرات، وبها العديد من المباني التاريخية والمتاحف والمطاعم الراقية، مما يدفع بعض زوار أمستردام من الأوربيين للذهاب إليها بالدراجة، ويستغرق ذلك ساعة ونصف من وسط أمستردام، كما يمكن زيارتها بسهولة واسطة القطار، حيث ترتبط ببقية المدن الهولندية بشبكة قطارات متكاملة، أقرب المحطات إليها هي أمستردام حيث تبعد عنها ربع ساعة فقط مقابل 4 يورو.

منطقة Grote Markt وهي قلب المدينة القديمة وأشهر ميادينها

منطقة Grote Markt وهي قلب المدينة القديمة وأشهر ميادينها

ومن الأماكن الهامة التي يقصدها السياح في مدينة هارلم القريبة من القناة المائية رينجفارت الشهيرة هو قلب المدينة القديمة Grote Markt والذي به أكبر تجمعاتها التجارية، ومن الأماكن الهامة أيضاً سوق اللحوم Vleeshal وهو مكان مغطى بُني في القرن السادس عشر الميلادي بغرض بيع اللحوم، حيث لم يكن مصرحاً ببيعها في أي مكان بالمدينة إلا به، وكان التجار يستأجرون مكاناً لهم داخله ليعرضوا منتجاتهم، كما أن أقدم أماكن المدينة الأثرية والذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر الميلادي هو Hoofdwacht وهي المنطقة التي كان يسكنها العائلات الراقية، ويزورها الآن السياح بدون رسوم دخول، كما يوجد بها أشهر طواحين هولندا وهي طاحونة دي أدريان De Adriaan المطلة على نهر Spaarne واحترقت في حريق هائل سنة 1932م وتأخر ترميمها سنوات كثيرة بسبب نقص الأموال، واستعادت الطاحونة شكلها القديم سنة 2002م وأصبحت معلماً هاماً بها.

المصادر: 1، 2

شارك برأيك