Booking.com

أثناء موجة الصقيع والثلوج التي عمت أوروبا هذا الشتاء نالت هولندا نصيباً كبيراً من تلك الموجة العنيفة، وما إن انخفضت درجة الحرارة إلى 7 درجات تحت الصفر كان ذلك إيذاناً بتجمد القنوات المائية التي تخترق شوارع مدنها الشهيرة، وتحويلها إلى شارع متجمد يصل ضفتيه ببعضهما، مما شجع السياح وساكني تلك المدن بالتزلج عليها، وتبدو حينها القنوات الشهيرة مثل قناة Prinsengracht وقناة Keizersgracht وقد التحمت بالشارع الأصلي وكأنه لم يكن له وجود.

قوارب كانت منذ شهور تجوب القنوات المائية الهولندية

قوارب كانت منذ شهور تجوب القنوات المائية في أمستردام

لا يقف استغلال الجليد عند هذا الحد فقط، وإنما يتم استغلاله على المستوى السياحي والاقتصادي، حيث تقام مسابقات تزلج على أكبر هذه القنوات والتي يصل طولها إلى 200 كيلومتراً وهي قناة Elfstedentocht التي تقع في مقاطعة فريزلاند Friesland شمالي هولندا، والتي بدأ عملها منذ عام 1909م وحتى الآن، هذه المسابقات لا يمكن عقدها إلا في حالات وظروف مناخية معينة، إذا لابد أن تصل سماكة الجليد إلى 15 سنتيمتراً على الأقل حتى تتحمل المشاركين الذين يصل عددهم إلى 15 ألف متسابق، والذين يتوجب عليهم الحصول على تصاريح قبل البدء في المسابقة.

إحدى القنوات المائية الهولندية حال تجمدها

قنوات العاصمة أمستردام حال تجمدها

سنوياً حينما تتوافر الشروط التي تضمن سلامة السباق، يتم الإعلان عنه سريعاً قبل تغير تلك الظروف ويتم بدء السباق خلال 48 ساعة، وهي مدة كافية لاستعداد المتسابقين والسياح على حد سواء، إذ يأتي السياح من المدن والبلدان المجاورة للمشاهدة أو الاشتراك في هذا الحدث الذي لا يعرف أحد ما إذا كانت الظروف في السنة القادمة ملائمة لتكراره أم لا، إذ يمكن ألا تتوفر هذه الظروف سنوات متتالية، فمن الجدير بالذكر أن السباق الأخير قبل سباق هذا العام في 2012 كان عام 1997، والذي قبله كان في 1987م.

بعض الهواة يحاولون الإستمتاع بالتزلج على القنوات

بعض الهواة يحاولون الإستمتاع بالتزلج على القنوات

وبسبب ذلك فإن الشعب الهولندي يستقبل الإعلان النادر عن هذا السباق بنوع من الإثارة، وعشية يوم السباق يتجمع آلاف الهولنديين على جانبي القناة ويحتفلوا حتى الصباح، وعند بدء السباق يعود منهم إلى بيوتهم لمتابعته بطريقة أفضل، والبعض يُفضل البقاء للهتاف وتشجيع المشاركين عن قرب.

نقطة البداية وانتظار للإنطلاق

نقطة البداية وانتظار للانطلاق

على طول هذه القناة الطويلة توجد نقاط قليلة يطلق عيلها kluning points وهي التي تكون سماكة الجليد عندها أقل من السُمك اللازم، يتم وضع لافتات تنبيه حولها ويتفاداها المتسابقون بالمشي بهدوء عليها إلى أن تنتهي هذه اللافتات، وأحياناً يتم معالجة ذلك بوضع كميات من الملح على المنطقة الضعيفة.

في منتصف فبراير الماضي حينما عقدت المسابقة منذ بضعة أيام، امتلأت الفنادق المحيطة بهذه القناة حتى وصل عدد السياح 2 مليون، أتوا من أنحاء أوروبا لمتابعة هذا الحدث الذي يمثل لهم أهمية ذات طابع تقليدي وتراثي وتاريخي، حيث يعتبر الفائز في هذا السباق بطلاً قومياً تتحدث عن العديد من الصحف لعدة شهور، وقد اكتسب تلك الأهمية البالغة ابتداءً من سنة 1963 حيث وصلت درجة الحرارة إلى 17 درجة تحت الصفر ولم يستطع كل المتسابقين إكمال السباق بسبب سوء الظروف الجوية من عواصف وجليد، مما جعلهم يطلقون عليه حينها بجحيم 63.

قناة Elfstedentocht يعني باللغة الهولندية (إحدى عشرة مدينة) وذلك لأنها تمر على هذا العدد من المدن، وتنتهي عند نقطة اسمها De Bullemolen، ومن شروط إتمام السابق هو أن يصلوا تلك النقطة قبل منتصف الليل، وأن يقدموا عند وصولهم أحد عشر طابعاً جمعهم من تلك المدن لإثبات ما إذا مر عليهم أم لا.

نفس القناة الهولندية قبل تجمدها

نفس القناة الهولندية قبل تجمدها

شارك برأيك