على خط الدائرة القطبية تقع مدينة روسية ضاربة جذورها في التاريخ، يعود تاريخها إلى ما يزيد عن 600 عام رغم موقعها البعيد وظروف المعيشة الصعبة، إنها مدينة ساليخارد الروسية Salekhard التي تأسست سنة 1595م وكانت في ذلك الوقت بمثابة قلعة حصينة على الحدود الروسية.
وبمرور السنوات بدأت تتغير النظرة الروسية إليها، فتحت حكم القيصر كان يُنظر إليها باعتبارها مكاناً بعيداً عن قلب روسيا، لذا كان يتم إرسال السجناء إلى هناك لاستغلالهم في استخراج الماس من المناجم العديدة هناك، وفي عام 1933 تغير اسمها للإسم الحالي وتغيرت معه النظرة شيئاً فشيئاً حينما اكتشفت بها حقول النفط والغاز وأصبحت مدينة مأهولة بالسكان رغم قسوة الحياة هناك.
تقع مدينة ساليخارد على الضفة اليمنى أو الشرقية لنهر Polui على بعد 2500 كيلو متراً تقريباً من العاصمة موسكو، وترتبط ببقية روسيا بواسطة العبارة التي تعبر نهر أوب Ob، الذي يتحول في الشتاء إلى ممر جليدي يعبر عليه الناس بسهولة، وهي من المدن الروسية التي يملأها الجليد طوال 9 شهور من السنة ويصعب الإنتقال عبر شوارعها، لذا يحتفظ السكان هناك بمواد غذائية كثيرة في بيوتهم تحسباً لهذه الظروف.
مدينة ساليخارد ابتدأت شهرتها العالمية منذ فترة ليست بالبعيدة، حينما تم تصنيفها عام 1990م على أنها من المدن التاريخية الروسية، ومن ذلك الحين وهي تستعد لإثبات وجودها على المستوى السياحي داخلياً وخارجياً، ومنذ ذلك الحين بدأت الناس تتوافد عليها بسبب المصانع التي أنشئت بهدف اجتذابهم، مثل مصانع تجفيف الحليب وتعليب السمك والأخشاب ومواد البناء، وتحولت إلى مدينة جاذبة للسياح من خلال عدة مشاريع سياحية كبيرة، أهمها المطار الداخلي الذي يربطها بموسكو ومدينة سانت بترسبيرج، وشبكة القطارات التي ضمتها أخيراً إلى الوطن الأم، بالإضافة إلى متاحف ومطاعم ومولات.
كما أقيم بالمدينة العديد من الجسور والكباري كي يتم التنقل فوق انهارها بسهولة، بدلاً من العبارات التي كانت تعطل المرور، وعلى أشهر جسورها أقيم ما يطلق عليه عارضة معلقة بأحبال فولاذية بارتفاع 360 متراً، وعلى قمة هذه العارضة أقيم مطعم فريد في بناءه، أطلق عليه اسم Fakel وهو يعني باللغة الروسية ( الشعلة ) التي اتخذتها المدينة رمزاً لها، ، وموقع المطعم على هذا الإرتفاع يعطي فرصة رائعة للسياح بمنظر بانورامي على النهر ومدينة ساليخارد بشكل عام.
مطعم Fakel متخصص في تقديم أطباق الشمال الروسي وما تتميز به من طاقة تبعث الحرارة داخل جسم الإنسان، ومن أشهر أطباقه لحوم الغزال المشوي المتوفر بكثرة في تلك المدينة، بالإضافة إلى نوع معين من الأسماك يطلق عليه Muksun وهو نوع لا يتواجد إلا هناك في شهور الشتاء، ويتم اصطياده من تحت طبقات الجليد عن طريق عمل ثقوب عديدة، ويتم تقديمه على شكل شرائح مدخنة، ولها طعم يشبه الكافيار إلى حد بعيد.
إقرأ أيضا عن الوجهة الروسية:
دليلك إلى أبرد مكان على وجه الأرض.. سيبيريا
كهف كامشتاكا في روسيا.. لوحة فنية بديعة تأسر القلوب بجمالها الخلاب
بالصور: روسيا تكشف عن تاريخ التعذيب في متحف جديد
بالصور.. “الميدان الأحمر”.. علامة سياحية محفورة في تاريخ واحتفالات موسكو