Booking.com

على رائحة القهوة، وصوت الموسيقى، وعروض المسرح، وترحيب المتاحف الفنيّة بزوّارها؛ تتغذّى حواس السّائح في العاصمة النّمساويّة فيينا. وفِييَنَّا (بالألمانيّة: Wien) ليست عاصمة النمسا وأكبر مدنها فحسب، وإنّما إحدى أعرق عواصم الحضارة الموسيقيّة والفنيّة في العالم. حتّى اسمها الذي يتمتّع بنغمةٍ موسيقيّة اقتُبس عن اسمها اللاتيني القديم “فيندوبونا”، أي النّسيم العليل، الأمر الذي يُعلمنا أنّ أجواؤها هي الأخرى راقية الإيقاع، مما انعكس على أرواح سُكّانها فصيّرهم معروفين بمرحهم، وظرفهم، وعشقهم لمباهج الحياة. لهذا تُعتبر العاصمة العالمية للموسيقى مُنذ زمنٍ طويل، يعبق هواؤها بالموسيقى من كُلّ صوب، وفيها عاش عاش أشهر المؤلفين الموسيقيين أكثر مما عاش أمثالهم في أية مدينة أخرى في العالم. فييينا بلد “الفالس” و “الاوبيريت” والبهجة الموسيقيّة القادرة على إشباع جميع أذواق المولعين بهذا الفن بتفردٍ تغبطها عليه بقيّة مدن الأرض.

مبنى الأوبرا الرئيسي في فيينا

وإلى جانب علاقتها الوطيدة بالموسيقى تاريخًا وحضارة؛ تشتهر العاصمة النمساويّة بمبانيها التي تعتبر تحفة فنية خالدة، لاسيما المتاحف العريقة والقصور العتيقة. والمُدهش في فيينا أنّ شكلها لم يتغيّر تغيّرًا ملحوظا منذ مئات السنين، الأمر الذي حافظ على أصالة حضارتها الفنيّة والفكريّة حتّى اليوم. ومن أروع معالم فيينا الفنية التي يهتمّ سيّاح الفنون بمشاهدتها؛ كاتدرائيّة “سانت ستيفن”، التي تلوح أعلى المدينة بشموخٍ وعنفوان، بجرسٍ يزن عشرين طنّا. إلى جانب عدد آخر من المباني الهامّة، نذكر منها: دار أوبرا المدينة، وهي المكان الذي قدّم فيه الموسيقيّون العظام أعمالهم؛ ففيها عزف “ريتشارد فاجنر” و “جيسيبي فيردي”، وبها أيضًا عمل “جوستاف مالر” مديرا. وقد افتتحت أوبرا المدينة عام 1869م بعزف لمقطوعة “دون جيوفاني” للموسيقار “فولفجانج أماديوس موتسارت”. و مازالت دار الأوبرا الرئيسيّة في فيينا تُعتبر واحدة من أهم  دور الأوبرا في العالم، لما تقدمه من عروض على أعلى مستويات الأداء و الإمكانيات الفنية، حيث يستمتع الزائر بالعروض الفنيّة المتنوّعة. وتتغير عروض المسرح فيها يوميا؛ إذ يقدم هذا المسرح العريق حوالي 50 عرض أوبرا و20 عمل باليه على مدار 285 يوما خلال السنة مما يضع دار أوبرا فيينا في مقدمة عروض الأوبرا العالمية .

دار الأوبرا الشعبيّة “فولكس أوبرا” في فيينا

بينما تُعتبر “دار الأوبرا الشعبيّة” الـ “فولكس أوبرا”  هي أكبر مسرح أوبرا وأوبريت واستعراض موسيقي ورقص في فيينا، حيث يقدم أكثر من 100 عرض أوبريت، بالإضافة إلى أوبرا القرون 18 و19 و20، إلى جانب الاستعراضات الموسيقية الكلاسيكية، ورقص الفالس، والحفلات الموسيقية التي تسمو بالروح والوجدان.

دار الأوبرا الشعبية من الداخل أثناء أحد عروضها الموسيقيّة

أمّا المتاحف فقد تمّ اختيارها بذكاءٍ ينمّ عن ذائقة فنيّة وثقافيّة مُنقطعة النّظير، إذ إن أكثرها كان منزلاً من المنازل التي عاش فيها وأبدع مشاهير الموسيقيين من أمثال “جوزيف هايدن” و “موتسارت” و “لودفيج فان بيتهوفن” و “فرانز شوبرت” و “يوهان شتراوس”. ويذكر تاريخ الفن الموسيقي أنّ “هايدن” و “شوبرت” كانا قبل ذيوع شهرتهما عضوين في كورال الأطفال في فيينا. وقد بدأ هذا الكورال عام 1498م، ومازال يعزف مترنما بأناشيده حتى الآن في كنيسة “هوفبرج” صباح كلّ يوم أحد.

من جانبٍ آخر تعتز فيينا بكونها وجهةً مثاليّة للراغبين بدراسة الفنون والآداب، والباحثين في مجال الثقافات الأوروبيّة. إذ اشتهرت بكونها مركزًا عالميًا للأدب والموسيقى، و موطن مؤسسات الفنون الجميلة المشهورة بتعليمٍ أكاديمي رفيع المستوى. تشتمل هذه المؤسسات على أكاديمية الفنون الجميلة، وأكاديمية الموسيقى، والجامعة الفنية، وجامعة فيينا التي تأسست عام 1365م. كما اشتهرت فيينا منذ قرون طويلة بمتاحفها العريقة وصالاتها الفنية الجميلة، بما في ذلك “ألبيرتينا”، و”متحف تاريخ الفن”. وتشتمل على مكتبات متعددة منها “المكتبة الوطنية” التي تأسست عام 1526م. كما تشمل المسارح الرئيسية مسرح “بيرج” الذي تدعمه الحكومة النمساوية مالياً، ومسرح “جوزيف اشتات” الشهير.

تمثال الموسيقار الشهير موتسارت في فيينا

تمثال الموسيقار الشهير موتسارت في فيينا

 

ويستطيع سيّاح المدينة القيام برحلة ممتعة عبر شوارع المدينة في عربة يجرها حصان تسمى “فياكر”. ولا يمكن رؤية سائقي هذه العربات بدون الزي التقليدي الجميل، وهو  عبارة عن قميص ملوّن وقبّعة سوداء ذات طراز قديم.

إقرأ أيضا: المواصلات في فيينا ، موسوعة المسافر إلى فيينا

شارك برأيك