خلال الأسابيع الماضية تجذب الإعلانات المنتشرة في كافة أنحاء دبي أنظار وآذان مرتاديها، تحمل جملة قصيرة تقول “البطريق وصل دبي أكواريوم”..استرعت انتباهي هذه العبارة وجعلتني أسأل عن مكان هذا الأكواريوم.. وما العجب في وصول البطريق إلى دبي؟! فأنا أعلم أنه يوجد بها حلبة “سكي دبي” المغطاة بالثلج الطبيعي لممارسة رياضة التزلج على الجليد وسط منحدرات ومرتفعات صناعية، وقلت ربما أرادوا محاكاة الطبيعة بصورة أكبر، لكن الأمر لم يكن كذلك بالمرة..
في موسوعة جينيس
اكتشفت أن دبي أكواريوم هذا ما هو إلا حوض سمك كبير يحتل ثلاثة طوابق في واحدة من أشهر وأكبر المراكز التجارية في دبي “مول دبي” أكبر مركز تجاري في العالم، والمتاخم لبرج خليفة أحد أطول أبراج العالم، والمطل أيضا على النافورة الراقصة الشهيرة هناك.
المذهل في الأمر أن ذلك المثلث الموجود وسط دبي يحتل مكانة بارزة في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وهو الأمر الذي لم أكن أعرفة فدبي أكواريوم يضم أكبر واجهة عرض سمكية في العالم؛ حيث يصل عرض هذه الواجهة الزجاجية إلى 32.88 متر، وبارتفاع 8.3 أمتار وتبلغ سماكتها 750 مم ويصل وزنها إلى 245,614 كيلو جرام، لتتفوق على واجهة “شوناري أكواريوم” في مدينة أوكيناوا اليابانية التي حملت اللقب سابقاً بارتفاع 8.2 متر وعرض 22.5 أمتار وسماكة 600 مم.
النفق الزجاجي
يحتضن “دبي أكواريوم وحديقة الحيوانات المائية” أسماك تنتمي إلى أكثر من 58 فصيلة منها أسماك القرش والراي، كما ينفرد بوجود نفق زجاجي يخترق هذا الأكواريوم بزاوية 270 درجة ممتداً على طول الحوض، الأمر الذي يمنح الزوار إمكانية مراقبة مختلف الفصائل التي تستوطن الحوض عن كثب.
يضمن هذا الأكواريوم لمرتاديه تجربة استثنائية تمنحهم فرصة التعرف بشكل مباشر على مجموعة غنية من الكائنات المذهلة التي تعيش في عالم الماء و مراقبة أكثر من 33 ألف حيوان بحري عن كثب؛ حيث تستطيع هذه الواجهة الزجاجية تحمل الضغط الهائل لكميات المياه البالغة 10 ملايين لتر في الحوض، وبالرغم من إتاحة هذه الواجهة الزجاجية لهذا التنوع الرائع من الأسماك، فإن الزائر لن يستطيع مقاومة فضوله لاقتحام هذا العالم من الداخل والغوص في أعماقة لاكتشافه عن قرب.
دليل زيارة الأكواريوم
توجد هذه الواجهة الزجاجية في الدور الأرضي لمول دبي ولكن لدخول الأكواريوم وزيارته من الداخل، فإن الأمر يستلزم الصعود للدور الثالث لبدء الرحلة؛ حيث يمتد عمق هذا الحوض العملاق لثلاثة أدوار .وخصصت إدارة الأكواريوم The Dubai Aquarium عدة فئات لتذاكر الدخول؛ فتبدأ التذاكر بمبلغ 50 درهم لزيارة النفق والحديقة المائية بالداخل، ويرتفع السعر إلى 75 درهماً لتستطيع علاوة على ما سبق اكتشاف كواليس هذا الأكواريوم وكيفية العناية بالأسماك، وترتفع التذكرة إلى 100 درهم لتجربة المركب الزجاجي “Glass boat”، وإطعام الأسماك وقسمية مشتروات من متجر الأكواريوم للهدايا التذكارية.
كما توفر الإدارة باقات متعددة تبدأ من 250 درهما وصولا إلى 1875 درهم للغوص في أعماق هذا الحوض بجوار الأسماك ليشعر الزائر كأنه في قاع بحر أو محيط وليس حوضاً عملاقاً، كما تحتوي على مدرسة لعلوم البحار والتعرف على الأحياء المائية ودراستها.
المركب الزجاجي
تبدأ الزيارة من الدور الثالث وبمجرد أن تعبر البوابات تنتظر في غرفة انتظار بها مجموعة من الصور عن الأكواريوم كنوع من التشويق لحين تجهيز المركب الزجاجي “Glass-Bottom Boat”..نزلنا حوالي 10 درجات نحو الأسفل بعدها ذهب بنا المركب في جولة على سطح مياه الأكواريوم استغرقت حوالي 10 دقائق اسمتعنا بها بمختلف أنواع الأسماك بألوانها التي شكلت لوحة ربانية آية في الجمال.
توقفنا في منتصف الرحلة لإطعام الأسماك باستخدام العلب الزجاجية التي منحوها إيانا عند الدخول… وهنا بدأت متعة أخرى في هذه الرحلة حيث تجمع السمك في أسراب منتظمة وعشوائية في آن واحد يتصارعون على الطعام حتى أن الكثير منه كان يهجم بسرعة قادما من أسفل لأعلى على الطعام ليلتقطه ومن شده سرعته كان يقفز لمسافة خارج المياه ومعه كانت تتعالى صيحات الزائرين .
حديقة الأسماك
بعد رحلة المركب الزجاجي، نذهب مترجلين لندخل حديقة الأسماك التي يمكنك أن تقضي فيها لوحدها ما يزيد عن الساعتين حتى تستطيع التقاط الصور الفوتوغرافيه مع أندر وأغرب أنواع وأشكال السمك من كل أنحاء العالم… أحواض متراصة على الجانبين وعلى كل حوض معلومات عما يحتويه من كائنات وموطنها الأصلي مع إرشادات عن كيفية التعامل معه، حتى أنه وجد أحد أنواع الأسماك التي كانت تبتسم لزائريها عند النظر إليها من خلف الزجاج عن قرب، لكن لم ينافس أحد البطريق القطبي هذا الضيف الجديد الذي كان نجم الأكواريوم بحركاته وألعابه المثيرة للزائرين.
بيت الزواحف
بعد الانتهاء من التجول بحديقة الأسماك يأتي الدور على بيت الزواحف المرعبة التي تعيش متاخمة لشواطئ البحار، وهو بصراحة لا يجب زيارته لأصحاب القلوب الضعيفة من أمثالي ..أما أصحاب القلوب الحديد فيمكنهم التقاط بعض الصور الفوتوغرافية وهم يزينزن أعناقهم بثعابين الكوبرا!!
يتوجه الزائرون بعد ذلك إلى النفق الزجاجي كتلك التجربة التي لا تضاهييها مثلها في العالم، فيكفي هذا الشعور الذي ينتابك وكأنك تعيش وسط هذه الكائنات.. تتجمد قدماك في مكانها لا تريد أن تبرح المكان من فرط الإعجاب، ولكنك بمجرد الوصول لنهاية الرحلة لن تجد أمامك سوى الرجوع وشراء تذكرة أخرى لتكرار زيارة هذا العالم المائي مرات ومرات أخرى.
[ad#Ghada648x60]