بيوت من زجاجات البلاستيك: فكرة جميلة تُراعي البيئة

نسمع كثيراً أن الحاجة أم الاختراع، وأن العمارة ابنة وفية لبيئتها، وأن ما نعتبره عبئاً علينا وعلى البيئة قد نستفيد منه بحلول مبتكرة وجميلة أيضاً… كل هذا يمكن أن يُقال عن منازل البلاستيك أو استخدام نفايات البلاستيك في بناء المنازل.

انطلقت تقنية بناء المنازل من زجاجات البلاستيك الفارغة للمرة الأولى قبل نحو تسعة أعوام في الهند والأمريكتين الوسطى والجنوبية، ووفرت لمستخدميها بديلاً جيداً عن قوالب الطوب المحروق أو ما يُعرف بالطابوق أو القرميد، وتتميز التقنية الجديدة بأنها قليلة التكلفة وصديقة للبيئة في نفس الوقت.

بيوت البلاستيك في أفريقيا

ومؤخراً انتقلت الفكرة إلى القارة الأفريقية؛ ففي قرية يلوا في الإقليم الشمالي من نيجريا تحول أحد المنازل المُشيد بهذه التقنية من فكرة للبناء إلى مزار يقصده سائحون ومسئولون في الحكومة وشيوخ عشائر يرغبون في معرفة طريقة بناء المنزل.

ويصف نوهو دانغوتي، وهو تاجر سافر من كادونا العاصمة المحلية إلى القرية خصيصاً للإطلاع على المنزل، بقوله: “أردت أن أرى هذا المنزل بأم عيني، لأني تعجبت عندما سمعت أنه شُيد من زجاجات البلاستيك. كانوا يقولون في سوق كادونا إنه يُشبه السِحر، وأنه يسلب الألباب. لذا قررت المجيء إلى هنا لأراه بعيني، وحقيقة الامر ينبغي على العالم أجمع المجيء إلى هنا”.

ويتخذ المنزل، الذي وصفه أهل كادونا بالساحر، شكلاً دائرياً كعادة هذه المنطقة من نيجريا، وشُيد باستخدام نحو 7800 زجاجة بلاستيكية مُلئت بالرمل كبديل عن الطوب، وتم لصقها ببعضها باستخدام الطين. ويتم حالياً تشييد 25 منزل لتأجيرها لاحقاً، ويتكون المنزل الواحد من غرفة نوم وغرفة جلوس وحمام ومطبخ، وتقل تكلفته بمقدار الثلث عن المنازل التقليدية.

لا تقتصر منافع منزل البلاستيك في نيجريا على التوفير في تكلفة البناء فقط فالأبنية تتميز أيضاً بالمتانة؛ فالرمل المضغوط داخل الزجاجات أمتن بعشرين مرة من الطوب العادي، كما تلائم هذه “المنازل البلاستيكية” طقس نيجيريا الحار لأن الرمل يعمل كعازل للحرارة مما يساعد في تلطيف الجو داخل غرف المنزل. وفوق ذلك يلائم استخدام الرمل المضغوط في البناء المنطقة المضطربة أمنياً فيعمل كمضاد للعيارات النارية. وكل هذه المزايا لا تغفل جمال التصميم وخاصةً الجدار الخارجي الذي تكسبه الزجاجات والأوعية جمالاً.

بيوت أخرى وقصص أخرى

ولبيوت الزجاجات البلاستيكية قصص وأشكال أخرى غير بيوت القرية النيجرية. فمثلاً في “بويرتو اجوازو” بالقرب من الحدود بين البرازيل والأرجنتين، شيد الأرجنتيني الفريدو سانتا كروز مع عائلته بيتاً كاملاً من البلاستيك كمبادرة يُثبت بها إمكانية استغلال آلاف الأشياء التي نرميها كل يوم وكيف يمكن للناس الاستفادة منها، واستخدمت الأسرة الأرجنتينية في البناء وصنع الأثاث أكثر من 1200 زجاجة بلاستيك و1300 من علب الكارتون المُهملة. ولم يكتفي كروز وعائلته بتشييد المنزل بل يقدم دورات تدربية ودروس للراغبين في بناء بيوتهم من البلاستيك بتكلفة منخفضة جداً.

والجدير بالاهتمام أن البلاستيك لا يساعد فقط لبناء منازل رخيصة بل مدارس أيضاً ففي إحدى قرى غواتيمالا، في أمريكا الوسطى، تفتقر بعض الفصول الدراسية إلى الجدران كما تنتشر القمامة في كل مكان، وهو ما لاحظه أحد المتطوعين، ومن ثَم جاءته فكرة استخدام البلاستيك والمهملات في بناء الجدران، وقام مع فريقه بجمع النفايات من قريتهم والقرى المجاورة واسُتخدمت الزجاجات الفارغة بعد تعبئتها بحقائب البلاستيك وأشياء مهملة، ووضُعت داخل سياج معدني وأضُيف إليها الأسمنت، وبعدها طُليت بلون برتقالي فلا يبدو  أنها مصنوعة من النفايات.

وحتى في أوروبا قام أستاذ متخصص في الرياضيات من صربيا يُدعى توميسلاف رادوفانوفيتش، بقضاء وقته بعد التقاعد بطريقة مختلفة؛ فبنى بيتاً جميلاً على مساحة 60 متر مربع، تتألف جدرانه وسقفه وأثاثه من الزجاجات البلاستيكية الفارغة، واستغرق البناء خمس سنوات، واستخدم فيه أكثر من 13 ألف زجاجة. يُمكن أن تشاهد هذا الفيديو القصير الذي يعرض صور لجميع أركان البيت الأنيق، وفي أحيان كثيرة ستتعجب من كونها مجرد زجاجات فارغة.

وأخيراً بيت جميل في هندوراس، شُيد باستخدام 8000 زجاجة فارغة، وهو ما وفر إلقاء 12 متر مكعب من النفايات، وأهم ما يميزه سقفه الأخضر المزروع الذي يوفر منظراً جميلاً ويقلل من تكلفة التريد والتدفئة.

وتبقى كثير من القصص الأخرى وراء  البيوت البلاستيكية، وكلها نماذج لأفكار جديدة في فن العمارة والحياة تراعي البيئة وظروف ساكينها.

شاهد المزيد من البيوت المصنوعة من زجاجات البلاستيك الفارغة (لرؤية أوضح اضغط على الصورة)

المصادر: 1، 2، 3، 4

[ad#Ghada Links]