كانت أوقاتًا استثنائية في عاصمة الذوق، وعبق التاريخ، ووالأجواء الشاعرية المعجونة برائحة المطر والضباب ومساحات الخضرة اللندنية الشاسعة، رافقتمونا بين تفاصيلها على صفحات “الجزء الأول و”الجزء الثاني” من هذا التقرير خلال يوم مزدحم بالتنقلات، جاء اليومان التاليان حافلان بأحداث شهية تستحق وصفها بالكلمة والصورة، رغم أن الواقع في بريطانيا دائمًا أكبر من كل الصور، ومن أجمل الكلمات.
جولة بين المقاهي..
مقاهي لندن نوعان: نوع يواكب إيقاع الحياة السريعة في بساطته وتقديمه وجبات سريعة التحضير ترى مثلها كل يوم، ونوع مازال يصر على إعداد الطعام وتقديمه بأساليب ونكهات وأشكال خاصة وفريدة في أجواء تشعر الزائر براحة وحميمية أكبر، وكلاهما يمتاز بحسن تنظيمه واحترامه للزبائن ومتطلباتهم. هناك مقاهي لا تعدو عن كونها مشاريع صغيرة جذابة يملكها شبان طموحون أو ربات بيوت شابات ينظرن للحياة بمنظار بسيط ومفعم بالأمل، وأثناء سماع أحاديثهم ستكتشف أن ما يجمعها هو: الثقافة في مجال العمل، حسن التخطيط، والتفكير بإيجابية.
الطعام هناك لذيذ جدًا في جميع الأحوال، يمكنك اختيار ما يلائم ذوقك بين نكهات عديدة، كما لن تكون شديد القلق على حميتك الغذائية لأن هناك أماكن كثيرة تحترم المهتمين برشاقتهم وتقدم لهم أطعمة تناسب اهتمامهم بمؤشر الميزان.
شاي الأصيل اللندني!
شاي الأصيل، أي ما بعد الظهيرة في بريطانيا تقليد إنجليزي عريق لا يستهان به، لذا تحرص جميع المقاهي والمطاعم والفنادق على تقديم هذا الشاي وفق طقوس اللياقة والإتكيت الخاصة به.. ومن أجمل الأماكن التي تقدم شاي ما بعد الظهيرة الإنجليزي هناك مطعم ” Berkeley” . الطريف والمتميز في هذا المكان الذي تعبق أجواءه بالفخامة الأنثوية بدءًا من المدخل وانتهاء بدورات المياه هو أنه متخصص بإعداد وتقديم الحلوى والفطائر وفق أشكال آخر صيحات الأزياء النسائية التي تطلقها دور الأزياء موسميًا! هناك قطع بسكويت وحلوى مصممة على أشكال حقائب نسائية ملونة، وأحذية ذات كعوب عالية، وفساتين وقمصان يتغير شكلها بتغير المواسم!!
“Athenaeum Hotel Mayfair” هو الآخر من أجمل المطاعم التي تقدم شاي الظهيرة بطريقة استثنائية متميزة، هناك عشرات نكهات ومذاقات الشاي التي لم تسمع عنها من قبل، أو التي سمعت عنها ولم تحظ بفرصة تجربتها في أي مكان، ترافقها أنواع شهية من الزبدة والمربى الطازجة في أجواء التقديم فخمة وواثقة.. كان الحديث مع مالك هذا المكان الجميل بحد ذاته متعة فريدة، فمعلوماته عن تاريخ الشاي وأساليب تصنيعه شديدة الخصوبة. قارئ نهم في مجال مهنته ويملك فلسفة خاصة تجاه الشاي وأوقات تناوله.. لا بد من الاعتراف أنه مكان يستحق الزيارة.
درس في الطبخ!
فندق ” ليمانوار” في أوكسفورد كان المحطة الأخيرة في الرحلة. كلمات قليلة لا تكفي للحديث عن هذا المكان الخلاب، لذا ستجدون تقريرًا كاملاً عنه هنا .. لم تكن المناظر الطبيعية الآسرة والأجنحة الفخمة وحدها هي التي استضافتنا في هذا المكان، بل المطعم الذي يمتاز بأسلوب طهو خاص وينفرد بوجبات لا يقدمها سواه.
أخيرًا؛ حان وقت “درس الطبخ” في مطبخ الطاهي “ريموند بلانك” الشهير. كان أستاذ الطبخ هذه المرة هو الطاهي الرائع على جميع الأصعدة “ماركوس”، الذي بالإضافة إلى كونه طاهٍ مبدع عبقري، يملك شخصية شديدة الصبر والذكاء. تجدر الإشارة إلى أن دروس الطبخ متاحة لجميع الراغبين في التسجيل فيها، أقل دورة تدريبية “مطبخية” مدتها يوم واحد، وتزيد عن ذلك للراغبين في المزيد، ثم تنتهي بشهادة لاجتياز الدورة، وهدية من مطبخ “ريموند”، والأهم.. تناول كل ما طبختموه!