هل تشعر بالملل أثناء زيارتك لأية حديقة أو بارك وإن كانت تتمتع بطبيعة ساحرة؟ هل ترغب بالمزيد من الإثارة عند زيارتك للحدائق؟ عليك إذن التوجه إلى جمهورية ليتوانيا لزيارة حديقة غير تقليدية يمكنك فيها التمتع بروح المغامرة والإثارة والمفاجئات مقابل 40 يورو، وذلك من خلال دخولك في متاهة من الممرات والدهاليز وسط ضربات وأصوات السياط الجلدية المختلطة بأصوات الكلاب الألمانية الغاضبة، إنها حديقة غير عادية تعود بالسياح إلى فترة تاريخية عصيبة من تاريخ ليتوانيا، إنها “جروتاس بارك .. Grutas Park”.

تمثال لينين أحد مؤسسي الشيوعية

جروتاس بارك أو “جروتو باركاس” كما ينطقها الليتوانيون، أو “عالم استالين .. Stalin’s World” كما هو شائع سياحياً، هي واحدة من أشهر المعالم السياحية في ليتوانيا وشمال أوروبا، تأخذك إلى الحقبة الشيوعية أو إلى الحكم السوفييتي الذي حكم ليتوانيا فترة طويلة، تأسست عام 2001م من قبل رجل الأعمال “فيليوماس ماليناوسكاس” الحاصل على جائزة نوبل في نفس العام، تقع البارك جنوب العاصمة الليتوانية فيلنيوس بحوالي 130 كيلومتراً.

داخل إحدى قاعات المتحف

بعد استقلال ليتوانيا عن الإتحاد السوفيتي عام 1990م ألقيت جميع التماثيل التي كانت منحوتة لرؤساء ومشاهير الحقبة الشيوعية وتم تكسير بعضها وألقي بالبعض الآخر في الشوارع العامة، حينها طلب “فيليوماس ماليناوسكاس” من الحكومة الجديدة الحق في شرائها وإعادة نحت ما تكسر منها لإقامة متحف تاريخي وسياحي يجمعها، إلى أن استقر الأمر وتبلور في فكرة جديدة، وهو إنشاء هذه الحديقة المثيرة والتي تحاكي معسكرات العمل والتعذيب على غرار المعسكرات الحقيقية التي أقامتها الشيوعية، حيث نجد فيها محاكاة دقيقة لها مثل ممرات خشبية ودهاليز وأسوار شائكة وأبراج حراسة وسط جنود وكلاب بوليسية، حتى يخيل للسائح أنه في رحلة عبر التاريخ.

واجه البارك الكثير من المعارضة الشديدة التي ترفض فكرتها من الأصل رغم أنه يعد أحد أكبر المعالم السياحية في ليتوانيا ويجذب الملايين من الزوار سنوياً، ومازالت هناك معارضة قوية لا تؤيد استمرار نشاط البارك حتى بعد افتتاحه، وهناك أفكار أخرى لم تسمح الدولة على تنفيذها، من أمثلة ذلك القطار الذي كان من المفترض أنه يطوف بالسياح داخل الحديقة، رفضت الدولة طرازه الذي يحاكي قطارات الحقبة الشيوعية.

تمثال لأحد الأبطال الليتوانيين أمام بحيرة البارك

تحتوي الحديقة على معالم أخرى مثل حديقة حيوانات وملاعب وكافيهات وآثار، وبها مطاعم لا تقدم سوى الأطباق التي كانت سائدة في الحقبة الشيوعية، وتهدف الحديقة كما يقول القائمون عليها إلى إتاحة الفرصة للشعب الليتواني وللسياح وللأجيال القادمة لرؤية ممارسات السوفييت التي قمعت حرياتهم بطريقة وحشية لعقود طويلة، وذلك بعرضها بطريقة شيقة ومثيرة وليست داخل حصص مدرسية أو كتب تاريخية صماء.

بمجرد دخولك الحديقة تشاهد تمثالاً رمادياً ضخماً لأشهر الزعماء السوفييت “فلاديمير لينين” وتصيح مكبرات الصوت في الحديقة بصوته الجهوري وهو يشجع الجنود على العمل بالسُخرة، كما تقابلك تماثيل أخرى لستالين وكارل ماركس، وتمثال آخر شرير لمؤسس المخابرات السوفيتية “دزيريجنسكي” بالإضافة لمشاهير قتلتهم النازية في الحرب العالمية الثانية.

كشك داخل البارك ومكتوب عليه “الفن مِلك للشعوب”

أما متحف البارك فهو يضم جميع ما يخص تلك الفترة السوداء في تاريخ ليتوانيا، من صور وتذكارات وأثاث وكتب، ويقصده الدارسون والمهتمون بتلك الفترة كونها رصداً دقيقاً للشيوعية، في حين يقول بعض المؤرخين أن البارك ما هو إلا تزييف للتاريخ وقلب للحقائق.

لمزيد من الصور عن جروتاس بارك:

شارك برأيكإلغاء الرد