على عمق أكثر 50 مترًا تحت مضيق البوسفور, حفرت قناة مزدوجة محفورة تتيح الربط بين قارتي آسيا وأروبا من خلال نفق مرمراي الذي يبلغ طوله 14 كم، منها 1.4 كم تحت الماء، وسينقل القطار عبر هذا النفق الركاب من آسيا الى أوروبا على أمل تسهيل التنقل بين القارتين بفضل قدرته على استيعاب 150 ألف مسافر في الساعة.

مرمراي يعتبر أول نفق تُدشنه تركيا للسكك الحديدية تحت مضيق البوسفور يربط بين الضفتين الأوروبية والآسيوية لإسطنبول

في 29 أكتوبر الماضي, افتتح نفق سكك حديدية يربط شطري مدينة اسطنبول التركية الأوروبي والآسيوي لأول مرة, استكمالا لخطة سلطان عثماني اقترحها منذ 150 عاما, بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ليعتبر بذلك أعمق نفق وسكة حديده مغمورة من هذا النوع في العالم, بدأ المشروع عام في 2005، وكان من المقرر أن يتم افتتاحه عام 2009، إلا أنه تأجل بسبب اكتشافات أثرية هامة، من بينها ميناء بيزنطي من القرن الرابع، أثناء بدء أعمال الحفر تحت المدينة.

جدير بالإشارة أن السلطان العثماني عبد المجيد هو أول من إقترح فكرة بناء نفق تحت البسفور قبل 150 عاما, ثم أتى السلطان عبد الحميد الثاني بالمعماريين الذين طرحوا خططهم عام 1891، إلا إن الخطط لم تكن ممكنة التنفيذ, حتى جاء أردوغان وحكومته ليجعل من مشروع النفق أحد أهم خططه الواسعة والطموحة, حيث ضمت هذه الخطط نفقا منفصلا تحت البسفور لسيارات الركاب، وجسرا ثالثا فوق المضيق، وأكبر مطار في العالم، وقناة كبيرة تتجاوز مضيق البسفور.

يتم الوصول إلى هذا النفق تحت الماء بواسطة شبكة من الأنفاق من “قازلي جشمه” على الجانب الأوربي و”عايريلك جشمه” في قاضيكوي على الجانب الآسيوي من اسطنبول, كما يعتبر المشروع  أعمق نفق تحت البحر بأنابيب مغمورة مقاومة للحريق مكونة من خرسانة مرشوشة وضعت في النرويج لسلامة المشروع.

منح عقد البناء للمشروع تجمّع ياباني-تركي قادته شركة تايسَي في يوليو 2004

كما بُني محطات جديدة تحت الأرض في “يني كابي” و”سيركَجي”، و”أسكودار”, وسبع وثلاثين محطة فوق الأرض وأخرى على طول الخط سيتم بناؤها أو تجديدها, كما ترتبط المحطة في “يني كابي بمترو اسطنبول و”إل آر تى” اسطنبول, كما حد تطوير لخطوط الضواحي فوق الأرض إلى ثلاثة مسارات، اثنان للركاب والآخر لقطارات ركاب المسافات الطويلة عالية السرعة (ثنائية الاتجاه). يسمح مقطع النفق استخدام مسارين مزدوجي الاتجاه لاستخدامها من قبل الركاب والقطارات خلال ساعات الذروة، وسوف تتمكن قطارات الشحن أيضًا من عبور النفق.

من المقرر وصول القدرة على خطوط الضواحي إلى 75 ألف راكب في الساعة في كل اتجاة, كما يكتمل في عام 2015, حيث يتم إضافة خط ثالث، والذي سيوفر للمترو والقطارات القدرة على التحرك بشكل منفصل, بعد الانتهاء، من المتوقع استخدام النقل بالسكك الحديدية في اسطنبول ليرتفع من  3.6 بالمئة إلى 27.7 بالمائة.

طول المشروع على 13.6-كيلومتر (8.5 ميل) بما فيها المعبر تحت مضيق البوسفور

يذكر أن النفق تم افتتاحه تزامنا مع الذكرى التسعين لإقامة الجمهورية التركية الحديثة  عام 1923، ونظرا للمخاوف التي أثارها النفق من التعرض لهزات أرضية في منطقة نشاط زلازلي، أكد وزير النقل التركي أن النفق تم تصميمه لتحمل زلازل بقوة 9 درجات، بل وصفه بأنه “أكثر الأماكن أمنا في إسطنبول, كما يأمل المسئولون من مساعدة النفق في تيسير المرور المصاب باختناق مزمن في اسطنبول، خاصة على الجسرين الرابطين حاليا لجانبي المدينة، باستخدام 1.5 مليون راكب للنفق يوميا, والحد من التلوث البيئي بالإضافة إلى إنشاء طريق تجاري باسطنبول.

يسمح مقطع النفق استخدام مسارين مزدوجي الاتجاه لاستخدامها من قبل الركاب والقطارات خلال ساعات الذروة

من جانب آخر قال الكثير من علماء الجيولوجيا  “إن آسيا وأوروبا كانتا قطعة واحدة ثم انفصلتا بسبب تغيرات طبيعية، والكثير من المؤرخين رددوا أن التصادم بين الحضارتين الشرقية والغربية أشعل خصومة استمرت إلى يومنا هذا، لكن الحقائق تقول إن الحكومة التركية أطلقت مشرع ربط القارتين الآسيوية والأوروبية بحبال غليظة لا تنقطع تحت مياه مضيق البوسفور وبين جناحين تاريخيين؛ آسيوي هو في أوسكودور وأوروبي هو في سيركجي.

جدير بالذكر أن نفق “مرمراي” يعد أحد المشاريع العمرانية الكبرى، حيث أسفرت أعمال الحفر عن العثور على ما يقرب من 40 الف قطعة أثرية، خصوصاً على الضفة الأوروبية لبحر مرمرة, ومنها مقبرة استثنائية لحوالي ثلاثين سفينة بيزنطية تشكل أكبر أسطول معروف حتى اليوم من القرون الوسطى, وفي مايو 2004, بدأ التعاون بين شركات تركية ويابانية لتنفيذ المشروع بفضل الدعم المالي من بنك اليابان للتعاون الدولي (بتقديمه مليار دولار)، ثم من البنك الاوروبي للاستثمار، وفي نهاية المطاف بلغت تكلفة المشروع الإجمالية اليوم (4 مليارات دولار).

شارك برأيكإلغاء الرد