بقي أقل من ست أسابيع على الإعلان عن المدينة المستضيفة لمعرض إكسبو الدولي 2020، وها هي المنافسة منحصرة بين الإمارات العربية المتحدة والبرازيل وروسيا وتركيا التي قدمت طلباتها الرسمية لاستضافة الحدث في مدن دبي، سان باولو، يكاتيرينبورغ أو إزمير .. المنافسة ستكون شديدة جدا، ودبي هي المدينة الأوفر حظا حتى الآن لعدة أسباب..

اكسبو دبي 2020 .. تحضيرات وترويج في منافسة شرسة

ما هو إكسبو الدولي؟

معرض عالمي يحتل أكبر مكانة في عالم المعارض والمؤتمرات، وكذلك من أهم الأحداث العالمية غير التجارية في التأثير الاقتصادي بعد كأس العالم والألعاب الأولمبية، هو معرض إكسبو الدولي الذي ينفرد بصفات وخصائص وعراقة تاريخية طويلة عمرها قرن ونصف، كان دائما مكانا للإحتفال وعرض المنتجات والاختراعات الجديدة وحتى الأفكار التي تساهم في الارتقاء بالبشرية على اختلاف المشارب الاجتماعية والثقافية للأمم على مدار ستة أشهر كاملة في مدينة معينة تختار كل خمس سنوات من طرف المكتب الدولي للمعارض بعد ترشيح المدن لملفاتها ومن ثمة انتخاب الدول الأعضاء في المكتب لواحدة منها.

يشرح فيسنتي غونزاليس لوسكارتاليس، أمين عام «المكتب الدولي للمعارض»، فكرة المعرض قائلاً: «يتمثل الهدف الرئيسي للمعرض في تثقيف الجمهور بغض النظر عن الشعار الذي يحمله.

تشارك في المعرض أغلب دول العالم المتميزة في مجال الصناعة والابتكار والتي لها تجارب متميزة، وتتنوع المشاركات بين حكومات ومنظمات ومؤسسات دولية وشركات عالمية كبيرة ومؤسسات أعمال وفكر متنوعة الاختصاصات والأهداف ليس فقط في الجانب الاقتصادي ولكن الإنساني أيضا، مما يسهم في إقامة روابط التعاون وعقد شراكات ذات نوعية وتميز وتنوع إيجابي، والعمل على نشر المعرفة وتطوير الابتكار والإبداع بما يخدم البشرية، وفي الأخير الارتقاء بحياة الإنسان إلى ما هو أفضل.

إكسبو 2020 .. أين سيكون ؟؟


نبذة تاريخية 

في العام 1851 وعلى أرض المملكة المتحدة شهد 25 ألف شخص تتقدمهم ملكة بريطانيا في القصر الكريستالي افتتاح أول معرض عالمي بهذا الحجم الكبير والذي أقيم بموقع حديقة هايدبارك ، تجاوز عدد زوار المعرض الذي أقيم تحت عنوان “المعرض العظيم للأعمال الصناعية لكل الأمم” الستة ملايين زائر جاؤوا من أنحاء مختلفة للتعرف على أكثر من مليون منتوج متنوع جاء به 14 ألف عارض من 25 دولة. كان هدف المعرض “الاحتفاء بالإنجاز البشري في شتى صوره، وتعزيز أواصر السلام بين كافة شعوب الأرض” وكان النواة الأولى لانطلاق سلسلة معارض أكسبو الأشهر عالميا.

منذ افتتاح أول معرض عالمي سنة 1851 إلى عام 1938 اشتهرت المعارض بعرض الاختراعات في مرحلة وصفت بالصناعية، ثم جاءت مرحلة التبادل الثقافي والتي استمرت حتى عام 1987 أين التركيز على ثقافات الشعوب في المنتجات المعروضة هو الميزة الأساسية، أمّا ما بعد عام 1988 فقد كانت مرحلة بناء العلامات التجارية للأمم والشعوب حيث تعمل شعوب الدول المضيفة على إبراز قيم معينة كعلامة تميزها. واليوم تقدم معارض «إكسبو» عناصر المراحل التاريخية الثلاث، وتقدم القيمة الثقافية والمزايا الاقتصادية لأي معرض إكسبو دليلا على أهميته ونجاحه.

من المعارض المهمة تاريخيا كان إكسبو 67 في مدينة مونتريال الكندية والذي نجح في إنشاء البنى التحتية للمدينة وبقي مصدر فخر لسكان المدينة ومقاطعة كيبك والكنديين، تحول موقع المعرض بعدها إلى منتزه،أما «إكسبو 2000» هانوفر بألمانيا لم يشهد عدد الزوار الذي كان مأمولا وسجل خسائر مالية، ولكن المزايا الإيجابية التي اكتسبتها ألمانيا بعد ذلك انعكست بالإيجاب، وترسخ الإرث الاقتصادي للمدينة كما تحولت إحدى المناطق المحيطة بإكسبو بلازا إلى مركز مهم لتقنية المعلومات والتصميم والإعلام والفنون.

اكسبو .. معرض عالمي يترك أثره الاقتصادي على المدى البعيد

وكان آخر معرض في الصين شنغهاي 2010 ذا أهمية كبيرة حيث عكس الصورة الحضارية والثقافية لمدينة شنغهاي التي أصبحت واحدة من أهم المدن الحديثة اقتصاديا وحتى ثقافيا، وتعززت الدبلوماسية الثقافية الصينية أكثر بمشاركة 192 دولة و 50 منظمة دولية، وقد نجح المعرض في استقطاب 73 مليون زائر وتحقيق أرباح تجاوزت 158 مليون دولار بعدما كانت تكلفته الأعلى منذ بداية هذه المعارض.

ويجدر بالذكر أن النسخة القادمة من معرض إكسبو ستقام في مدينة ميلانو الإيطالية عام 2015 تحت شعار “تغذية الكوكب، طاقة الحياة”

اكسبو شنغهاي 2010 .. معرض كانت له آثاره الاقتصادية والثقافية والدبلوماسية على المدينة

إكسبو 2020 .. في انتظار إعلان المستضيف

ثلاث مدن تنافس دبي في سباق الحصول على شرف استضافة إكسبو الدولي 2020؛ بداية من مدينة يكاتيرينبورغ، هي المدينة الثالثة في روسيا من حيث المؤشرات الاقتصادية والتنموية، وهي مدينة يافعة وتتطور بسرعة، سبق لها وأن احتضنت الكثير من الفعاليات والأنشطة، كقمة منظمة شنغهاي، وقمة البريكس، وتستقبل في كل عام وفودا من خمسين دولة للمشاركة في معرض الابتكارات الصناعية ” إينوبروم” كما ستكون من المدن المستقبلة لبطولة كأس العالم سنة 2018، وتخطط السلطات لإنشاء مجمع الإكسبو على ضفاف بحيرة ” فيرخ-إيسيتسكي” الخلابة.

وكذا مدينة إزمير، ثالث المدن التركية من حيث عدد السكان، تقوم بالحملة تحت عنوان “الصحة للجميع”، وتعمل على تحقيق أهداف برنامج التنمية الألفية للأمم المتحدة وتعول على ما تحظى به تركيا من تقدم في المجال الصحي، وقد سبق لتركيا أن تقدم بالعديد من الطلبات لاستضافة معرض إكسبو. أما مدينة ساو باولو، هي العاصمة الاقتصادية للبرازيل، مدينة متعددة الجنسيات وتقدم ملفها تحت عنوان “قوتنا من تنوعنا وانسجامنا من نمونا”، تعول على كونها نبض  النهائية بعدما تم استبعادها خلال التقييم الأخير شهر يونيو 2013.

 

شعارات المدن المترشحة لاستضافة إكسبو 2020

إكسبو دبي 2020 .. “تواصل العقول وصنع المستقبل”

ستحتفل الإمارات العربية المتحدة باليوبيل الذهبي (50 سنة) على تأسيسها في العام 2020، وبهذه المناسبة تسعى إلى استضافة أكبر الأحداث العالمية، ولتكون أيضا أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا تستضيف المعرض العالمي الكبير، لتبرز قدراتها الهائلة التي مكنتها لتكون واحدة من أهم الدول في المنطقة اقتصاديا وسياحيا وثقافيا، دولة تهتم بالإنسان والأفكار والمستقبل، دبي تختار لإكسبو 2020 “تواصل العقول وصنع المستقبل” شعارا للمعرض، مواصلة رؤية الإمارات في الاستثمار في العقول من اجل الإنسانية.

لقد كانت مدينة دبي دائما مدينة عالمية تميزت بتوافد الزوار عليها لكافة الفعاليات، وهي مدينة لها خبرة كبيرة في مجال تنظيم المؤتمرات والمعارض والمحافل العالمية غضافة لما لها من بنية اساسية مهمة، ولن تنفك إلا بالنجاح في تنظيم أعظم إكسبو، خصوصا أن رؤاها القيادية كانت دائما تُعمل إعمال الفكر والحوار، وإتاحة نشر المعرفة للجميع، وسيلتان للتطور والنمو والتوجه الأفضل نحو مستقبل مشرق للإنسان، لذلك سيركز المعرض في حال إقامته في دبي على محاور ثلاثة هي  الاستدامة والتنقل والفرص.

من خلال شعار المعرض الذي تقدمه دبي، يبدو واضحا التفكير الإنساني الهائل لقيادة الإمارات في الإنسانية جمعاء وفي المستقبل المأمول، فهي تفتح الباب لـ “تواصل العقول وصنع المستقبل” من خلال الاهتمام بمحاور ثلاث مهمة هي : الاستدامة وفرص إيجاد موارد دائمة للطاقة والمياه، التنقل والمواصلات من خلال الأنظمة الذكية للنقل والخدمات اللوجستية، ثم الفرص وإمكانية إيجاد سبل جديدة لتحقيق النمو الاقتصادي.

إكسبو دبي 2020 ، تواصل العقول صنع المستقبل

لماذا إكسبو دبي في 2020؟

لعل أحد الأسباب المنطقية التي تساعد مدينة دبي على استضافة المعرض هو الأداء السياحي القوي الذي تلعبه دولة الإمارات في الفترة الأخيرة، خصوصا بالنظر إلى الأعداد الوافرة من الزوار إلى كافة إماراتها السبعة، وهي اعداد ضخمة تبشر بأن يصل عدد زوار المعرض سنة 2020 إلى أرقام غير مسبوقة وقياسية في تاريخ المعرض منذ قرن ونصف على إنشائه.

ويتوقع اكسبو دبي 2020 أكبر عدد من الزوار عبر تاريخ المعرض لما لموقع الإمارات الجغرافي من أهمية عالمية وقربها من كافة المناطقة الاقتصادية الكبرى، وأيضا للبنية الأساسية القوية التي تتمتع بها المدينة في مجال النقل الجوي والبحري إضافة إلى أن التنقل من المحاور التي تركز عليها المدينة لاستضافة المعرض، حتى ان المدينة تُعول على جذب المسافرين عبر مطار دبي في رحلات الترانزيت أيضا، فهي تقدم خدمة التوقف لزيارة المعرض.

إكسبو 2020 .. طيران الإمارات وبنية أساسية قوية للتنقل

كما وتتمتع المدينة بتجهيزات سياحية خيالية تدعمها منظومة خدماتية هائلة وأيضا تسهيلات كبيرة مقدمة من دولة الإمارات لإتاحة الفرصة للجميع بزيارة المدينة سواء مباشرة إليها أو حتى عن طريق الترانزيت عبرها، خصوصا مع نجاح مطار دبي العالمي في أن يحتل المرتبة الثالثة عالميا من حيث الاستخدام وعدد المسافرين.

يقترح المعرض أن تكون الفترة من شهر أكتوبر 2020 إلى أبريل 2021 هي الموعد المميز لإكسبو دبي 2020، وهي فترة تتميز باعتدال درجات الحرارة في منطقة الخليج، عامل مهم يُسهِم في استضافة المزيد من الزوار ونجاح الدورة.

شكل هندسي لساحة الوصل بلازا

سوف يُتيح المعرض لمدينة دبي ولدولة الإمارات فرصة للتعريف بإنجازاتها طيلة 50 سنة من تأسيسها، وكذا بالترويج لأهم مبادراتها ومشاريعها وقدراتها الاقتصادية ومقوماتها السياحية ورؤيتها للمستقبل وكل ما يدعم تلك الرؤية من أفكار واختراعات وابتكارات، ومن التأثيرات الإيجابية المتوقعة على مدينة دبي بصفة خاصة، استحداث مناصب عمل جديدة تصل إلى 280 ألف منصب بين 2013 و 2020، ولن تقتصر أهمية الحدث في ما هو مردود اقتصادي وسياحي خلال فترة المعرض فقط، ولكن سيكون له تأثيرات واضحة على الدولة في المستقبل وعلى منطقة الخليج كافة.

وإضافة إلى المردود الاقتصادي المتوقع أن يكون ضخما على دولة الإمارات ومحيط الشرق الأوسط، فإنه سيكون ذا فائدة من جهة أخرى على الدول المشاركة والعارضين لأن دبي أصبحت بوابة عبور مهمة باتجاه الكثير من الأسواق الناشئة وبالخصوص أكبر متعاملين مع الإمارات الهند والصين، ثم دول شرق آسيا التي ربطت جيدا معها تجاريا، كما تتيح دبي روابطها التجارية مع القارة الإفريقية التي تشهد نموا واضحا وأيضا أسواق أمريكا الجنوبية التي تتطلع الإمارات إليها.

دبي تعدنا بأن تكون في الموعد..

سنكون في انتظار موعد التصويت على المدينة المحظوظة للفوز بالسباق واستضافة إكسبو 2020، والمأمول بالطبع أن تكون دبي سعيدة الحظ من أجل الإمارات والمنطقة، من أجل تواصل العقل البشري لصنع مستقبل أفضل. ولأن دبي ستبعث رسالة إيجابية إلى العالم بأن المنطقة ذات حركة ونشاط وإبداع وإمكانات بشرية هائلة.

بقي أن نقول: موسوعة المسافر بكل موظفيها تدعم ومن القلب ملف دبي لاستضافة اكسبو 2020

المصادر : 1 ، 2 ، 3 ، 4

شارك برأيكإلغاء الرد