لكي تعرف القوة الكاملة لشركة طيران الإمارات عليك أن تذهب إلى مركزها في دبي في منتصف الليل بين الساعة العاشرة مساءً والواحدة بعد منتصف الليل تهبط الطائرات مثل المطر المنهمر على مطار دبي الدولي.
تتم خلال هذه الساعات الثلاث 90 عملية هبوط بشكل سريع ومحموم لطائرات جاءت في أغلبها من آسيا وأوروبا وأماكن أخرى من الشرق الأوسط، وبعد ذلك يجري تحضير هذه الطائرات بعيدة المدى بسرعة للانطلاق في رحلاتها التالية.
تعتبر شركة طيران الإمارات أكبر مشغل في العالم لطائرات إيرباص إيه 380 العملاقة وطائرات بوينج 777، وبين الساعة الثانية والرابعة صباحاً يمكنك سماع هدير 60 طائرة وهي تغادر دبي.
تبرز الموجات المتلاحقة من الطائرات في مطار دبي كيف أصبح مبنى المسافرين رقم 3 في مطار دبي الدولي مركزاً لملايين المسافرين العابرين للعالم، وتحدث ساعة الذروة في منتصف الليل عندما يقضي المسافرون الذين أرهقهم السفر بضع ساعات في أسواق المنطقة الحرة بين رحلاتهم القادمة والمغادرة.
“طيران الإمارات” واحدة من ثلاث شركات طيران خليجية سريعة النمو تسيطر عليها الدول في الزاوية الأغنى من منطقة الخليج، والتي نجحت في جذب مسافرين اعتادوا الطيران سابقاً على شركات طيران تأسست قبل هذه الشركات الثلاث بفترة طويلة في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، والشركتان الأخريان “الاتحاد” و”القطرية” اللتان يقع مقراهما في أبو ظبي والدوحة على التوالي تمضيان أيضا في استراتيجيات طموحة لتشغيل رحلات بعيدة المدى.
وجاء التأكيد على قوة عضلات هذه الشركات الثلاث في معرض دبي الجوي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عندما أعلنت كل من “طيران الإمارات” و”القطرية” و”الاتحاد” عن استعدادها لتكون أول زبائن للطائرة 777 إكس النموذج الجديد من الطائرة الناجحة بعيدة المدى 777.
وتعرض “طيران الإمارات” شراء 150 طائرة من طراز 777 إكس النفاثة الموفرة للوقود في صفقة ستكون أكبر طلبية واحدة من شركة بوينج الأمريكية بكلفة تبلغ 55.6 مليار دولار بالأسعار المعلنة في الكتالوجات.
وجاءت هذه الصفقة لتكون علامة على استعادة الإمارة لعافيتها بعد أزمة دين استمرت أربع سنوات جعلتها تجثو على ركبتيها، ويعود الفضل في ذلك إلى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي السابق الذي أدرك أثناء انتقالها من محمية بريطانية لتصبح عضواً في دولة الإمارات أن الطيران يمكن أن يُقوي موقع المدينة الإمارة مركزا إقليميا لإعادة التصدير.
ولا تمتلك دبي موارد النفط الضخمة التي تمتلكها إمارة أبو ظبي المجاورة، ولذلك ركز الشيخ راشد على مشاريع البنية التحتية مثل بناء مطار دبي الدولي الذي يمكن أن يدعم مكانة الإمارة بجعلها مركزاً حديثاً للتجارة والسياحة لكن شركة طيران الإمارات كانت من بنات أفكار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الابن الثالث للشيخ راشد والحاكم الحالي لدبي، وذلك حسب أقوال الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم مدير شركة طيران الإمارات.
يقول الشيخ أحمد، وهو عم حاكم دبي وظل رئيساً للشركة منذ تأسيسها إن الشيخ محمد يشجع دائماً “طيران الإمارات” على بذل الجهود إلى أقصى حد ممكن، ويضيف: “كان واضحاً منذ اليوم الأول لتأسيسها أن سموه أعطى “طيران الإمارات” الحرية في توسيع أعمالها ما دامت لا تأتي للحكومة لطلب أية ضمانات أو أي تمويل”.
ويُجسد الشيخ أحمد العلاقة بين حكومة الإمارات وصناعة الطيران، وهو إضافة إلى مركزه في إدارة “طيران الإمارات” يشغل أيضا منصب رئيس مجلس مطارات دبي الذي يشغل مطار دبي الدولي، وهو كذلك رئيس سلطة الطيران المدني في دبي الجهاز التنظيمي للطيران، وعملت هذه الأدوار مجتمعة على تمكينه من تسهيل الطريق أمام التوسع السريع لـ “طيران الإمارات” في العقد الماضي.
اعتمد نمو شركة الطيران على موقع دبي فهي في المكان المناسب لربط الشرق بالغرب لأن ثلثي سكان العالم يعيشون ضمن ثماني ساعات طيران من هذه المدينة كذلك ركبت الشركة في نموها الموجة العالية للعولمة مثلاً يعد رجال الأعمال الصينيون الذين يطيرون إلى إفريقيا من الزبائن المهمين إضافة إلى ذلك يستهدف مطار دبي مطارات المملكة المتحدة، ومن الأمور الأساسية الأخرى أنه في الإمارات لا توجد الهياكل ثقيلة الكلفة التي تقوم عليها شركات الطيران الأوروبية والأمريكية.