رغم شهرتها كواحدة من أهم مراكز الموضة والأزياء بالعالم، إلا أن مدينة ميلانو الايطالية تمتلك أماكن رائعة تجذب السياح من مختلف بقاع الأرض، ومنها قلعة سفورزا Sforza castle التي تعد من أهم المعالم التاريخية في المدينة الايطالية؛ فمنذ سبعة قرون مضت وهي شاهدة علي التقلبات التاريخية الطويلة للمدينة، ورغم تعرضها للدمار عدة مرات، إلا أنها صمدت لفترة طويلة. وبسبب احتوائها علي العديد من المتاحف الغنية بالصور والأعمال الفنية، فقد أطُلق عليها اسم “قلعة المتاحف”.
القلعة تاريخياً
بُني هذا الهيكل المُثير للإعجاب من قِبل عائلة “سفورزا” في القرن الرابع عشر، لتحِل محل قلعة فيسكونتي القديمة بعد تدميرها، ولكن سُرعان ما بَدأت السيطرة الاسبانية عليها عام 1526م، حيث قاموا ببناء تحصينات حول القلعة على شكل نجمة لجعلها أكثر مناعة، وحفروا عدد كبير من آبار المياه، ثم سيطر عليها النمساويين عام 1706م لمدة مائة عام، واستخدموها لأغراض عسكرية فقط، وبعد ذلك استولى عليها نابليون بونابرت عام 1776م، وبقيت تحت الحُكم الفرنسي حتى عام 1799م، ثم استعادها النِمسَاويين مرة أخري عام 1815م بعدما تمكنوا من هزيمة نابليون بونابرت.
وفي غضون عام 1861م تمكن الإيطاليون من توحيد صفوفهم واستعادوا السيطرة علي القلعة، وتولى المهندس المعماري الإيطالي “لوكا بلترامي” مهمة إعادة إعمارها وترميمها، إلي أن كُشف النقاب عنها في ثوبها الجديد عام 1905م، لتظهر كواحدة من أكبر وأروع القلاع في أوروبا والعالم.
المدخل الرئيسي للقلعة عبارة عن بوابة يعلوها برج ضخم، وأعيد بنائه خلال ترميم عام 1905م، ويوجد أمام القلعة نافورة مذهلة بُنيت عام 1930م، ولكنها أصبحت أكثر شهرة وبريقاً وروعة بعد ترميمها عام 1999م، كما يوجد أيضاً أمام القلعة تمثال رائع لرجل يمتطي حصان، ويمثل الملك “أومبيرتو الأول” ملك إيطاليا خلال سنوات إعادة بناء القلعة، وعلي الجانب الآخر يوجد تمثال للقديس يوحنا أو كما يُدعي “الحامي من الجنود”.
واكتسبت “قلعة سفورزا” شهرتها ليس فقط من روعة مبانيها، ولكن لأنها تُعد وعاءً ثميناً للعديد من الثقافات والحضارات المختلفة حول العالم، ولأنها مركزاً هاماً للدراسات بايطاليا، كما تحتضن العديد من المتاحف النادرة التي تقدم تاريخ الأمم، وتستضيف العديد من الحفلات والمؤتمرات والموائد المستديرة. وفي السطور التالية قائمة بأهم متاحف قلعة سفورزا.
متحف الفنون القديمة
يوجد بهذا القسم ما يقرُب من 2000 عمل فني قديم، مُعظمها أعمال نحتية تم تنفيذها في وقت متأخر من العصور القديمة والعصور الوسطى وعصر النهضة في “لومباردي”- أحد الأقاليم الايطالية، ويحتوي أيضاً على غرف يغلُب عليها الديكور الاسباني والتي تعرض عناصر ترتبط بتاريخ المدينة والمنطقة، فضلاً عن التحف التي حصل عليها مجلس المدينة طوال الفترات السابقة.
ويظهر تاريخ المدينة في أفاريز”بورتا رومانا” التي صنعت في العصور الوسطى، وتصور الأحداث التي أعقبت الاستيلاء على المدينة من قبل “فريدريك الأول بربروسا” عام 1162م. كما يضم المتحف لوحة فنية رُسمت فيذ القرن السادس عشر للقديس “أمبروز” أحد الرموز المؤثرة في قيام الكنيسة، وفي نهاية جولتك بهذا القسم تجد اثنين من الروائع الفنية: الأولي هي النصب الجنائزية لغاستون فوا، والتي نُحتت بتكليف من الملك الفرنسي “فرانسيس الأول”، والثانية آخر أعمال الفنان مايكل أنجلو والذي لم يكتمل “روندانيني بييتا- Rundhanini Pietà “.
معرض الصور
يضم هذا القسم أكثر من 1500 عمل فني، تعد الأشهر والأهم في تاريخ المدينة، وقديماً كانت هذه الأعمال تُعرض بطرق عشوائية للسائحين، لكن في عام 2005 تم وضع نظام جديد يُمَكن السائحين من التجول ومشاهدة الأعمال الفنية بطريقة أكثر إمتاعاً وتشويقاً؛ حيث يبدءون رحلتهم داخل المعرض ببعض القطع من الفن القوطي الذي رسم في وقت متأخر، إلي أن ينتهي بهم المطاف بلوحات المناظر الطبيعية التي رسمها الفنان “جيوفاني أنطونيو” في القرن الثامن عشر، ويتخلل هذه الجولة أقسام مكتظة بالأعمال الفنية لكبار الفنانين أمثال مايكل أنجلو، اندريا مانتيجنا، ليوناردو دافنشي، جيان بولدي بيزولي، جيوفاني بي و آندريا سولاريو.
ومن أهم الأقسام التي يتوقف أمامها كثير من السائحين، قسم أعمال “فينتشنزو فوبا” والتي تقف جنباً إلى جنب مع أعمال “ليوناردو دافنشي”، كما توجد لوحات زيتية تعود للفترة ما بين أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر في لومباردي.
المتحف المصري
الشئ المميز لقلعة سفورزا أنها تكرس واحداً من أقسامها للأعمال الفنية المصرية القديمة، والتي تم جمعها من خلال عمليات الشراء والتبرع علي مر العصور المختلفة، ومن خلال التجول داخل القسم المصري يلاحظ السائحون سلسلة من الكتابة الفرعونية على الأحجار والأخشاب وورق البردي والصور والأختام الفرعونية، وبعض التماثيل لآلهة علي شكل أجسام بشرية وأخري علي أشكال حيوانات، والعديد من المصنوعات الحجرية والفخارية، والمزهريات والأواني الكانوبية، وأشياء خاصة بالحياة اليومية، والتوابيت، والمومياوات البشرية والحيوانات، فضلا عن الأقنعة الجنائزية.
متحف الفنون الزخرفية
يحتوي هذا المتحف علي كائنات استثنائية صُنعت بواسطة نقاشين ونحاتين و خزافين وصناع ذهب وفضة ونساجين إيطاليين بارعين، اجتهدوا في حرفتهم ابتداءً من القرن الحادي عشر وحتى أواخر القرن الثامن عشر، ويضم المتحف مجموعة غنية من الأواني الخزفية المصنوعة في عصر النهضة، والفخار المزجج بالقصدير المزين بألوان زاهية على خلفية بيضاء، والتي تصور مشاهد تاريخية وأسطورية في كثير من الأحيان، ومن بين القطع الأكثر أهمية في المتحف مفروشات “جيان جياكومو تريفولزيو”، والمنسوجات الرائعة صممها الرسام الايطالي “بارتولوميو برامانيشن” بين عاميّ 1504 و1509، وأيضاً يضم عناصر أخرى من أعمال العاج المصنوعة في وقت متأخر من العصور القديمة والعصور الوسطى، وبعض القطع الليتورجية – القداس الإلهي- ، وأعمال زخرفية من الزجاج والبرونز.
متحف الآلات الموسيقية
يضم معرضاً للآلات الموسيقية العتيقة للسيد “ناتالي جاليني”، كما يشمل علي مجموعة نادرة لبعض الآلات الموسيقية مثل الكمان الذي صممه غوارنييري اندريا، وبعض الأدوات الفريدة من نوعها مثل الغيتار الذي صممه لونغو مانجو، والمزمار العاجي الذي صنعه انسيوتي.
أرشيف الصور الفوتوغرافية
يضم 600 ألف صورة فوتوغرافية يرجع تاريخها إلى عام 1840م وحتى يومنا هذا، مما جعل القسم واحداً من أغنى معارض الصور افوتوغرافية في إيطاليا. وتشهد هذه الصور على التاريخ الفني والطبيعي، والأحداث التاريخية والحياة الاجتماعية لمدينتيّ ميلانو ولومباردي، ناهيك عن بقية المدن الإيطالية والعديد من الدول الأوروبية وغير الأوروبية، هذا بالإضافة إلي توثيقه لتقنيات الطباعة على مر العصور.
مركز الدراسات العليا للفنون البصرية
بجانب مكتبة الفن ومتحف الآثار ومكتبة المسكوكات، يقع مركز الدراسات العليا للفنون البصرية CASVA، ويضم العديد من الكتب والوثائق الأرشيفية ومجموعات من المحفوظات الفنية التاريخية، والتي يتجاوز عددها 220 ألف مجموعة، بما في ذلك عدد من الرسومات والأصباغ، والألوان المائية، ونماذج ثلاثية الأبعاد.
شاهد صور لقلعة سفورزا العريقة في مدينة ميلانو الإيطالية: (لحجم أكبر اضغط على الصورة)