واحدة من وظائف المتاحف هي الحفاظ على الذكريات والتذكير بما كان، وفي العادة تعرض تحف فنية وتاريخية أو مقتنيات شخصيات مهمة، لكن لأن جزء كبير من تاريخ الإنسان صبغته جرائم ارتكبها بحق إخوانه وبني وطنه لزم أن توجد أماكن تؤرخ لهذه الفترات الصعبة وتذكر بمآسي الضحايا وتندد بالنجرمين على أمل ألا تتكرر مزيد من جرائم البشر.
وفي السطور القادمة نعرض لستة متاحف تمثل عينة صغيرة من جرائم التعذيب والإبادة الجماعية على مر التاريخ، وتذكر البشر بجرائمهم، وكيف أنهم نسوا في لحظات وفي سبيل استعمار دولة أو حفظ سلطة أو تجربة سلاح أنهم إخوة، وفي هذه المتاحف عبرة وعظة لكل الأجيال القادمة حتى لا يعيدوا صنع التاريخ الأسود.
1. متحف “تول سلينج” للإبادة الجماعية، كمبوديا
هذا المكان لا ينبغي أن تفوت زيارته إذا كنت في “بنوم بنه” عاصمة كمبوديا حيث يقع متحف الإبادة الجماعية “تول سلينج” Tuol Sleng Genocide Museum في مدرسة سابقة تم تحويلها إلى سجن أمني في عهد نظام الخمير الحمر، وحينها قام أتباع الحزب الشيوعي بقيادة بول بوت باحتلال المبنى وإحاطته بالأسلاك الشائكة وامتلأ المكان بغرف التعذيب، وكان سجناً ومركز استجواب ما بين 1975 و 1979.
وسجن فيه ما لا يقل عن 17 ألف شخص، ولا يزال العدد الحقيقي للسجناء غير معروف بدقة، ومن بين نحو 17 ألف سجين من جنسيات مختلفة لم ينجو سوى 12 شخص فقط. ويُقدر عدد ضحايا الإبادة الجماعية في ظل نظام الخمير الحمر في ما بين 1.4 و 2.2 مليون شخص.
2. بيت الرعب، المجر
يقع متحف “بيت الرعب” أو Terror Haza في العاصمة المجرية بودابست، ويؤرخ لفترتين دمويتين في التاريخ المجري، ويُذكر بالضحايا الذين قتلوا وعُذبوا في هذا المبنى خلال حكم الأنظمة الفاشية والشيوعية.
كما يعرض المتحف أيضاً معروضات تتعلق بالمنظمات المجرية الفاشية وجهاز المخابرات المجري AVH الذي أنشئ على غرار جهاز “الكي جي بي” الروسي، كما يوجد في الطابق السفلي من المبنى نماذج من الأجهزة التي استخدمتها المخابرات لتعذيب السجناء.
3. متحف “أوشفيتز بيركيناو” في بولندا
يقع معسكر “أوشفيتز” Auschwitz-Birkenau State Museum في بلدة أوشفيتشيم، القريبة من مدينة كراكوف البولندية، حيث أقام النازيون أكبر معسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية.
عُرف المعسكر، المدرج ضمن التراث العالمي للإنسانية من منظمة اليونسكو، كأكبر معسكر للموت في تاريخ العالم، وضم نحو أربعين معسكراً فرعياً ومخيماً. ويمكن للزوار مشاهدة 16 مبنى من طابق واحد كانت بمثابة مباني للرعب قديماً حيث كانت توجد غرف التعذيب والزنازين المظلمة وما يُعرف بغرف الغاز. وتشير بعض التقديرات إلى مقتل مليون شخص في أوشفيتز أغلبهم من اليهود بجانب أعداد من البولنديين والسجناء الروس.
4. متحف الفصل العنصري، جوهانسبرج ـ جنوب أفريقيا
أثناء زيارتك لمتحف الفصل العنصري Apartheid Museum والمعروف باسم “الأبارتيد” أو “الأبارتهايد” في جونهاسبرج يمكنك أن تشعر بسوء سياسة الفصل العنصرى التي طبقها الحزب الوطني لجنوب أفريقيا بين عاميّ 1948 و 1994 في جنوب أفريقيا.
ووفقاً لقانون الفصل العنصري، فقد تم تقسيم السكان إلى أربعة مجموعات: سود، بيض، آسيويين، وملونين أي ذوي الأصول المختلطة. ولتذكير الزوار بفظاعة فكرة الفصل والنبذ على أساس العرق واللون يُصنف زوار المتحف حالياً إلى بيض وغير بيض، ويدخل كل عرق من بوابة مخصوصة.
وهناك عدد من المعروضات الرمزية الخاصة بهذه الفترة مثل الصور الفوتوغرافية ووثائق حول الانقسامات العرقية، وقوانين الفصل العنصري، وصور من الحياة في جنوب أفريقيا حينها، وبعض الأقفاص والمشانق التي شهدت إعدام المعارضين السياسيين، وفي واحدة من ساحات المتحف توجد كومة من الحصى يُمكن للزوار أن يضعوا حصاة كتعبير عن تضامنهم مع ضحايا الفصل العنصري.
5. مركز مورامبي التذكاري للإبادة الجماعية في رواندا
خلال الإبادة الجماعية التى جرت عام 1994 بين الهوتو والتوتسي في رواندا قُتل حوالي 20٪ من مجموع السكان في رواندا، أي ما بين 500 ألف ومليون شخص، وهذا الموقع في أحد المدارس الفنية في مورامبي واحد من المواقع والنصب التذكارية التى في رواندا لتُذكِّر الناس بهذه المذابح المروعة.
وتعود قصة المذبحة التي جرت في المكان إلى شهر أبريل عام 1994 حين أرادت جموع من قبائل التوتسي قُدرت بنحو 65 ألف شخص الاختفاء من عمليات القتل التى كانوا يتعرضون لها على يد الهوتو سعوا للاختفاء في الكنيسة، ولكن الأسقف والعمدة خدعوهم بتوجيههم إلى الاختباء في المدرسة، وتعرض المبنى لهجوم الهوتو وقُتل 45 ألف شخص كما قُتل معظم من تبقى وخطط للهرب في اليوم التالي. وحالياً تمثل المدرسة مركز تذكاري لضحايا الإبادة الجماعية Murambi Genocide Memorial Centre وفيها آلاف الجثث المحنطة للضحايا.
6. متحف هيروشيما التذكارى للسلام ـ اليابان
في الثامنة والربع من صباح يوم السادس من أغسطس عام 1945، أسقطت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما اليابانية، واحدة من أكبر المدن في اليابان ودخلت التاريخ باعتبارها أول مدينة تم تدميرها عن طريق سلاح نووي، وأدت القنبلة إلى مقتل نحو 80000 شخص، وتسببت في وفاة 60000 شخص اخر بعد التفجير بشهور، وذلك بسبب الإصابات والإشعاع، كما تم تدمير حوالي 70٪ من المباني تدميراً كاملاً.
وبعد هذه السنوات، يذكر متحف هيروشيما للسلام Hiroshima Peace Memorial Museum بهذا الحدث الرهيب في تاريخ الإنسانية، ويلعب دوراً كمركز للسلام. تشمل معروضات المتحف معلومات عن دور المدينة في الحرب، ومعلومات عن التفجير وآثاره من خلال عدد كبير من التذكارات والصور. والمتحف جزء من حديقة ومجموعة من المتاحف والنصب التذكارية، وتُقام فيها الاحتفالات السنوية لمواساة ضحايا التفجيرات الذرية.