ارتبطت شُهرة مدينة “برشلونه” بـ “نادي برشلونه لكُرة القدم”، وهو نادي الدّوري الإسباني الشهير الذي يُعتبر واحدًا من ثلاثة أندية لم تهبط درجتها قط مُنذ تأسس عام 1899م. ومن مُنطلق عشق ملايين الشباب حول العالم لمُتابعة مُباريات كُرة القدم؛ صار هذا العشق الرّياضي صوتًا إعلاميًا مُباشرًا ينشر اسمها ويُضيف إلى شُهرتها شُهرةً في مُختلف بقاع الأرض.
وبعيدًا عن شُهرتها الرّياضيّة، تعتبر تلك المدينة الواقعة على شاطئ البحر المُتوسّط المدينة السياحية الأولى في إسبانيا، كما يُعد ميناؤها أهم ميناء على شاطئ البحر المُتوسّط، لا سيّما مع تمتّعها بجو مُعتدل، وأراضٍ خصبة، وأمطار مُستمرّة تهيء بيئتها للزراعة الكافية للاستهلاك المحلّي والتصدير، الأمر الذي جعل منها إحدى أحب المُدن لذوق رجال الأعمال في الشرق الأوسط وأثرياء المنطقة العربيّة الذين يمتلك بعضهم قصورًا خاصّة على أرضها.
يُحكى أنّ “هاملسار بارسا” والد القائد القرطاجي الشهير هانيبال/حنبعل أسس مدينة برشلونة في مكانها الحالي. وخلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد ضمها الرومانيون إلى مملكتهم واتخذوا من المنطقة حصنا أو مخيما لجيوش الدولة، ثم احتلها القوط الغربيون عام 405م قبل أن يفتحها المسلمون في القرن الثامن الميلادي بعد انتصارهم في معركة “وادي لكّه”، ويستردها “لويس شارلمان عام 801م. وفي القرن التاسع عشر الميلادي نمت المدينة إبّان الثورة الصّناعيّة، لتكون مركزًا للعديد من الصناعات التجاريّة.
الحي القوطي وشارع لارامبلا:
لا شك بأنّ “الحي القوطي” و “شارع لارامبلا” من أهم الأماكن وأكثرها استحقاقا للزيارة في برشلونة. إذ يُعتبر “شارع لارامبلا” من أشهر الشوارع البرشلونيّة لتميّزه بكابينات الورود التي يستنشق المارّة عبيرها السّاحر، وأجمل المحلات ومعارض الهدايا التذكاريّة والمطاعم المُصطفّة على جانبيه في تنافسٍ شديدٍ يدفع أكثرها لتوظيف “نادل” يقف على باب المطعم لدعوة المارّة بوسائل إعلانيّة جذابة، كما يُعتبر هذا الشارع من أفضل الشوارع للسكن والإقامة بالنسبة لمن يقصدون المدينة للسياحة. في حين تُعتبر ساحة “كاتالونيا” قلب برشلونة النابض، مثلما يُعتبر سوق “الكورت أنجليس” أحد أشهر أسواقها.
وتشتهر برشلونة بعددٍ كبيرٍ من المتاحف، والأسواق، والمباني القديمة المنتصبة في “الحي القوطي” العريق ب كاتدرائيته الكبيرة، ومبنى بلديّته القديم، ومن خلال جولة في هذا الحي يستطيع السائح التعرّف إلى تاريخ برشلونة القديم بصورة حاضرٍ يتنفّس الحياة، إلى جانب الاطلاع على عدد من أجمل أعمال المُهندس المعماري العالمي “أنطونيو غاودي” الذي خلّف وراءه أروع المباني البرشلونيّة مثل: كاتدرائيّة “العائلة المُقدّسة“، حديقة “غويل”، قلعة بالا “غويل” الواقعة في نهاية شارع لارامبيلا، ومنزل “كازا ميلا” الذي تمّ بنائه بشكل مجوّف يُتيح للسائح الصعود لسطحه للاستمتاع بروائع المعمار القوطي، و “كازا باتلو” الذي يُعتبر أحد المباني الرّائعة شمال ساحة كاتالونيا،و “صالة باولو للموسيقى” التي تمّ بناؤها عام 1905م، ثمّ تطويرها لتتسع لأكثر من 2000 شخص و 184 عازف في الوقت ذاته. و مُتحف برشلونة للفنون المُعاصرة المُسمّى بـ “مكابي”، والذي تم تأسيسه عام 1995م ليحتضن أعمال نخبة من فنّاني القرن العشرين منهم “بيكاسو” و “سلفادور دالي”. و “مُتحف بيكاسو” الذي يُعتبر أكثر متاحف برشلونة استقبالاً للزوّار من حيث العدد. ولا يسع الرّحلة أن تكتمل إلا بزيارة “سوق لابوكوريا” الشهير بكونه من أقدم أسواق الأغذية من فاكهة، وخضروات، ولحوم، وحلويات في برشلونة وأجملها. وبعد هذا السوق مُباشرة تقع أوبرا “ليثيو” التي احترقت مرّتين من قبل، ثمّ انفجرت بقنبلة، وأخيرًا تمّ تجديدها لتصبح واحدة من أهم وأجمل المزارات في برشلونه.
يُمكن للسائح كذلك الاستمتاع بالتجوّل في “حديقة الأسماك” الواقعة على الميناء البرشلوني “بورت فيل”، وتضم تلك الحديقة التي تأسست عام 1996م أكبر أحواض الأسماك في أوروبا قاطبة. يبلغ عدد أحواض الأسماك مختلفة الأحجام فيها حوالى 21 حوضًا تبدو منها نماذج مُتعددة الأشكال والألوان من الأسماك، والديدان البحريّة، والشعب المرجانيّة، وصولاً إلى أسماك القرش هائلة الحجم. أمّا محبّي حدائق النباتات فبوسعهم زيارة حديقة “كوستا إي ليلو بيرا”؛ حيث تنتظرهم نباتات تم جلبها من كينيا وإثيوبيا والمكسيك.
التسوّق في برشلونة:
تفتح معظم المحلات أبوابها من يوم الإثنين إلى السبت أسبوعيًا، وتحديدا من التاسعة والنصف صباحًا حتّى الواحدة والنصف بعد الظهر، ثمّ تعاود فتحها من الخامسة مساءًا حتى الثامنة. ويُمكن الدّفع للمحلات والمعارض التجاريّة الكُبرى بواسطة بطاقة إحدى بطاقات الائتمان واسعة الشهرة، بينما لا تقبل المحلات الصغيرة إلا بالدفع نقدًا.
المواصلات في برشلونة:
تملك المدينة شبكة حافلات ممتازة، وشبكة قطارات تحت أرضيّة سريعة (مترو)، كما يُعتبر مطار برشلونة الجوّي من أحد اهم عشرة مطارات ازدحامًا في أوروبّا، وتُعدّ شركة آيبيريا هي شركة الخطوط الوطنيّة في إسبانيا بأسرها. و قد يكون ركوب “الباص السياحي” الذي يأخذ السائح في جولة عامّة بين أرجاء المدينة من أظرف المُغامرات، إذ يجتاز أهمّ الأماكن السياحيّة البرشلونيّة كالقرية الإسبانيّة، والمتحف الوطني، وحديقة الحيوانات، وحوض الأسماك، والحي القوطي، ومتحف تاريخ كاتالونيا بسعر 10 يورو لليوم الواحد، و 18 يورو لليومين، مع تخفيض خاص للأطفال. يجتاز الباص شوارع المدينة ليتوقف عند كُلّ معلمّ من معالمها، ويستطيع السائح النزول عند توقفه لزيارة المعلم، وما أن يخرج إلا وقد جاء باص آخر ليركب معه بنفس التذكرة السابقة ويتابع الرّحلة. مع وجود مرشد سياحي باللغتين الإسبانيّة والإنجليزيّة للحديث عن المعالم وإرشاد السيّاح والرّد على استفساراتهم.
شكرا صور جميله