حدائق بابل المعلقة هى الأكثر إثارة للجدل بين جميع عجائب الدنيا السبع القديمة، فبعض علماء الآثار شككوا أصلاً في وجودها، و لكن بعد اكتشاف بعض الأطلال فى العراق وحديث المؤرخين القدامى زاد الاعتقاد بوجودها يوماً.
بُنيت الحدائق تقريباً عام 600 قبل الميلاد، والتي تُعرف أيضاً بحدائق “سميراميس” المعلقة. تختلط الحقيقة بالأسطورة في قصة حدائق بابل المعلقة، وما يُذكر دوماً أن أشهر ملوك الدولة البابلية الحديثة “نبوخذ نصر” بناها لزوجته الملكة “أميهيا”، والتي أتت من بلد تسمى “ميديا” ومكانها الحالي شمال غربي إيران، كانت مشهورة بحدائقها الخضراء وزروعها الدائمة الخضرة. وعندما تزوجت الملك وانتقلت إلى “بابل” رأت أمامها أرض صفراء منبسطة بلا أثر للخضرة فأحست بالوحشة والاشتياق، فقام الملك ببناء الحدائق خصيصاً لها.
وقد استخدم الملك لبناء هذه الحدائق الأسرى الذين جلبهم من بلاد الشام في ذلك الوقت وجعلهم يعملون ليل نهار، ويُوثق تمثال كبير في المتحف العراقي تلك الحادثة لكنه سُرق خلال الاحتلال الأمريكي للعراق.
وزُرعت في حدائق بابل جميع أنواع الأشجار، والخضروات والفواكه والزهور، وكانت مثمرة على مدار العام بسبب تواجد الأشجار الصيفية والشتوية، ووزعت فيها التماثيل في جميع أنحائها. ويشيع في وصف الحدائق أنها من جمالها وروعة منظرها، كانت تدخل المرح والسرور إلى القلب بمجرد النظر إليها.
يفترض بعض العلماء أن حدائق بابل بُنيت بالقرب من الضفة الشرقية لنهر الفرات، على بعد حوالى 50 كيلومتر إلى الجنوب من بغداد، وهناك نظرية حديثة تقترح أن الملك الآشوري سنحاريب بناها في مدينة “نينوى” على ضفة نهر دجلة.
ووصف سترابو، المؤرخ والجغرافي اليوناني، حدائق بابل المعلقة في القرن الأول قبل الميلاد بأنها تتألف من مدرجات مرتبة فوق بعضها، على شكل مكعب مجوف، وأرضيتها من الداخل عبارة عن أرض طينية للسماح للأشجار بالنمو والازدهار. وأضاف أن الصعود إلى أعلى كان يتم بواسطة سلالم مدرجة منحوتة من الأحجار، وإلى جانبهم محركات المياه التى كانت تستخدم فى رفع المياه من نهر الفرات الى الحديقة.
وقدر سترابو طولها بنحو ثلاثين متراً، وعرضها بثلاثين متراً، وبلغ ارتفاع القبو العلوي، وهو أعلى أجزاءها، حوالي اثنين وعشرين متراً ونفس مستوى ارتفاع الجدران في المدينة. أما أهم ما أشار إليه، وربما هو الأكثر إثارة للإعجاب، أن الحدائق لم تكن تسقط عليها الأمطار بكثرة تسمح بنمو كل هذه الاشجار والنباتات، لذلك استطاعوا أن يرفعوا المياه كل هذه المسافة إلى أعلى من نهر الفرات حتى يتمكنوا من سقي النباتات في كل مستوى. و كانت هذه مهمة هائلة نظرا لعدم وجود محركات حديثة ومضخات الضغط في القرن الخامس قبل الميلاد.
ويعتقد علماء الآثار والمؤرخين أن حدائق بابل المعلقة لم تدمر بسبب زلزال، ولكن بتأثير عوامل أخرى كالتآكل بسبب عوامل الطبيعة والحروب، وربما تهاوت تحت تأثير الطقس أو بسبب غزو خارجي مما أدى إلى اختفاءها لما يزيد عن 600 أو 700 سنة إلى أن وُجدت أسوارها وبعض بقاياها حديثاً.
ومن أهم ما تبقى من بابل القديمة، التي وصفها المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت بقوله: “بابل تفوق في العظمة أي مدينة معروفة في العالم”، بوابة عشتار عند نهاية شارع “المواكب” ببعض زخارفها التي ترمز لآلهة بابل القديمة، من الثور رمز إله العواصف، والتنين والأسد والنسر. ويُذكر أن زخارف التنين والأسود (رمز عشتار) التي تزين بوابة القصر وشارع المواكب قد تم الاستيلاء عليها من قبل البعثة الألمانية قبل الحرب العالمية الأولى وإعادة تركيبها في متحف البرغامون في العاصمة الألمانية برلين. وكذلك أسد بابل وهو أكبر التماثيل المنحوتة من البازلت وكان رمزاً للآلهة عشتار.
وبالرغم من أن الاختلاف مستمر حول حدائق بابل وبقية أطلالها إلى أن يُحسم باكتشاف أثري أو أبحاث أخرى، تظل حدائق بابل المعلقة بكل ما يحيط بها من قصص حاضرة في الخيال والأعمال الأدبية والسينما، وواحدة من عجائب الدنيا القديمة.