في جميع المدن السياحية الكبرى نشاهد العديد من المسافرين يختارون حافلات Hop-on Hop-off في جولة حول المدينة للتعرف عليها للمرة الأولى بشكل تمهيدي سريع، وبقدر ما يبدو للفكرة من بساطة وسطحية تجعل السائح لا يستمتع كثيرا، إلا انها وسيلة مفيدة للحصول على نظرة جيدة عندما تكون الزيارة للمرة الأولى.. هناك ايضا فكرة أخرى تعتبر بمثابة البديل وهي ركوب الدراجات. فهل فكرت فيها؟؟
ثورة ركوب الدراجات تجتاح الكثير من دول العالم في كل القارات وليس فقط في أوروبا التي أصبحت جد معروفة بهذا الأمر نظرا لما أصبحت تشكله حركة السيارات من ضغوطات على الناس. تقول مارثا روسكوفسكي ، مديرة مشروع غرين لاين (الممر الأخضر) أن الممرات التي تتوفر على حاجز بين الدراجات والسيارات أكثر أمانا بالفعل، ولكنها أيضا “تجعل المدن أماكن أفضل للعيش وللعمل..”
في قارة آسيا مثلا، خصصت تايوان مسافة 3 آلاف ميل من مسارات الدراجات؛ بينما شهدت أمريكا اللاتينية تتويج بوغوتا عاصمة كولومبيا ملكة ركوب الدراجات في القارة، وفي الولايات المتحدة تم بيع 19 مليون دراجة العام الماضي في مشهد جديد للحب الأمريكي للدراجات الهوائية ، وحتى في قارة إفريقيا خصصت السلطات الناميبية ممرات للدراجات في سواكوبموند في قلب صحراء ناميبيا.
رغم أن الدراجات هي جزء من الحياة اليومية في أجزاء من العالم، إلا أنها اصبحت وسيلة نقل سياحية وعاملا من عوامل الجذب السياحي في بعض الدول التي ترمي جهودها إلى التقليل من أهمية حركة السيارات مثل الدانمارك وهولندا، فمدينة أمستردام مثلا عدد الدراجات لديها اكثر من الناس.
هل الدراجة أفضل وسيلة داخل المدينة؟
هناك أسباب لو تفكر فيها قليلا ستجد أنك ستحب ركوب الدراجات في المدن السياحية، فالدراجة أفضل الطرق للتعرف على المكان ومشاهدة معالمه، أسرع من المشي ومن عربة الخيل أيضا، وتستطيع التوقف في كل مكان لالتقاط الصور، كما يسمح ركوب الدراجة بالوصول إلى الجانبين من المدن، وبالدوران حول ساحة مركزية لالتقاط صور متعددة الزوايا، وهو ما لا يمكن توفيره سوى بالمشي أو ركوب الدراجة التي تعتبر أسرع.
هي أيضا أكثر متعة من وسائل النقل العامة فلن تضطر إلى انتظار الآخرين حتى تمتلئ الحافلة أو الوفد السياحي حتى تنطلقوا معا كما أنك لن تضطر إلى التقيد بمسار معين تسير فيه الوسائل العامة أيضا، فالحافلات والترامواي مقيدة بمسار وزمن معينين، كما أن مترو الأنفاق سيفوت عليك الكثير.
شيء آخر يجعل الدراجة أفضل، هي أرخص من سيارات الأجرة أو تأجير سيارة خاصة، ناهيك عن أنها أفضل للبيئة وأفضل لصحتك. فهل هناك أفضل من السياحة وبعض من الرياضة في نفس الوقت، إن كنت رياضيا تكون قد وفرت على نفسك ساعة أخرى من الركض أو في قاعة رياضية متعددة، كما أنك غيرت جو رياضاتك المحبوبة.
لا بد أن تتيقن أنك بواسطة الدراجة سوف ترى أشياء لم تكن تعرف أنها موجودة، ولا توضع في الخرائط نظرا لعدم أهميتها بالنسبة لمعالم أخرى، لكنك ربما ستحبها اكثر وسوف تكون مميزا بأنك وجدت مثل هذه الأشياء، سوف تتعرف إلى بعض الناس والعادات والمهارات أيضا، الصيادون على ضفاف النهر، البائعون المتجولون، أشياء أخرى لا يمكن حصرها ولا التكهن بها حتى تفاجئك في مسارك.
البعض يسافرون إلى مدن كثيرة كل عام في إطار علاقات عمل أو دورات تدريبية أو إلقاء محاضرات ولكنهم مقيدون بالزمن ولا يستطيعون التمتع بساعات من مشاهدة المعالم إلا قليلا، كما أنهم ربما لن يستطيعوا العودة إلى تلك المدينة مرة أخرى، سيكون قد فاتهم الكثير لمشاهدته، والكثير من الذكريات ربما يمكن تخليدها بمجرد المرور بالدراجة الهوائية من الفندق إلى مكان العمل والتمهل عند العبور بالمعالم المهمة.
بقي فقط أن تتعلم ركوب الدراجة إن كنت لا تفعل، تحمل معك خريطة المدينة الجديدة التي أنت فيها، وتنطلق بين السكان المحليين تسير كما يسيرون وتعايش ما يعايشون، تمارس بعضا من الرياضة، تشاهد المعالم السياحية، وتخلد ذكرياتك في كل أنحاء المدينة.