“للتميّز عنوان!”.. هذا ما تنطق به مُختلف أوجه الحياة في أوروبا وأمريكا مُقارنة بغيرهما. ويبدو أنّ هذا التميّز قد وصل إلى متسوّليها ومشرّدي شوارعهما ليُعلنوا عن أنفسهم بطريقة لا تخلو من الطرافة والذكاء مُترفّعين عن الاكتفاء بطرق تسوّليّة قديمة تحطّ من شأنهم، كالتباكي ومد اليد وملاحقة السيّارات والرّكض وراء هذا والإلحاح بالدعاء لتلك في سبيل الحصول على القليل مقابل الكثير مما يريقونه من ماء وجههم أمام المواطنين والغرباء مُستهدفين السيّاح منهم على وجه الخصوص. إذ يتّبع مُتسوّلو أوروبا وأمريكا وسيلة إعلانيّة طريفة عن وجودهم تكمن في طلب المال عبر لافتة صغيرة يصنعونها من أيّة ورقة تصلح لهذا الغرض كعلبة كرتونيّة لحذاء قديم أو علبة بيتزا، ويضعون إلى جوارهم إناءًا صغيرًا لاستقبال ما يُلقي به المُحسنون من أموال، وقد يضع أحدهم ساقًا على أخرى أو يطالع كتابًا شيّقًا أثناء وقت التسوّل على طريقة “اثنين في واحد” و “عصفورين بحجر”.
الأطرف من ذلك هي تلك العبارات المكتوبة على تلك اللافتات الكرتونيّة المُلفتة لاهتمام الغرباء من زوّار تلك البلدان على وجه الخصوص، فمنهم من كتب على لافتته: “زوجتي خُطفت، وأحتاج إلى98 يورو لاستكمال مبلغ الفدية”، وآخر كتب: “لماذا أكذب؟ أنا أحتاج بعض المال لشراء بيرة مثلّجة”، بينما أعلن آخر على لافتته: “مُتسوّل يحتاج الزّواج من امرأة ثريّة”.. وأفصح غيره: “لنتناول الغداء.. وأنت تدفع”.. “اختطف الننينجا عائلتي.. أحتاج نقودًا لأجل دروس الكاراتيه”..” النينجا قتلت عائلتي.. أحتاج نقودًا لأجل تعلّم الكونغ فو”.. بينما اعترف أحدهم: “كسول جدًا عن العمل.. جبان جدًا عن السّرقة.. ساعدني!”.. “أراهنك على دولار واحد أنك ستقرأ هذه اللافتة”.. وهكذا..
وبينما يتساءل بعض الأوروبيين والأمريكيين عن الأسباب التي جعلت أشخاصًا يمتلكون مثل هذه المقدرة على الإبداع والابتكار يفقدون فرصهم في العمل ويتحوّلون إلى مُشرّدين، يتمنّى بعض سكّان البلاد النامية اقتصاديًا ومُجتمعيًا أن يسير المتسوّلين فيها على هذا النهج الطريف في التسوّل، ضمانًا لعدم مُطاردة السائرين في الشوارع، وعرقلة السير المروري، وتصدير صورة سياحيّة مُقززة عن بلادهم إلى غيرها من البلدان.